لم يكن مع واقعة الإعلامية ريهام سعيد مقدمة برنامج صبايا الخير التى تم حبسها على ذمة التحقيق بسبب تحريضها على خطف طفلين وعمل حلقة ساخنة فى برنامجها هو الحدث الأول من نوعه للإعلامية الشهيرة بل سبقتها واقعة أخرى، وهو ما يؤكد أن حال الإعلام فى مصر يسير من سيئ إلى أسوأ، فريهام سعيد تثير الجدل دائمًا بسبب تجاوزات وأخطاء إعلامية بحتة لا يفعلها طالب سنة أولى بكلية الإعلام ومغامرات غير محسوبة ربما من أجل تحقيق نسبة مشاهدة أكبر وربما لتحقيق الإثارة وزيادة نسبة الإعلانات فى برامجها، الأمر الذى قادها إلى التحقيقات هى التى تسببت فيها خلال مسيرتها المهنية فبجانب الواقعة الأخيرة لريهام والتى قررت النيابة المصرية حبسها فيها ٤ أيام على ذمة التحقيق بتهمة التحريض على خطف الأطفال، لم تكن الأولى لها على الأقل خلال ٣ سنوات مضت، فقد سبقتها وقائع أخرى منها إهانة السوريين. ففى سبتمبر من عام ٢٠١٥ صدمت ريهام سعيد الرأى العام بتصريحات أهانت فيها السوريين عندما قامت خلال برنامجها «صبايا الخير» على فضائية «النهار» بتوزيع مساعدات على بعضهم فى أحد مخيماتهم بلبنان بصورة مقززة ومن مواطنى دول الربيع العربى التى قامت فيها الثورات، كما تصاعدت ردود الأفعال ضد ريهام سعيد بسبب قضية «فتاة المول»، إذ وصلت إلى القضاء المصري، بسبب نشر صور أخذتها عنوةً من جوال الأخيرة، كما هو منشور. إضافة إلى انسحاب الشركات الراعية لبرنامج سعيد «صبايا الخير»، وذلك بعد موجة غضب شعبى وإعلامى من مقدمته.
فى الوقت الذى تحظى فيه ريهام بزخم إعلامى ملفت بل أصبحت مثيرة للجدل منذ خروجها على شاشات الفضائيات منذ عام ٢٠٠٣ على قناة المحور ببرنامجها «صبايا»، والذى أصبح يعرف فيما بعد «صبايا الخير» بعد انتقالها لفضائية النهار وعلى مدار ١٥ عامًا، تحولت ريهام إلى مادة لأحاديث الرأى العام المصرى والعربى وربما العالمي! ربما كانت مدرسة الإثارة الإعلامية من المدارس المرغوبة فى الإعلام والمطلوبة أحيانًا لجذب الجمهور إلى العمل الإعلامى مشاهدة أو قراءة، ولكنها ينبغى أن تتم بضوابط صارمة حفاظًا على المجتمع، ولكن هذا لم يحدث مع بعض حلقات ريهام سعيد التى جاءت حلقاتها عن الجن والمثاليين والمشايخ والإلحاد أو الكفر بالله وطردها للضيف الملحد على الهواء وفتاة المول وأخيرًا خطف الأطفال، بشكل مثير للعديد من التساؤلات حولها ودور القنوات الفضائية التى تعرض برامجها ومدى التزامها بمواثيق الشرف الإعلامية، وأين دور الهيئة الوطنية للإعلام فى هذا العبث، بعد أن صار المكسب المادى وحده هو هدف هذه الفضائيات ولا عزاء للرسالة الإعلامية والقيم المجتمعية، التى تحطمت لصالح الربح والشهرة والدعاية الشخصية لصاحب القناة والمذيعين والمذيعات بينما يهون كل شيء بعدها حتى زادت هموم ومتاعب المشاهدين وأزماتهم النفسية ومشاعرهم والمتاجرة بقضاياهم!
وهناك إعلاميون كثيرون يسخرون منابرهم الإعلامية فى تصفية خلافاتها الشخصية مع آخرين وممارسة سياسة الابتزاز الإعلامى مع خصومها وربما الحصول على تمويلات لتسليط الضوء على هذا وتجاهل هذا ومهاجمة هذا وإطلاق الهجوم على هذا بشكل توجيهى، وهناك آخرون يعرضون مواد إعلامية خادشة للحياء العام ومنافية للآداب من أجل تحقيق أعلى مشاهدة للقناة التى باتت تعرض أحيانًا أحاديث متواصلة عن العلاقات الجنسية والإثارة والعلاقات الزوجية الحميمة ودردشة غرف النوم التى نراها فى إعلامنا الفضائى هذه الأيام، والتى تؤدى إلى خلق مناخ من الإثارة لجذب المشاهدين والمشاهدات إلى هذه النوعية من البرامج، وبالتالى تأتى الإعلانات، وهو الهدف الأساسى والأعظم لأى قناة أو وسيلة إعلامية الآن فى ظل ارتفاع تكاليف صناعة الإعلام!
فقد أصبح إعلامنا الفضائى والأرضى والمقروء والمتداول عبر الإنترنت بلا رقيب ولا حسيب أحيانًا، وأصبح كل شيء يجذب القارئ أو المشاهد مباحًا على الملأ حتى ولو كان كفرًا أو فسوقًا أو انتهاكًا للحرمات وللحياء، وذلك من منطلق حرية المشاهدة واللى مش عاجبه يشاهد حاجة تانية!
على كل حال فلا بد من إعادة ضبط موازين الإعلام المصرى مرة أخرى من خلال المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية والتى لا يزال دورها ضعيفًا وبعيدًا عن المطلوب وينبغى إنشاء مرصد إعلامى ووضع ضوابط صارمة ملزمة ومتابعة للبرامج التى تقتحم البيوت المصرية بدلًا من تصدير الإسفاف والخداع والغش والكذب ومناقشة قضايا هدامة ومثيرة للجدل والخادشة للآداب والحياء تهدف إلى انتشار ثقافات قد تؤدى إلى انهيار المجتمع بأكمله، وهذا ما لا نتمناه بأى حال من الأحوال!