تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
وبمثل هذا الفكر، وفي إطار الحنان "الساداتي" والسكوت الأمني ومع مناخ زيادة السادات تأسلما انطلق شكري مصطفى ليقيم تنظيمه، واستخدم كل حماسه وطاقته الفتيه في بناء تنظيم يقال إنه ضم 5000 عضو "نبيل فارس-المرجع السابق –صـ21" وقد ارتبطت العناصر الأساسية فى التنظيم بشخص شكري .. فهناك زملاؤه في زنازين طره كعبد الرحمن أبو الخير والسماوي وغيرهما وهناك ابن أخته ماهر عبد العزيز بكري (النائب الأول للأمير) وابن أخته الآخر هشام عبد العزيز بكري وبعض من زملاء دراسته في كلية الزراعة، لكن التركيبة الأساسية كانت تماما مثل تنظيم صالح سرية طلاب صغار السن على الأغلب. وقد أجريت دراسة للتركيبة العمرية للمتهمين في قضية اختطاف الشيخ الذهبي وقتلة وعددهم 47 متهما فكان متوسط العمر 25 عاما أصغرهم 14 عاما وأكبرهم 39. وأغلب المتهمين ترك الدراسة أو العمل وتفرغ للدعوة أو للعبادة إلى درجة أن المحقق مع المتهمين وكما هو واضح فى محاضر التحقيقات توقف بعد سؤال 32 متهما عن سؤال المتهم عن مهنته.
وفي حدود الاثنين وثلاثين متهما الذين سئلوا عن مهنتهم كان هناك 17 طالبا في مراحل دراسية مختلفة منهم تلميذ واحد في الإعدادية. وقالوا جميعا أنهم تفرغوا للعبادة والدعوة، إما الخمسة عشر الباقين فمنهم 3 أتموا دراستهم الجامعية ولا يعملون، وآخر وهو أنور مأمون أحمد قال إنه حاصل على بكالوريوس زراعة ويعمل تاجر لكنه لم يحدد نوع التجارة، فيما قال أربعة أنهم تخلوا أو بسبيلهم للتخلي عن وظائفهم من أجل التفرغ للعبادة مع العمل في بيع كتب دينية أو سواك أمام المساجد، ولأن فكرة شكري الأساسية هي الهجرة فقد فرضها على أتباعه ومن لم يستطيع الهجرة بعيداً عن أرض الكفر، يهاجر بنفسه عن المجتمع الكافر، فيترك الدراسة أو العمل والأسرة ويهاجر إلى الجماعة ليقيم مع أبناء الجماعة في واحدة من الشقق العديدة التي شكلت شبكة واسعة لإيواء الأعضاء حيث يتم تزويجهم من عضوات الجماعة، ما شكل رباطا وثيقا بين العضو والجماعة. ونجد أن المتهم إبراهيم عبد المنعم أبو سنة كان طالبا بكلية الهندسة ووالده أستاذ بكلية طب جامعة عين شمس وترك ذلك كله ليبيع السواك أمام المساجد، والمتهم صفوت الزيني والده وكيل مدرسة إعدادية وترك الأسرة ، والمتهم عبد الله محمود غزالة وكان أمير مجموعة مصر الجديدة حاصل على دبلوم معهد فني صناعي ويعمل بائع كتب دينية متجول وقال للمحقق أن ربحه كان ما بين 60 قرشاً وجنيه فى اليوم . "ندوة المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية – المرجع السابق – صـ248" . وكانوا في أغلبهم فتية مراهقون، أرهقهم الفقر والاغتراب حيث تركوا قراهم ليدخلوا الجامعة فوقعوا في فخ التحالف الشيطاني بين السادات والتأسلم . وبتسليم تام كان الفتى منهم وقد وجد مأوى وزوجه يقف أمام شكري مصطفى ليبايعه "أبايعك على السمع والطاعة في المنشط والمكره ، وفي عسرنا ويسرنا، وعلى أثره علينا، وألا ننازع الأمر أهله، إلا أن نرى كفرا بواحاً لنا فيه من الله برهان" "محضر تحقيق النيابة فى القضية 6 لسنة 1977 أمن دولة عليا . والخاصة باختطاف واغتيال الشيخ الذهبي – أقوال المتهم محمد سعد محمد". وحتى وهم أمام المحقق كانوا يمتدحون الأمير شكري مصطفى، فيقول المتهم مجدي صابر عنه أنه "رجل نزيه ومخلص ومؤمن" ويقول إسلام محمد عاطف "إن شكري شخصية متكاملة، فهو صالح وتقي وطلق اللسان وله الفضل في إفهامي مبادئ الجماعة" أما المتهم صفوت الزيني فقد قال للمحقق "إنه فخور بأن فكره مستمد من القرآن والسنة ومن التأمل مع النفس والحوار مع شكري مصطفى" "المرجع السابق" ويقول منتصر الزيات "وكانت أفكار وأبحاث شكري مصطفى وحده هي التي تدرس لأعضاء الجماعة ولا يدرس لهم أي شئ آخر. وهي أفكار لا تصمد إمام العلم الصحيح ولهذا عندما كانوا يلتقون بعلماء ليناظروهم تتهاوى حججهم سريعا ولهذا فرض شكرى على رجاله منهج عدم التلقي من الآخر ووضع حاجزا حول جماعته وقال إنه لا