تشكل دعوة حركة طالبان الأفغانية الأخيرة لبدء مباحثات سلام مع الولايات المتحدة ، تطورا سياسيا لافتا في مسار الأحداث في أفغانستان لاسيما أنها تأتي بعد نحو 17 عاما من الحرب الدامية الدائرة بين القوات الأمريكية ومقاتلي الحركة دون أن يتمكن أي من الطرفين من تحقيق الانتصار الحاسم فيها حتى الآن.
ولطالما كان إقناع طالبان بإلقاء السلاح والجلوس إلى مائدة المفاوضات ، هدفا سعت الولايات المتحدة وحلفاؤها لتحقيقه على مدى السنوات الماضية دون جدوى سواء عبر الضغوط والوسائل العسكرية أوبالإغراءات والمناورات السياسية.
ومن هنا فإن الموقف الأخير لطالبان في هذا التوقيت تحديدا ، يثير تساؤلات عديدة بشأن دوافعه وما إذا كانت الدعوة للتفاوض مع الولايات المتحدة مجرد مناورة تكتيكية من قبل طالبان لكسب مزيد من الوقت لتنظيم صفوفها وتخفيف الضغط العسكري الأمريكي عليها ، ولإحراج إدارة الرئيس دونالد ترامب التي أعلنت عن تعزيز وجودها العسكري في أفغانستان ، أم أن هذا الموقف قد يعكس تحولا استراتيجيا في سياسة طالبان بعد أن توصلت أخيرا إلى قناعة بأنها لن تحسم المعركة العسكرية مع الجانب الأمريكي وأنه لا مفر من الجلوس إلى مائدة التفاوض لإيجاد تسوية سلمية للأزمة الأفغانية التي طالما أمدها بعد ؟.
ربما لا تكون هذه المرة الأولى التي تعلن فيها طالبان عن رغبتها للحوار مع الولايات المتحدة للتوصل لحل سلمي فقبل نحو أسبوعين أصدرت طالبان بيانا مماثلا قالت فيه : إنها تفضل حل المشكلة الأفغانية من خلال الحوار السلمي لكن اللافت في هذه الدعوات أنها وجهت خطابها للجانب الأمريكي دون غيره لبدء مفاوضات مباشرة بين الجانبين للتوصل إلى تسوية وهو ما يظهر عدم رغبتها في إجراء مفاوضات مع الحكومة الأفغانية كما تريد واشنطن حيث ترى الحركة أن هذه الحكومة مجرد تابع للولايات المتحدة.
توقيت دعوة طالبان للحوار مع واشنطن ، يبدو لافتا للغاية ولا يخلو من عناصر مفاجأة إذ أنها جاءت بعد حوالي أسبوعين من زيارة قام بها جون سوليفان نائب وزير الخارجية الأمريكي لشؤون جنوب آسيا إلى أفغانستان والتي أعلنت الخارجية الأمريكية بعدها أن طالبان ليست راغبة في الجلوس إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق سلام لكن الجانب الأمريكي ،رغم ذلك، ترك الباب مواربا لاحتمال إقناع الحركة بالدخول في عملية السلام.
عنصر المفأجاة الآخر في توقيت الدعوة يرتبط أيضا بتطورات الأوضاع الأمنية والميدانية في أفغانستان ، إذ أن إعلان طالبان استعدادها للتوصل إلى حل سلمي للأزمة يأتي بعد أسابيع من تصاعد الهجمات الدامية التي شنها مقاتلو الحركة ضد مواقع ومقار مدنية وعسكرية أفغانية وأمريكية في العاصمة الأفغانية كابول وسقط خلالها عشرات القتلى في صفوف العسكريين والمدنيين الأفغان كما أنها تأتي في ظل اتساع سيطرة الحركة على مساحات كبيرة من البلاد.
كما يأتي هذا الموقف في وقت تشهد فيه الأزمة الأفغانية تحركات وجهود دولية وإقليمية حثيثة لوضع حد للحرب الدائرة هناك ، وكذلك بعد أسابيع من إعلان روسيا ، المنافس التقليدي للولايات المتحدة على النفوذ في جنوب شرقي آسيا ، استعدادها لاستضافة مفاوضات مباشرة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان وهو الأمر الذي رفضته واشنطن.
