الإثنين 30 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

الفنلندية سمية الهذيلي: "العربية" الأكثر صعوبة في الترجمة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعربت المترجمة الفنلندية سمية الهذيلى، عن سعادتها بالمشاركة الأولى فى الدورة الرابعة لمهرجان القاهرة الأدبى، وما تحمله هذه الدورة من عدة فعاليات على مستوى الاختلاف الثقافى والاتجاهات المختلفة، بالإضافة إلى مجموعة من المثقفين داخل بلدان مختلفة، وهو ما تتميز به هذه الدورة.
أما عن الوطن من بعيد فقالت المترجمة: إن والدى من أصول تونسية، وأمى تعيش فى فنلندا، لكننى عشتُ طفولتى كلها بقطر، ثم انتقلت من مكان إلى آخر، ولا أعرف أن أحدد الوطن، عشت بقطر 16 سنة، ثم بتونس ما يقارب حوالى 8 سنوات وفى فنلندا سنتين، والآن أعيش فى أوسلو بالنرويج، لكن أصبح من الغريب تحديد هذا الوطن، أحيانًا أقول إنه العلاقات مع الآخرين، لكن الجو العائلى فى تونس حيث الذكريات التى تربطنى بها علاقة قوية بهذا المكان المقرَّب كثيرًا إلى قلبى، على العكس فى قطر كنت أراها كوطن ولكن أرى فيها ذكريات مع العائلة فقط.
أما فنلندا فكنت أعيش بها أيام العطلات فقط وبالقرب من العائلة ولكنها محطة العطلة، ولا أشعر بها أنها وطنى، ولكن أراها من الناحية الثقافية كوطن، أما على مستوى المكان فكنت أراها مزيجًا بين التونسية والفنلندية، فلا أستطيع تحديد الوطن فأين وطنى الحقيقى وأين منزلى، وهذا شىء يمثل لى تعقيدًا كثيرًا، حاليًّا أعيش فى أوسلو لمدة طالت لـ6 سنوات، فهى مكان يأخذ الطابع التاريخى وأكثر البلدان المقرَّبة إلى قلبى، وهذا ما يؤثر فيّ كثيرًا، لكن الأغرب فى هذه البلدة أنها تتعايش وتتكيف مع الآخرين بأكثر سلاسة وبساطة، وهذا ما يدفعك للحب بهذا المكان، فهناك مزيج بين بلدى قرطاج، وأوسلو، ووجدت حياة جديدة وبداية مشرقة.
وعن تجربة «سمية» للترجمة أضافت أنها بدأت الترجمة فى الحياة اليومية، فمثلًا أمى تتحدث اللغة العربية، لكنها لا تفهم كل شىء عنها إلا قليلًا، وكذلك والدى أيضًا كانت تواجهه بعض الصعوبات فى التحدث بالفنلندية، لكن كانت اللغة الإنجليزية هى اللغة السائدة بينهما فى التعامل، فكنت أقوم بدور المترجمة عندما كانت أمى تشاهد التليفزيون من برامج ومسلسلات إلى غير ذلك، فكنتُ المترجم الفورى للعائلة، فلا تقتصر الترجمة على العائلة، وإنما كنت مترجمة ثقافية فى بلدان أخرى، فحياتى ترتبط كثيرًا بالترجمة الفورية، فكنت أبحث كثيرًا فى السفارة الفنلندية بتونس، والتى كان لديها ديوان شعر بعنوان «تحت الهلال» لشاعر فنلندي، وهو يتحدث عن أماكن كثيرة بتونس فلا يوجد الكثير من العرب يترجمون الفنلندية بتونس سوى اثنين فقط، وحالفنى الحظ لهذه التجربة وتحديت نفسى كثيرًا لترجمة هذا الديوان، ولم يكن صعبًا من ناحية التقنية، ولقي نجاحًا باهرًا ونشر هذا الديوان المترجم، وكانت هذه البداية التى فتحت لى أبوابًا كثيرة فى الترجمة، كما ترجمت أيضًا لدار «صفصافة» للنشر عملًا أدبيًّا يتحدث عن الهجرة غير الشرعية، وهو عمل يمتاز بالحرفية.
تختلف الثقافات بين البلدان وبعضها ومدى تأثيرها على الترجمة، فقالت سمية: ليس هناك مكان كامل، ولكن أحاول أن آخذ منه حس الحياة العائلية، فى فنلندا أخذت منها الضمير المهنى والصراحة، وهذا ما تمتاز به هذه البلدة، على العكس من البلدان الأخرى، ففى الدول الأجنبية لا تسودها الحياة المادية، عكس الدول العربية تبحث كثيرًا عن المال فى كل شىء، ولكن فى البلاد الأجنبية تبحث عن الإنسان ذات القيمة الفردية والثقافية.
أما عن الصعوبات التى تواجه الترجمة فأكدت سمية أن هناك نوعين من الصعوبات تواجه الترجمة، وهما اللغة والثقافة، ففى اللغة تجد «ديجلوستا» وهى الفرق بين اللغة العامية والفصحى، وفى البلدان الأخرى التى تسودها اللغة اللاتينية المختلفة عن الإنجليزية والفرنسية فلا يوجد فرق كبير بينهما، وعندما تتم الترجمة إلى هاتين اللغتين لا تجد صعوبة فى الترجمة.
