أصابت الضربة الجوية منطقة الغوطة الشرقية بسوريا يوم الأربعاء في ثالث أيام حملة قصف عنيف. بعدها بوقت قصير، انتشل عمال الإنقاذ أربعة أطفال من المبنى، لكن والدهم قتل وباتوا الآن يتامى.
ساعد أحد الجيران ويدعى محمد أبو أنس في الحفر وسط الأنقاض ثم ركض طلبا للمساعدة الطبية عبر الأزقة المدمرة بينما كان أحد الأطفال ينزف بين ذراعيه.
وقال ”هناك رعب وكرب بين الناس هنا، هناك مئات الشهداء والجرحى“.
ويريد الرئيس بشار الأسد استعادة الغوطة الشرقية وهي منطقة تضم أراضي زراعية وبلدات وتمثل أكبر جيب تحت سيطرة المعارضة قرب العاصمة.
وتقول حكومته وحليفتها روسيا إنهما تحاولان تجنب سقوط ضحايا مدنيين في غاراتهما الجوية وضربات المدفعية على المنطقة ويقولون إن الضربات ضرورية لمنع المعارضة من إطلاق قذائف المورتر على دمشق.
لكن القذائف والصواريخ والغارات الجوية والبراميل المتفجرة التي ضربت الغوطة الشرقية منذ ليل الأحد تشكل واحدة من أشد عمليات القصف في سبع سنوات من الحرب وقتلت أكثر من 300 شخص حتى الآن.
ونجا الصبي الصغير، الذي انتشل من بين الأنقاض بينما سال الدم من جروح في وجهه، من الهجوم. وحمل عامل إنقاذ شقيقته التي نجت أيضا على كتفه بينما غطى الغبار الأبيض وجهها وحجابها. ونجا أيضا شقيقان آخران.
كانت أسرة سنطيحة ممزقة بالفعل بسبب القصف. فقبل نحو عامين، قُتلت والدة الأطفال في منزلهم في جوبر، وهي منطقة تلتقي فيها الغوطة الشرقية بدمشق.
وقتلت الضربات الجوية اليوم الوالد ماجد سنطيحة الذي نقلت جثته على محفة. وحضر عم الأطفال إلى المركز الطبي الذي نقل إليه مع جثمان أبيهم. وسيتولى الآن تربيتهم.
*ملجأ في القبو
يعيش نحو 400 ألف شخص تحت الحصار في الغوطة الشرقية وفقا للأمم المتحدة. وتفاقم خطر القصف بسبب نقص الأغذية والدواء.
وقال بلال عيسى (25 عاما) ”لم نأكل شيئا تقريبا منذ يوم أمس. أكلت طعاما فاسدا. لم تعد هناك بضائع في المحلات التجارية. اشترينا علبتين صغيرتين من الجبن، وحصلنا على سبعة أرغفة من الخبز اليوم“.
ويقتسم بلال الطعام مع والدته وزوجته وإخوته الثلاثة.
وعندما بدأت الصواريخ تتساقط مباشرة خارج منزله، بدأ عيسى وجيرانه في الحفر عبر قبو مبناهم لصنع ملجأ.
ونزعوا بلاط الأرضيات لصنع حفرة بالمعاول يمكن لرجال بالغين أن يقفوا فيها الآن. وكانوا يستخدمون الدلاء في إزالة التراب.
وتتسبب الضربات الجوية في تصاعد أعمدة كثيفة من الدخان فوق الحي بينما يملأ هدير الطائرات السماء.
وقال عيسى ”كل من يترك بيته أو الملجأ يعتبر في عداد الأموات“.
ولا يكون الموت دائما على الفور. فقد أصيب عمران مدني في انفجار برميل متفجر سقط خارج منزل العائلة في قرية مديرا يوم الثلاثاء، وفقا لوالده الذي عرف نفسه فقط باسم أبو عمران.
ونفى الأسد مرارا استخدام البراميل المتفجرة والذخيرة البدائية والتي تصنع من حشو مواد متفجرة وشظايا في حاويات أكبر تلقيها طائرات هليكوبتر.
لكن تحقيقات أجرتها جماعات حقوق الإنسان خلصت إلى استخدام الجيش السوري لهذه الأسلحة بشكل متكرر في الحرب في جميع أنحاء سوريا. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن البراميل المتفجرة كانت سمة من سمات التصعيد هذا الأسبوع.
توفي عمران يوم الأربعاء. كان جسده الصغير مسجى على سرير مستشفى وقد لف بعناية بكفن أبيض من رقبته حتى قدميه بينما أحاط والده وجه ابنه بيديه.
وانتقد الأب بضراوة الأسد والفصائل المسلحة التي تسيطر على الغوطة الشرقية وقادة الدول الأجنبية المشاركة في الحرب.
وقال ”إن شاء الله يموتوا أولادهم مثل ما ماتوا أولادنا ويذوقوا القهر. الله ينتقم لنا منهم“.