وقد كان لافتا أن البيان الأخير لطالبان خلا من أية إشارة لضرورة مغادرة القوات الأجنبية للأراضي الأفغانية ، وهو الشرط الذي كانت تضعه طالبان مسبقا للقبول بالدخول في أية مفاوضات سلام مع الحكومة الأفغانية ، حيث اكتفى البيان بتأكيد أن نجاح هذه المباحثات يتطلب قبول الولايات المتحدة "للمطالب المشروعة للشعب الأفغاني وعرض مخاوفها وطلباتها للنقاش مع الإمارة الإسلامية (طالبان)".
وأكد البيان الذي حمل توقيع"المكتب السياسي لإمارة طالبان الإسلامية " (اسم نظم طالبان السابق) أنه لا حل عسكريا في أفغانستان .. فالاستراتيجيات العسكرية التي تمت تجربتها مرارا في أفغانستان خلال الـ17 عاما السابقة أدت فقط إلى حرب شديدة وطويلة وهذا ليس في مصلحة أي طرف.
وبينما اعتبرت طالبان أن بيانها جاء ردا على تصريحات أليس ويلز نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون جنوب ووسط آسيا مؤخرا بأن الولايات المتحدة تبقي الباب مفتوحا أمام حركة طالبان للحوار، لا يستبعد محللون أن تكون رسالة حركة طالبان الأخيرة مجرد مناورة لتعزيز موقف الرافضين داخل الإدارة الأمريكية لزيادة القوات الأمريكية في أفغانستان كما أنها ربما تكون بهدف محاولةً خلق انقسام بين الحكومتين الأفغانية والأمريكية.
وتتبنى الإدارة الأمريكية الحالية استراتيجية تتسم بالغموض تجاه حركة طالبان فبينما أعلنت عزمها على هزيمة طالبان عسكريا ، بعثت في المقابل برسائل للحركة تبدى فيها استعدادها لإجراء اتصالات معها .. لكن واشنطن تصر ، علنا على الأقل ، أن تكون تتولى الحكومة الأفغانية مهمة جميع المفاوضات الرسمية ، وهو ترفضه الحركة التي تفضل أن تكون المباحثات مباشرة مع الطرف الأمريكي وليس وكلائه المحللين في كابول.
وفي مقابل من يرى في دعوة طالبان للحوار مع الولايات المتحدة ، مناورة سياسية لكسب الوقت وتخفيف الضغط العسكري على مقاتليها ولإحراج الإدارة الأمريكية وإظهارها بمظهر الرافض لدعوات السلام ، يعتقد أخرون أن هذه الدعوة تعكس قراءة جيدة من قبل قيادة الحركة لتطورات الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية ومحاولة للاستفادة من هذه التطورات.
فعلى المستوى المحلي يأتي موقف طالبان في وقت تواجه القوات الأمريكية والأجنبية في أفغانستان مأزقا أمنيا كبيرا على الأرض في ظل الخسائر في صفوف هذه القوات نتيجة الهجمات التي يشنها مقاتلو طالبان والتي باتت تسيطر على مساحات كبيرة من الأراضي الافغانية.
وعلى صعيد الكلفة المالية للحرب الأمريكية في أفغانستان ، توقع السيناتور الأمريكي عن الحزب الجمهوري راند بول أن تبلغ تكلفة هذه الحرب خلال عام 2018 نحو 45 مليار دولار ..وهذه نقطة صارت طالبان تستغلها بذكاء لدى الرأي العام الأمريكي لحثه على الضغط على حكومته.
ويبلغ عدد القوات الأمريكية في أفغانستان حاليا نحو 8400 جندي إلى جانب 5000 جندي تابعين لحلف الناتو يقومون بمهمة دعم وتدريب القوات الأفغانية في حربها ضد طالبان وغيرها من الجماعات المسلحة هناك وتعزيز قدرات الجيش الأفغاني.
