رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

إعادة ترتيب للواقع التعليمي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مبادرات كثيرة ونقاش هام حول كيفية تطوير المنظومة التعليمية، وإلغاء نظام مكتب التنسيق وتطوير نظام القبول بالجامعات وعلى الرغم من أنها جميعها أطروحات عظيمة، إلا أنني أعتقد أنها مازالت تفتقر لعنصر مهم يمكن أن يعصف بكل جهودنا للنهوض بالعملية التعليمية حال عدم وضعه في الإعتبار، أن يكون هناك تطوير موازى للدراسة بالجامعات المصرية، هو أمرا ضروريا يتطلب إصلاح منظومة التعليم وجوده، ومنذ بدأ النقاش حول تعديل نظام القبول بالجامعات، واختبارات الثانوية العامة، لم يقترب أحدا من قريب أو من بعيد عن ضرورة تبني جهد مشترك بين وزارتى التعليم الأساسى والتعليم العالى لتطوير نظام الدراسة بالجامعات المصرية وإلغاء الكليات التى باتت أغلب مناهجها خارج التاريخ، وتطوير نظام يعتمد على البحث بتخصصات تضيف إلى المجتمع وتمس احتياجات سوق العمل.
الحقيقة إن أى جهد مبذول فى تطوير التعليم الأساسى ما لم يستطيع تغيير النظرة المجتمعية للعملية التعليمية بشقيها الأكاديمى والأساسى، وتطوير نظرة المجتمع لدور التعليم الجامعى لا يعول عليها.
المؤكد أنه لا يمكننا الحديث عن تطوير لنظام التعليم ما لم نفض الاشتباك بين ما يعرف اليوم بـ" الكليات العملية " و " الكليات النظرية "، وإلا سيظل تلازمنا حالة التفضيل للكليات العملية على الكليات النظرية، إذ باتت الدراسة بالأخيرة يشوبها الضبابية، غير واضحة الأهداف، بالتالى فهى فى ذهن المجتمع مجرد مستقر للطلاب الذين لم يسعفهم المجموع بدخول الكليات العملية.
ولا يمكننا هنا فهم حالة التدهور التى أصابت الكليات النظرية إلا فى ضوء ما هو مطلوب منها بالأساس، فالسمة الغالبة على خريجي هذه الكليات أنهم يستقرون فى أعمال منعدمة الصلة بدراساتهم، وظائف شرطها الوحيد هو أن يكون المتقدم لها حاصل أو يحمل " مؤهل عال ".
واجتماعيا يواجه طلاب الكليات النظرية المشكلة نفسها فى أمور الزواج والانتماء لأوساط اجتماعية معينة، شرط المؤهل الجامعى سببا لرفض وتفضيل شخص عن آخر، حتى وإن كان هذا المؤهل لم يضف للشخص إلا خبرة بسيطة وقليل من الخبرات التعليمية التى يمكن ألا يستخدمها فى حياته ولو مرة واحدة.
إننا يجب أن نعمل بشكل جدي على القضاء على فكرة نظام التنسيق الحالى، بكل سلبيته، وتسببه فى تدنى كفاءة التعليم فى الدولة المصرية وحل العقدة الطبقية التى بناها هذا النظام على مدار سنوات فى التفرقة بين الكليات النظرية والكليات العملية.
والواقع إن كثير من مناهج الكليات النظرية والعملية أيضا يحتاج إلى تطوير جذرى ومناسب موازى لعملية تطوير التعليم الأساسى ونظام الثانوية العامة.
إن المجتمع بحاجة ماسة فى هذه اللحظة للتأهيل النفسى وتقبل أصحاب الشهادات الثانوية العامة باعتبارها شهادة مستقلة قادرة على المنافسة فى سوق العمل.
وأتصور أن مناقشة كتلك لابد أن تتضافر فيها جهود كافة الوزارات المعنية بما فيها وزارة القوى العاملة التى من المفترض أن تراجع متطلبات الشركات والمصانع فى سوق العمل، والحرص على ألا تكون جزافية وبعيدة، فما الفائدة من أن تقدم وزارة التربية والتعليم خريجا لسوق العمل شهادته لا تؤهله للمنافسة على وظائف لائقة اجتماعيا، وينافسه فى نفس هذه الوظيفة خريجى الجامعة ولم تضف لهم دراستهم الجامعية سوى كلمة " مؤهل عال ".