تتناغم داخلى أحاسيس الانتماء لتراب مصر وأشدو على ألحان هذه الأحاسيس بأنشودة أبتهل فيها دائمًا إلى الله سبحانه أن يحمى بلدى من كل شر، وأنقل كلمات هذه الأنشودة لأذهان أولادى فى كل مناسبة، ويومًا وراء يوم أجدهم يتفاعلون مع هذه الأنشودة ويحفظونها عن ظهر قلب، وأبقى هكذا أعيش دومًا وبداخلى تلك الطاقة الإيجابية نحو مستقبل مصر حتى فى أحلك اللحظات التى مرت بها بلدى، هذه الطاقة الإيجابية أغتنم كل فرصة لزرعها فى نفوس أولادى.
أذكر أنه فى الوقت الذى تربع فيه الأخوان على عرش السياسة فى مصر، انتاب معظم المصريين شعورًا جامحًا بأن حكمهم سوف يستمر طويلًا، ولكننى ظللت على ثقتى بقوة وعظمة المصريين، وفى تلك الفترة سعدت كثيرًا بدعوتى من قبل أحد المهرجانات بدولة عربية شقيقة لتغطية فعاليات هذا المهرجان، حتى أخرج ولو قليلًا من دائرة الظلام التى كانت تسيطر على الشارع السياسى المصرى، وكان من ضمن المدعويين لحضور هذا المهرجان بهدف تكريمه الهارب أيمن نور، بالإضافة إلى عدد من الفنانين المصريين، وفى الغربة وكما يقولون تتكشف نوايا البشر وتتعرف أكثر عن شخصيات فقط ترى وجهها الباسم على الشاشات التليفزيونية.
هناك اقتربت من ذلك المدعو نور بحكم وجودنا داخل فندق واحد وضمن وفد مصرى يجلس معظم أفراده طوال الوقت مع بعضهم البعض، ومع أول موقف فوجئت به يقدم نفسه لنا على أنه المفكر والمحرك الحقيقى لكل قرارات المعزول محمد مرسى، الذى كان وقتها يجلس على كرسى رئاسة مصر، حيث كان يتفاخر فى كل مرة يتصل به مرسى بأنه لا يستطيع فعل شىء إلا بعد أن يستشيره، وكان يتباهى مثل المراهق حينما يستقبل مكالمة عاطفية من فتاة فيقوم بفتح «الإسبكير» أمام باقى أصدقائه ليؤكد لهم أن على الطرف الآخر تتحدث فتاة.
وأظن أننى وقتها شأنى شأن معظم الوفد المصرى خُدعت فى هذا الرجل الذى يستقبل كل نصف ساعة مكالمة من رئيس جمهورية مصر العربية، وأذكر أنه عقب إحدى المكالمات قالت له فنانة مصرية ضمن وفدنا المصرى: على كدة هتنصح مرسى يعمل إيه مع الأقباط فى مصر؟، ونظرت لى ضاحكة وهى تعلم حقيقتى بينما لا يعلمها هذا المدعى، وعلى الفور كانت إجابته السريعة: بتوع الأربعة ريشة دول هيتم تحجيمهم أكتر، فضحكت تلك الفنانة وهى تنظر لى قائلة: قابل يا بنا، فقال لها: البنا هيقابل إيه؟ فردت عليه ضاحكة: البنا أربعة ريشة يا دكتور، فنظر إلى محدقًا باحثًا عن إجابة ولكن دون جدوى.
مرت الأيام وانقشعت غمة الإخوان وقابلت هذه الفنانة فى إحدى الحفلات بمصر لنتذكر سويًا هذا الموقف، فقلت لها وقتها: ذلك الأيمن نور كان بمثابة «الضلمة» على صاحبه، فردت قائلة: وأيضًا ذلك «المر sea» كان بمثابة البحر المر لأيمن الهارب.