وتهدف خطة تعزيز الوجود العسكري الأمريكي التي أعلنها ترامب في شهر أغسطس الماضي إلى دعم القوات ومساندة وتدريب القوات الأفغانية على تحقيق الاستقرار وبسط الأمن في أفغانستان من ناحية والضغط عسكريا على حركة طالبان وتكبيدها خسائر مؤلمة تجبرها على الجلوس إلى مائدة المفاوضات مع الحكومة الأفغانية.
أما على المستوى الإقليمي والدولي فإن دخول دول مثل روسيا وإيران وباكستان على خط الأزمة الأفغانية واستعدادها لاستضافة مباحثات مباشرة بين أطراف الأزمة ، هو أمر تعتبره حركة طالبان موقفا دوليا داعما لها ويصب في مصلحتها ويعزز موقفها السياسي ويدفعها لطلب الحوار مع واشنطن من منطق قوة خصوصا أن الأخيرة ترفض دخول أطراف أخرى منافسة لها في هذا الملف.
وفيما يتعلق بالموقف الأمريكي المتوقع من دعوة طالبان فإن هناك أكثر من احتمال لذلك : الأول أن تتجاهل واشنطن هذه الدعوة وتعتبرها مجرد مناورة سياسية لا تعبر عن تحول حقيقي في موقف الحركة من عملية السلام في أفغانستان أو أن تفسرها بعض الدوائر المتشددة داخل إدارة ترامب بأنها تعبير عن المأزق الذي تعيشه الحركة ومقاتلوها بفعل الضربات العسكرية الأمريكية ضدها وأنها إحدى ثمار الاستراتيجية الجديدة لترامب.
- أما الإحتمال الثاني فهو أن تستجيب الإدارة الأمريكية لهذه الدعوة التي يرى البعض أنها ربما تشكل مخرجا مقبولا للولايات المتحدة من مأزقها الذي تعيشه منذ تدخلها العسكري في أفغانستان والذي نجحت من خلاله في إسقاط حكم طالبان لكنها لم تتمكن من القضاء عليها بل انها صارت بعد كل هذه السنوات أكثر قوة وتمددا، فباتت تسيطر على نحو نصف مساحة البلاد.
ومما يعزز الاحتمال الثاني أن واشنطن ، وفي مواجهة صمود طالبان ، اضطرت لتغيير سياستها تجاه الحركة من العمل للقضاء عليها إلى الرغبة والاستعداد للحوار معها.
ولطالما كان إقناع طالبان بإلقاء السلاح والجلوس إلى مائدة المفاوضات ، هدفا سعت الولايات المتحدة وحلفاؤها لتحقيقه على مدى السنوات الماضية دون جدوى سواء عبر الضغوط والوسائل العسكرية أوبالإغراءات والمناورات السياسية.
ومن هنا فإن الموقف الأخير لطالبان في هذا التوقيت تحديدا ، يثير تساؤلات عديدة بشأن دوافعه وما إذا كانت الدعوة للتفاوض مع الولايات المتحدة مجرد مناورة تكتيكية من قبل طالبان لكسب مزيد من الوقت لتنظيم صفوفها وتخفيف الضغط العسكري الأمريكي عليها ، ولإحراج إدارة الرئيس دونالد ترامب التي أعلنت عن تعزيز وجودها العسكري في أفغانستان ، أم أن هذا الموقف قد يعكس تحولا استراتيجيا في سياسة طالبان بعد أن توصلت أخيرا إلى قناعة بأنها لن تحسم المعركة العسكرية مع الجانب الأمريكي وأنه لا مفر من الجلوس إلى مائدة التفاوض لإيجاد تسوية سلمية للأزمة الأفغانية التي طالما أمدها بعد ؟.
ربما لا تكون هذه المرة الأولى التي تعلن فيها طالبان عن رغبتها للحوار مع الولايات المتحدة للتوصل لحل سلمي فقبل نحو أسبوعين أصدرت طالبان بيانا مماثلا قالت فيه : إنها تفضل حل المشكلة الأفغانية من خلال الحوار السلمي لكن اللافت في هذه الدعوات أنها وجهت خطابها للجانب الأمريكي دون غيره لبدء مفاوضات مباشرة بين الجانبين للتوصل إلى تسوية وهو ما يظهر عدم رغبتها في إجراء مفاوضات مع الحكومة الأفغانية كما تريد واشنطن حيث ترى الحركة أن هذه الحكومة مجرد تابع للولايات المتحدة.
