فى الآونة الأخيرة تعمد بعض الكتاب ومن يصفون أنفسهم بالنشطاء السياسيين والحقوقيين صياغة حملاتهم ضد الدولة المصرية تحت عنوان (استبداد السيسى وتصفية حساباته مع معارضيه).
ومثل الموقف القانونى للدولة من الفريق سامى عنان والمستشار هشام جنينة والقيادى الإخوانى عبدالمنعم أبوالفتوح المتن والتفاصيل لتلك الحملات. وذهب البعض فى سياق تحليله السياسى للعملية العسكرية الشاملة «سيناء ٢٠١٨» إلى القول بأن الرئيس عبدالفتاح السيسى استثمر التأييد الشعبى لعمليات الجيش ضد الإرهاب بشكل سياسى خاطئ، حيث سارع إلى استغلال اللحظة سياسيًا لينكل بمعارضيه عبر اعتقالهم والتضييق عليهم!!، وفيما يمكن وصفه بحملة إخوانية شاملة ومضادة ضد الدولة المصرية راح أحد الفيالق المشكل من صحفيين ونشطاء يطالبون بفسح أبواب الإعلام المصرى أمام من يصفونهم بالمعارضين السياسيين، لأنهم يضطرون إلى الظهور على شاشات وفضائيات جماعة الإرهاب للتعبير عن آرائهم بعد أن سلبتهم الدولة حريتهم مشبهين تلك العملية بتنفيس البخار حتى لا ينفجر الإناء.
كل من ينددون بالقبض على عنان وجنينة وأبو الفتوح ونائبه الإخوانى محمد القصاص يتحدثون فى جلساتهم الخاصة عن ضرورة عودة جماعة الإخوان الإرهابية إلى المشهد السياسى، وإن لم يفصحوا عن ذلك على نحو ما أشرت فى مقال سابق. لكن هل حقا يواجه الرئيس معارضين يسعون لمنافسته عبر صناديق الاقتراع؟! هل لتلك المعارضه برامج تقارع برنامج الرئيس وخطة عمله ولديها من أدوات القوة والمنافسة ما يجعل أمر إزاحته عن السلطة مجرد نزهة، لذلك لجأ عبدالفتاح السيسى إلى منطق تصفية الحسابات؟! أم أن الوطن بأسره فى مواجهة مع جماعات إرهابية وأخرى فوضوية ومراهقة؟!
بداية لم تغب الأصوات المعارضة لسياسات وبرامج الحكومة عن الإعلام المصرى، وهناك مئات المقالات والمقابلات التلفزيونية التى عارضت العديد من السياسات والبرامج لم يكن أولها قناة السويس الجديدة أو إنشاء آلاف الكيلو مترات من الطرق، كما لم يكن برنامج الإصلاح الاقتصادى آخرها ناهيك عن الأصوات المنتقدة للأداء السياسى للنظام، لكن للأسف لا تزال عاجزة عن تنظيم نفسها داخل أطر حزبية.
وما يجرى هو محاولة بائسة لفرض صفة المعارضة السياسية لجماعة الإخوان وأذنابها فى الداخل حتى تمنح فرصة، ولو عبر وكلاء لنشر أكاذيبها وتصوراتها الهادمة التى تسعى لتشكيك المصريين فى قدرة دولتهم.
ومع ذلك نتساءل هل تعبر تصريحات المستشار هشام جنينة لموقع (هاف بوست) الإخوانى عن رؤية سياسية معارضة، ومن ثم كان يجب على الإعلام المصرى نشر تصريحاته التى تطعن فى شرف الجيش المصرى أثناء تنفيذه لحملته العسكرية الشاملة ضد الإرهاب؟!
ما رأي الأستاذين محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية وعماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة الشروق فى حديث جنينة؟ ولماذا لم تنشره جريدة الشروق حتى لا يلجأ لموقع إخوانى؟! وفى رأيهما هل كان حديث عبدالمنعم أبوالفتوح سياسيا وسلميا وغير محرض؟!
ومع ذلك أبوالفتوح قال ما قاله فى أكثر من مناسبة داخل مصر ولم يمسسه أحد بسوء إلا عندما ترجم قوله إلى سلوك إجرامى.
ثم أوليس شن حملة للطعن فى شرعية النظام السياسى وتشويهه عبر فضائيات الإرهاب ووسائل إعلام دولية يعد خيانة صريحة للوطن فى هذه اللحظة بالذات؟! السادات وحسين طالبا الدولة بالسماح للمعارضين بالظهور على شاشات الإعلام المصرى حتى لا يذهبون إلى منصات جماعة الإخوان المدعومة قطريًا وتركيًا، وبفرض أن الإعلام ينفذ تعليمات الرئيس بشأن محاصرة معارضيه، فهل يعد ذلك مبررًا كافيًا للتطبيع مع إعلام جماعة الإرهاب؟! أم أنها ليست ارهابية من وجهة نظر الأستاذين؟!
للأسف ليس فى المشهد السياسى المصرى من يمثل خصمًا معارضًا للرئيس، وكل من ينددون بالقبض عليهم مجرد مواطنين خالفوا القانون والدستور ومارسوا أعمالا عدائية ضد الوطن، أما المعارضة السياسية فقد أفسدها الانتهازيون بتحالفهم الاستراتيجى مع جماعة الإرهاب منذ زمن مبارك وبتكالبهم على تأسيس منظمات حقوقية خلطت بين الحقوقى والسياسى واستغلت التمويلات الأجنبية لتحويل مؤسسات المجتمع المدنى إلى منصات حزبية تعوض فشل وعجز الأحزاب التى أغلقت مبكرًا بفعل الصراع إما على الزعامة أو المال الحرام.