لا يزال الكثير من المعارضين خاصة فى الخارج يبحثون عن معلومات تشكك فى أن الاتفاق المصرى الإسرائيلي الخاص بالغاز، ليس فى صالح الدولة المصرية وأن جمهورية مصر العربية ليست بالمستفيدة وأن إسرائيل هى المستفيد الوحيد وإننا بهذا الاتفاق نخدم مصالح العدو.
حاول البعض أن يبحث عن مقارنات بين أسعار الغاز الإسرائيلي الذى سيمر من جمهورية مصر العربية إلى القارة الأوروبية، وأسعار الغاز القادم من روسيا، وبعض المواقع التى تصدر من داخل الدولة المصرية تخرج بتقارير ساخنة عن كواليس صفقات الغاز المصرية الإسرائيلية وتتجاهل تماما حتى فرصة أن تكون هناك جوانب إيجابية في الأمر والاكتفاء بالتركيز فقط على الجوانب السلبية والتى تحمل تلميحات خبيثة للسياسة العامة للدولة المصرية، بهدف التشكيك فى النظام الحالى وصولا فى النهاية إلى أن يتم التشكيك فى قدرة النظام الحالى وأنه لا يعمل لصالح المواطن المصرى بقدر ما يعمل لصالح العدو.
الواقع أن هناك إصرارا وترصدا من هؤلاء الممولين مفتقدي الرؤية على تشويه صفقة كبيرة ومهمة، لها تأثير إيجابي على الاقتصاد وزيادة معدلات النمو، وتعتبر مصدر جديد للعملة الأجنبية مثله مثل إيرادات قناة السويس والسياحة، بالإضافة إلى تفادى إجراءات تنفيذ حكم التحكيم الدولي الصادر ضد جمهورية مصر العربية الذي ألزمنا بدفع تعويضا قدره مليار وستة وسبعون مليون دولار لشركة الكهرباء الإسرائيلية بسبب توقف ضخ الغاز المصرى عقب ثورة 25 يناير حيث بدأت الأزمة بدأت منذ فبراير 2011، عندما سجل أول انفجار لخط أنابيب نقل الغاز الذى يربط بين العريش ومدينة عسقلان الإسرائيلية مما أدى في نهاية الأمر إلى إلغاء العقد المبرم بين الطرفين عام 2012، وكانت إسرائيل قد زعمت بأن تقدير الخسائر التي أصابتها يصل إلى ما يقرب من خمسة عشر مليار دولار مضيفة أنه بعد نقص الغاز ارتفعت أسعار الكهرباء فى إسرائيل بأكثر من 30%، وبالتالى انعكس مبلغ التعويض فى تخفيض تعريفة الكهرباء للجمهور.
المؤكد أن هؤلاء مفتقدي الرؤية والممولين سواء كانوا فى الداخل أو الخارج، لا يستطيعون أن ينطقوا بحرف ليس على هوى مموليهم، يتعمدون تشويه الانتصار السياسى والاقتصادى الذى تحققه الدولة المصرية على أعدائها جميعا في المنطقة وخاصة عدوها التقليدى الذى أصبح مجبرا على ربط مصير أجياله ومستقبله بالدولة المصرية " عدوه التقليدي "، وهو ما يعطى للدولة المصرية سلطة اقتصادية وسياسية تمكنها من إدارة عددا من الملفات لصالحها.
بكل صلف يفسر هؤلاء الممولون هذه الثقافة بأن النظام الحالى يقوم بتحويل الصراع العربي الإسرائيلي، لصالح إسرائيل ولا يريدون أن يروا أن هذا التحول أصبح فى صالح جمهورية مصر العربية والعرب، لأنه لأول مرة تجبر إسرائيل على التنسيق والتعاون العلنى والمباشر وبكل ندية مع أحد الأطراف العربية منذ إنتصار أكتوبر، وفى ملف شديد الأهمية والخطورة مثل ملف الطاقة.
أتفهم جيدا أن أغلب الممولين أصبحوا هاربين فى الخارجين يجمعون الأموال الطائلة على حساب قضايا وطنهم بعدما قبلوا أن يعيشوا فى الخارج ويتحولوا لأدوات لدى دول أجنبية وأجهزة مخابرات معادية لوطنهم، ولكن ما لا يجب السكوت عليه الإبقاء على هؤلاء الممولين الذين يصدرون آراء خاطئة واستنتاجات غير حقيقية من داخل جمهورية مصر العربية ويعيثون فسادا للإضرار بالأمن القومي المصري.
حقا لقد أصبح وجود هؤلاء الممولين عبئا ثقيلا علينا جميعا، حيث يسعون لتشويه أى إنجاز يتحقق، يسعون لنظل جميعا فى دوامة الخراب واليأس وفقدان الأمل التى كنا عليها تحت حكم الجماعة الإرهابية.
إن الحجب ليس حلا قاطع للتعامل مع هؤلاء، بل يجب أن يكون هناك حلا جذريا للتخلص من هذا الورم الخبيث فى المجتمع، ويكفينا الالتفات للتحديات الاقتصادية التى تواجهنا فى هذه المرحلة، لنخرج من مرحلة التحول الاقتصادى مطمئنين على مستقبل أبنائنا.