تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
نحن نولد حقًا من جديد مع عالم «السينما» المدهش والخارق؛ ربما لأنه يضعنا فى مواجهة صريحة مع جنوننا القديم وأحلامنا الضائعة؛ أو لأنه يلمس الجانب الذى ما زال نقيًا داخلنا، ولم تعكره أيادى الواقع الملوثة والمسمومة، لتتلاشى فى النهاية رغبتنا تمامًا فى العودة مرة أخرى.
«راقصة الباليه» ballerina هو فيلم «رسومات متحركة» Animation مبهج، يُعد طفرة إبداعية؛ ليس لتوظيفه رسومات كارتونية ومؤثرات فنية متقنة فحسب، بل لأنه يفتح الأبواب أمامنا على قوة الخيال ومتعة التحدى وشغف المحاولة، ورغم اعتقاد البعض أن طبيعة هذه الأعمال طفولية وساذجة، فإنها صارت من أقوى الفنون التى ينتظرها الكبار قبل الصغار.
يعرض الفيلم لوحة فنية فريدة فى كل شىء؛ الدراما، الرقص، الغناء، الموسيقى، انسجمت فيه بلاغة التعبير مع تدفق حركة الجسد المقتحمة الآسرة، فرسمت خطوطًا لونية بديعة؛ للأفكار، المشاعر، تطلعات الروح فى بحثها الدائم عن معنى مشرق للحياة.
يقول: تستطيع أن تلمس النجوم! عليك فقط أن تجد ما تحب، تؤمن به، تتمسك به! فلا تستسلم أبدًا؛ لأن هناك دومًا فرصة فى انتظارك! تعلم أن تعيش دون صدام، بعقل واعٍ متفتح! ترى فى الفشل خطوة إلى النجاح! فى الألم طريقًا إلى الأمل! واثقًا أنه فى النهاية سيقترب منك كل شىء جميل فى هذا الكون!
يحكى قصة «فيليسى» و«ڤيكتور» اللذين يهربان من ملجأ الأيتام بمدينة ريفية فى فرنسا إلى باريس عام ١٨٧٩ من أجل تحقيق أحلامهما، مؤمنين بقدرتهما على الوصول، رغم صغر سنهما، لكن تشاء الظروف أثناء رحلتهما أن يفترقا، ليسقطا مرات عديدة، لكن لا أحد يصل إلى قمة الجبل دون أن يعبر كل منحنياته الحادة والمعقدة.
تدخل «فيليسى» إلى البهو الفخم بدار الأوبرا العريقة بباريس، تسير فى أروقتها الواسعة، تنصت لأنغام ساحرة من باليه «بحيرة البجع» للموسيقار الروسى العملاق «تشايكوفسكى»، فتواصل سيرها نحوها، لتصل إلى كواليس المسرح، فترى راقصة باليه شهيرة، تؤدى عرضًا معجزًا، يبهرها، ونحن معها!
يدفعها القدر نحو تجربة الأداء الراقص بمدرسة الباليه بالأوبرا، فتلتحق بها، لتصبح على بعد خطوة واحدة من حلمها، وهو أن تصبح «راقصة باليه»، لكن الأمور تتعقد، خاصة أن الأوبرا تستعد لتقديم عرض ضخم هو باليه «كسّارة البندق» لـلمؤلف «تشايكوفسكى»، وسيتم اختيار راقصة واحدة له من بين كل المتدربات، ورغم شدة العثرات المتلاحقة فى طريقها، فإنها تُعافر، تُصر، تُثبت ذاتها.
يحرض الفيلم على الفرح، حب الحياة، محاولة الفهم، إيقاظ الوعى، اقتحام حاجز المستحيل؛ ربما لأنهم بمثابة طوق النجاة الوحيد القادر على إرشادنا.. أين السبيل؟! ما الذى سيشعل الشرارة؟! ما الابتكار المدفون فى عقولنا؟ ما العلاج أو الإبداع المعتقل الذى يحتاج إلى تحرير؟!
ربما يتفق الجميع على حب النجاح وكره الفشل، لكن فى تصورى لا يملك العديد منا الإصرار على تحقيق ما يريده! والذى لا يوجد فى العالم شىء يمكنه أن يحل محله! فالموهبة وحدها لا تكفى! والذكاء وحده لا يكفى! والتعليم وحده أيضًا لا يكفى! لكن «الإرادة» هى القادرة!
إنه سر الإيمان بقوة الحياة، الأكثر جمالًا، الأعظم إثارة، الأعمق معنًا، الغنية بالتأملات والمشاعر والأفكار؛ ربما لأنها لا تنفى الواقع أو ترفضه، بل تواجهه بجرأة، تحاوره بهدوء، تتفاعل معه بمرونة، فتعيد التفتح والتجدد والحيوية إلى أروقة الروح والنفس والجسد.