توقيت دعوة طالبان للحوار مع واشنطن ، يبدو لافتا للغاية ولا يخلو من عناصر مفاجأة إذ أنها جاءت بعد حوالي أسبوعين من زيارة قام بها جون سوليفان نائب وزير الخارجية الأمريكي لشؤون جنوب آسيا إلى أفغانستان والتي أعلنت الخارجية الأمريكية بعدها أن طالبان ليست راغبة في الجلوس إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق سلام لكن الجانب الأمريكي ،رغم ذلك، ترك الباب مواربا لاحتمال إقناع الحركة بالدخول في عملية السلام.
عنصر المفأجاة الآخر في توقيت الدعوة يرتبط أيضا بتطورات الأوضاع الأمنية والميدانية في أفغانستان ، إذ أن إعلان طالبان استعدادها للتوصل إلى حل سلمي للأزمة يأتي بعد أسابيع من تصاعد الهجمات الدامية التي شنها مقاتلو الحركة ضد مواقع ومقار مدنية وعسكرية أفغانية وأمريكية في العاصمة الأفغانية كابول وسقط خلالها عشرات القتلى في صفوف العسكريين والمدنيين الأفغان كما أنها تأتي في ظل اتساع سيطرة الحركة على مساحات كبيرة من البلاد.
كما يأتي هذا الموقف في وقت تشهد فيه الأزمة الأفغانية تحركات وجهود دولية وإقليمية حثيثة لوضع حد للحرب الدائرة هناك ، وكذلك بعد أسابيع من إعلان روسيا ، المنافس التقليدي للولايات المتحدة على النفوذ في جنوب شرقي آسيا ، استعدادها لاستضافة مفاوضات مباشرة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان وهو الأمر الذي رفضته واشنطن.
وقد كان لافتا أن البيان الأخير لطالبان خلا من أية إشارة لضرورة مغادرة القوات الأجنبية للأراضي الأفغانية ، وهو الشرط الذي كانت تضعه طالبان مسبقا للقبول بالدخول في أية مفاوضات سلام مع الحكومة الأفغانية ، حيث اكتفى البيان بتأكيد أن نجاح هذه المباحثات يتطلب قبول الولايات المتحدة "للمطالب المشروعة للشعب الأفغاني وعرض مخاوفها وطلباتها للنقاش مع الإمارة الإسلامية (طالبان)".
وأكد البيان الذي حمل توقيع"المكتب السياسي لإمارة طالبان الإسلامية " (اسم نظم طالبان السابق) أنه لا حل عسكريا في أفغانستان .. فالاستراتيجيات العسكرية التي تمت تجربتها مرارا في أفغانستان خلال الـ17 عاما السابقة أدت فقط إلى حرب شديدة وطويلة وهذا ليس في مصلحة أي طرف.
وبينما اعتبرت طالبان أن بيانها جاء ردا على تصريحات أليس ويلز نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون جنوب ووسط آسيا مؤخرا بأن الولايات المتحدة تبقي الباب مفتوحا أمام حركة طالبان للحوار، لا يستبعد محللون أن تكون رسالة حركة طالبان الأخيرة مجرد مناورة لتعزيز موقف الرافضين داخل الإدارة الأمريكية لزيادة القوات الأمريكية في أفغانستان كما أنها ربما تكون بهدف محاولةً خلق انقسام بين الحكومتين الأفغانية والأمريكية.
وتتبنى الإدارة الأمريكية الحالية استراتيجية تتسم بالغموض تجاه حركة طالبان فبينما أعلنت عزمها على هزيمة طالبان عسكريا ، بعثت في المقابل برسائل للحركة تبدى فيها استعدادها لإجراء اتصالات معها .. لكن واشنطن تصر ، علنا على الأقل ، أن تكون تتولى الحكومة الأفغانية مهمة جميع المفاوضات الرسمية ، وهو ترفضه الحركة التي تفضل أن تكون المباحثات مباشرة مع الطرف الأمريكي وليس وكلائه المحللين في كابول.