يقبل علماء السلطة" "منتصر الزيات – الجماعات الإسلامية رؤية من الداخل – صـ41" ويذكر أن أحد قادة الحركة الإسلامية في ذلك الوقت قد ناقش شكري مصطفى نفسه وبعض كبار أتباعه وأقام عليهم الحجة، كان قد سجل هذه المناظرات في شرائط كاسيت فذهبوا إلى بيته في الطالبية وضربوه ضربا مبرحا محاولين قتله لولا أن تداركته عناية الله"[المرجع –صـ43] .. وقد أحكم شكرى مصطفى قبضته تماما على عقول أتباعه وحتى عبد الرحمن أبو الخير وكان يكبره سنا يكتب فى مقدمة كتابه "إما بعد فإن الأخ شكرى مصطفى له فى النفس محبه لا يرتقى لمثلها سوى محبة الوالد وشفقته على ولده ، وله فى حياتى ذكريات بدأت من عام 1390هـ (1970) بمعتقل طره السياسى" "عبد الرحمن أبو الخير – ذكريات مع جماعة الإخوان المسلمين – المرجع السابق – صـ196" وهذا الكتاب كتب بعد القبض على شكري مصطفى وإعدامه. ويقول عبد السلام عيسى أحد المتهمين "سلطة الأمير واسعة ولا يمكن محاسبته أو مناقشته في أمر من الأمور" وكان شكري هو المسيطر تماماً على التنظيم ويختار وحده الأمراء ويتحكم فى مالية الجماعة . ونجح فى فرض عزله على جماعته وكأنهم فعلاً فى هجرة فعليه بعيداً عن المجتمع. ويقول المتهم عبد الفتاح عمر مدكور أمير منطقة إمبابة "إن الجماعة كانت تلزم أعضائها بعدم الزواج من غير عضوات الجماعة لأننا لا يمكن أن نتأكد من إيمان من هن خارجها"بل أن شكري فرض نمطاً خاصا فى تنشئة أبناء أعضاء الجماعة – وفى التحقيق قال المتهم إسلام محمد عاطف، 15سنة، إن والدته منعته من الذهاب للمدرسة وبدأت فى تعليمه الأمور الدينية، وأن والده كان يعمل مساعدا فى القوات البحرية بالإسكندرية فترك الخدمة بعد الانضمام للجماعة و"هاجر" إلى القاهرة ومعه زوجته وأطفاله الستة وانضموا جميعا إلى الجماعة وتتراوح أعمار الأطفال بين عام ونصف و15 عاما. وقد وضع شكري نظاما صارما لعقاب المخطئين من الأعضاء والعضوات "بالضرب على القدمين عددا محددا من الضربات" "ندوة المركز القومي – المرجع السابق – أقوال المتهم عبد الرحمن محمد عبد الرحمن" وهذا الانفراد بالسلطة والتشدد فى معاملة الأعضاء دفع البعض للانشقاق عن الجماعة لكن شكرى مصطفى حاول اغتيالهم كما حدث مع المنشق حسن الهلاوي وأخيه خالد، ورفعت أحمد أبو دلال. ويؤكد المتهم عبد الله محمود عبد الرحمن أمير مصر الجديدة أن "المنشقين مرتدون وكفره ويجب قتلهم" "ندوة المركز القومي – صـ246" ويعترف كمال فراج أنه تلقى تدريبات عسكرية وبدنية وكيفية استخدام السلاح وأنه خشي من التقاعس في التدريب حتى لا يتهم بالارتداد والكفر. ويروي عبد الرحمن أبو الخير أنه طلب من الأخ أبو مصعب "أنور مأمون صقر" أن يصليا صلاة الغائب على روح كل من صالح سرية وكارم الأناضولي بعد إعدامها في قضية الفتية العسكرية فرفض أبو مصعب لأنهما ليسا من الجماعة المسلمة وأنه لا يجوز أن تتعدد الجماعة المسلمة فالحق واحد والجماعة واحدة" "عبد الرحمن أبو الخير – صـ94".
وقد لعب شكري مصطفى مع الحكومة لعبة المصالح المشتركة مع الطاغوت وهي لعبة إخوانية بالأساس. يقول عبد الرحمن أبو الخير: "قال لي ماهر بكري أن الحكومة عرضت علينا رغبتها فى التعاون معنا على أساس أننا نصرف الشباب عن العمل الانقلابي وندعو إلى الهجرة وأن الحكومة بحاجة إلى جماعتين واحدة تستوعب الخاصة من الشباب وهي نحن وجماعة تستوعب العامة من الشباب وهي الإخوان. وقد قبلنا وقد يقولون علينا عملاء فليقولوا. المهم أن نحقق تقدم الجماعة وأن نصبح إن شاء الله الجماعة الوحيدة في مصر. وقد عرضت الحكومة تعويضنا عما لحق بنا وأن نرفع قضية تعويض على الصحف القومية لتشهيرها بنا وقبلنا ووكلنا المحامي شوكت التوني. ويحذرهم عبد الرحمن أبو الخير : بذلك نكون قد قبلنا الاحتكام إلى الطاغوت . فأجابوه أن الرسول قد دخل فى جوار كافر هو مطعم بن عدى ليحميه من الكفار. ويعلق عبد الرحمن أبو الخير "أراد شكري أن يحقق هدفه من خلال خطة الطاغوت فاصطاده الطاغوت فى شباكه".
فكيف وقع شكري في شباك النظام.