أما اللغة العربية التى تضم الفصحى والعامية فهى تمثل الإشكالية الكبرى، هناك الكثير من الكتب تسودها العامية، وفى البلدان العربية عندما تتم الترجمة إلى الفصحى، قد تفقد اللغة قوتها وتتغير لشىء صلب فتؤثر كثيرًا على الكُتاب والأحداث والرسالة التى نفتقدها تمامًا، فهذه مشكلة كبيرة، على العكس فى الترجمة الفنلندية إلى العامية، فهى بعيدة كل البعد عن الشخصية الفنلندية، حتى مع القراء، فنجد قلة القراءة فى العالم العربى وهى مشكلة الفرق بين العامية والفصحى، فى بلدان أخرى لا تجد فرقًا كبيرًا بينهما كما نرى فى البلدان العربية الفصحى بعيدة عن الواقع الذى نعيشه، وهذا يخلق مشكلة كبيرة تجعل القراء أكثر كسلًا عن القراءة.
أما من الناحية الثقافية التى تتمثل فى الرقابة، فهى تمثل إشكالية كبرى وتنتشر فى البلدان العربية أكثر وتختلف من بلد لآخر، وذلك يرجع إلى الأحكام السياسية والثقافية للدولة، أى تترك القارئ يقرر ما يريده من خلال فكره النقدى وتجعله يكتشف الصواب من الخطأ، فالقارئ العربى فى الوقت الحالى يفقد الفكر النقدى، على عكس اختلاف الفئة المثقفة، وهذا ما يواجه عامة الشعب، لكى نتلافى هذه الصعوبات قد تحتاج إلى عدة مراحل، من بينها شجاعة الناشرين وإعطاء القارئ الفرصة لتحديد الفكرة النقدية للعمل وربطه بالمجتمع، فالقراءة هى مرآة المجتمع، فكلما تغيرت ثقافة المجتمع تغيرت ثقافة النشر.
وعن اللغات الأكثر صعوبة فى الترجمة أضافت المترجمة أن اللغة العربية أكثر اللغات صعوبة فى الترجمة؛ بسبب مشكلة اللغة الفصحى والعامية التى تعد المعضلة الكبرى عن كيفية توصيل الرسالة، وهذا ما يرتبط بالمترجم نفسه ومدى معرفته الجيدة باللغات، فعندما كان المترجم على درجة عالية المستوى حتى إتقانها تجعله أكثر مرونة وبساطة فى الأداء، فاللغة هى الأم، وفى ترجمة اللغة الأدبية لا بد من امتلاك مقومات الترجمة، ويرجع ذلك إلى كثرة القراءة للغة نفسها.
أما عن الإحصائية التى أعدّتها "سمية" فى الأمم المتحدة عن القراء فى الدول العربية والأوروبية فأوضحت أنه فى الدول العربية بلغت نسبة القراءة 4 صفحات فى السنة، على العكس فى الدول الأجنبية، فمثلا القراء الفنلنديون تصل نسبة القراءة هناك إلى 17 كتابًا من قِبل المكتبة العمومية بفنلندا فى السنة، بالإضافة إلى الكتب المشتراة، وهذا ما يشبه بالثقافة الروتينية مثل الحياة الطبيعية للأفراد، كما أنه عندما يطلب القارئ مجموعة من الكتب التى يريد قراءتها توفرها له المكتبة لاقتنائها، لذلك نجد الدولة هناك تساعد القارئ على ما يحتاجه للقراءة، فالثقافة وراءها أسباب كثيرة تدعو إليها قراءها.
تواجه البلدان العربية والأجنبية ظاهرة الإرهاب، فقالت المترجمة: أعتقد أنه يحمل وراءه أسبابًا كثيرة، ولسوء الحظ هذا ما تعانى منه البلدان العربية والعالم أجمع من ظاهرة الإرهاب، وقد ترجع إلى الأسباب السياسية، فهى الهدف الرئيسى الذى تسعى إليه قوى الإرهاب، فمثلًا عندما تجد الحروب ونذهب إلى بلدان أخرى تجد الجيوش الأمريكية عندما ذهبت إلى العراق وبلدان أخرى، وتسقط عليها نظامًا معينًا تسقط من الخارج حتى تغيير النظام الذى تسير على نهجه تلك البلاد، فكل البلاد تقرر مصيرها، فلا شىء جيدًا يأتى من الخارج فهو لا ينجح، فكل شىء يبدأ من الداخل، فالسياسة العربية لها دور كبير، كما نجد البطالة والفقر دائمًا يؤديان إلى يأس، وهذا ما يلعب عليه الخطاب الإرهابى على أن يصبح جهاديًّا وإلى آخره، فيجب على العالم العربى العمل على حل مشاكل الشباب حلًّا جذريًّا من الناحيتين الثقافية والاقتصادية؛ حتى يحس العالم بالنجاح وغرس روح الانتماء للوطن واحترامه؛ حتى لا يقع فريسة فى يد الإرهاب.
وعن الرسالة التى توجهها المترجمة إلى بلدها تونس، قالت: «إن مصر بلد يحتوى على كثير من العلاقات بين البلدين، قد نختلف بسيطًا فى الأمور الكروية، ولكن نحن شعب يحب مصر كثيرًا، كما أتمنى من دولة فنلندا التعامل مع البلدان الصغيرة واكتشافها من ناحية القارئ العربى، بالإضافة إلى اكتشاف ثقافات أخرى تغير حال الترجمة».