وفي مقابل من يرى في دعوة طالبان للحوار مع الولايات المتحدة ، مناورة سياسية لكسب الوقت وتخفيف الضغط العسكري على مقاتليها ولإحراج الإدارة الأمريكية وإظهارها بمظهر الرافض لدعوات السلام ، يعتقد أخرون أن هذه الدعوة تعكس قراءة جيدة من قبل قيادة الحركة لتطورات الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية ومحاولة للاستفادة من هذه التطورات.
فعلى المستوى المحلي يأتي موقف طالبان في وقت تواجه القوات الأمريكية والأجنبية في أفغانستان مأزقا أمنيا كبيرا على الأرض في ظل الخسائر في صفوف هذه القوات نتيجة الهجمات التي يشنها مقاتلو طالبان والتي باتت تسيطر على مساحات كبيرة من الأراضي الافغانية.
وعلى صعيد الكلفة المالية للحرب الأمريكية في أفغانستان ، توقع السيناتور الأمريكي عن الحزب الجمهوري راند بول أن تبلغ تكلفة هذه الحرب خلال عام 2018 نحو 45 مليار دولار ..وهذه نقطة صارت طالبان تستغلها بذكاء لدى الرأي العام الأمريكي لحثه على الضغط على حكومته.
ويبلغ عدد القوات الأمريكية في أفغانستان حاليا نحو 8400 جندي إلى جانب 5000 جندي تابعين لحلف الناتو يقومون بمهمة دعم وتدريب القوات الأفغانية في حربها ضد طالبان وغيرها من الجماعات المسلحة هناك وتعزيز قدرات الجيش الأفغاني.
وتهدف خطة تعزيز الوجود العسكري الأمريكي التي أعلنها ترامب في شهر أغسطس الماضي إلى دعم القوات ومساندة وتدريب القوات الأفغانية على تحقيق الاستقرار وبسط الأمن في أفغانستان من ناحية والضغط عسكريا على حركة طالبان وتكبيدها خسائر مؤلمة تجبرها على الجلوس إلى مائدة المفاوضات مع الحكومة الأفغانية.
أما على المستوى الإقليمي والدولي فإن دخول دول مثل روسيا وإيران وباكستان على خط الأزمة الأفغانية واستعدادها لاستضافة مباحثات مباشرة بين أطراف الأزمة ، هو أمر تعتبره حركة طالبان موقفا دوليا داعما لها ويصب في مصلحتها ويعزز موقفها السياسي ويدفعها لطلب الحوار مع واشنطن من منطق قوة خصوصا أن الأخيرة ترفض دخول أطراف أخرى منافسة لها في هذا الملف.
وفيما يتعلق بالموقف الأمريكي المتوقع من دعوة طالبان فإن هناك أكثر من احتمال لذلك : الأول أن تتجاهل واشنطن هذه الدعوة وتعتبرها مجرد مناورة سياسية لا تعبر عن تحول حقيقي في موقف الحركة من عملية السلام في أفغانستان أو أن تفسرها بعض الدوائر المتشددة داخل إدارة ترامب بأنها تعبير عن المأزق الذي تعيشه الحركة ومقاتلوها بفعل الضربات العسكرية الأمريكية ضدها وأنها إحدى ثمار الاستراتيجية الجديدة لترامب.
- أما الإحتمال الثاني فهو أن تستجيب الإدارة الأمريكية لهذه الدعوة التي يرى البعض أنها ربما تشكل مخرجا مقبولا للولايات المتحدة من مأزقها الذي تعيشه منذ تدخلها العسكري في أفغانستان والذي نجحت من خلاله في إسقاط حكم طالبان لكنها لم تتمكن من القضاء عليها بل انها صارت بعد كل هذه السنوات أكثر قوة وتمددا، فباتت تسيطر على نحو نصف مساحة البلاد.
ومما يعزز الاحتمال الثاني أن واشنطن ، وفي مواجهة صمود طالبان ، اضطرت لتغيير سياستها تجاه الحركة من العمل للقضاء عليها إلى الرغبة والاستعداد للحوار معها.