الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

وصايا أبوالغيط العشر.. وموت العرب!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قرأت الملاحظات العشر التى ذكرها أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط فى مقاله الذى اختص به جريدة «الحياة» اللندنية والمعنون بـ«عشر ملاحظات على هامش الأزمات العربية»، أكثر من مرة لأقف على رؤية المسئول عن البيت العربى الذى تحول بفعل الانكسار والانهزام والتواطؤ من بعض القادة العربى إلى بيت من زجاج!
وتوقفت عند قصره فى أن حل «العثرات العربية» يكمن فى إجراء حوار صريح بين الدول العربية، وبيان أسباب الأزمات والتهديدات، داخلية أكانت أم إقليمية أم دولية، وتشخيصه أن هذا الحوار هو السبيل الوحيد لتشكيل موقف موحد وصلب يضع العرب فى موضع القوة إزاء الآخرين من الطامحين والطامعين وما أكثرهم - على حد قوله - وهو فى ذات الوقت ما يمكنهم من التصدى لتهديدات لا تمس دولة بعينها، وإنما تطال الكيان العربى وهويته الجامعة، وعلى رأسها ما تتعرض له القضية الفلسطينية من محاولات مكشوفة لتصفيتها!
وأتساءل: إلى هذه الدرجة أصبح مجرد جلوس قادة وحكومات العرب على مائدة حوار واحدة لبحث قضايا ومصائر شعوبهم حلمًا بعيد التحقيق؟!
وإلى هذا الحد وصلنا إلى أن غاية الممكن، هى إدارة الأزمات، وليس حلها، وبات مطلوبًا من شعوبنا التكيف مع تلك الأزمات لا اقتلاع جذورها ومجابهة مسبباتها؟!
ربما يكون هناك بعض الحق فى هذا الطرح، بعد أن سادت سياسة «الذئاب المنفردة» توجهات قادة وحكومات بعينها، وعلى رأسها قطر التى تعرض عرضها وشرفها ليعبث به الأمريكان والأتراك وأبناء الملالى ورجال المرشد! 
ولا أكون مغاليًا وأقول إن السبب الرئيسى لما نحن فيه كعرب من تبعية وتحديد مصير، بل رسم خرائط بكياننا ومستقبلنا ومستقبل منطقتنا وأجيالنا فى أيدى الآخر «العدو»، هو بسبب كراهيتنا لبعضنا، ونفورنا من الجلوس والتحدث مع بعضنا، وخيانتنا لصالح عدونا.
وقبل أن تتهمنى بـ«السوداوية» تجاه نظرتى للواقع العربى، عليك أن تجيب عزيزى العربى الوحدوى.. كم قرارًا صدر عن إجماع عربى وتم تنفيذه؟
وكم قضية عربية حلت بأيدٍ عربية؟
وكم.. وكم..؟
ويكفى الإشارة إلى وضع الهيئة العربية للتصنيع التى أنشئت عام ١٩٧٥ بتعاون بين مصر وقطر والسعودية والإمارات، لتكون قاعدة صناعة الدفاع العربى المشترك، وكيف كان سيكون حال العرب لو وجهت الـ٣٠ تريليون دولار، التى اشترت بها الدول العربية أسلحة ومعدات عسكرية من أمريكا وروسيا وألمانيا وفرنسا والصين فى السنوات الأخيرة لهذه الهيئة وقيامها بدورها المنوط به؟!
أبوالغيط حمل ما أطلق عليه «الفراغ الإستراتيجى» الذى أفرزته أحداث ٢٠١١ من صراعات خطيرة وإضعاف وإسقاط حكومات وكياناتٍ سياسية ومنظومات أمنية، النصيب الأكبر فيما آل إليه حال العرب من تدهور وانقسام وتشتت وتبعية، حيث هيأ السباق على ملء هذا «الفراغ الاستراتيجي» الفرص لأطراف من داخل المنطقة، وفى جوارها القريب، وبامتداد العالم الخارجي، لنتصارع على انتزاع مواطئ أقدام لها، وهو ما أطلق الطموحات والأطماع لإعادة رسم الخرائط وتحصيل «الغنائم». 
وربما كانت الملاحظة المهمة من وجهة نظرى هى المتعلقة بـ« الأمن القومى العربي» الذى يتعامل معه العرب بمنطق «التجزئة»، فهناك ملف لمكافحة الإرهاب، وآخر لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي، وثالث للخطر الإيراني، ورابع للأطماع التركية، وخامس لأزمات اللاجئين وإعادة الإعمار.. إلخ، وبين أبوالغيط أن هذا النهج القائم على تجزئة القضايا والملفات لا يسمح بحشد القوة العربية الإجمالية فى التعامل الناجع والفعّال مع أيٍ من هذه الملفات الخطيرة والضاغطة، بل يترك كل دولة عربية - أو مجموعة من الدول - لمواجهة ما تراه تهديدًا مُباشرًا لها ولأمنها ووجودها ومصالحها!
نعم.. أتفق معك سيدى أمين جامعة الدول العربية فى أن تنسيق المواقف العربية، وإعادة ترتيب البيت العربى من الداخل لم يعد مجرد رؤى أيديولوجية أو أفكار سياسية نظرية، وإنما حقائق تفرض نفسها على الأرض، وتحديات مطروحة على أجندة العمل العربي، لكن كيف تستطيع أن تجلس «أمير قطر بجوار ملك البحرين» أو تجلس بشار الأسد بجوار ملك السعودية أو تجلس ملك المغرب بجوار رئيس تونس؟!
إن إجراء أى تعديل على الإرادة السياسية العربية لتحقيق أى توافق يستلزم تحلى القادة والحكومات، ومن بعدهم شعوبنا بأعلى درجات الولاء والانتماء للدين والعروبة، ووقف دعم مروجى الخراب، وأنصار الطائفية وأصحاب الدعاوى الانفصالية.. هنا فقط يكون الحوار.