1000 حكاية وحكاية
أنا وقت مفقود بين وقتين
«أشعر بأننى تعبت.. فمنذ عقدين ونصف وأنا أكتب.. أكتب ارتجالا فى كل شىء.. أتفنن فى تجديل الكلمات.. أقرأ وأقرأ وأقنع نفسى بأن الصبح آت.. ولن يضيع تعب.. ولن تموت فكرة.. أتفانى فى حرق ذاتى بثقاب الأمل فى أن الغد ستشرق فيه شمس.. لكن كل غد يجىء بظلال من السحب.. قلبى كقربة سقاء ثقبت فتساقطت منها قطرات الصبر واحدة تلو الأخرى حتى نفدت.. الناس من حولى بعضهم بات كأصنام لا تنطق.. واالبعض الآخر مسوخ لا لغة تفاهم بيننا.. يراودنى الشك فى كل لحظة بأن أحدهم سيطعننى فى ظهرى.. حتى ذلك الذى أتقاسم معه الطعام.. هذا الغبار يحجب عنى الرؤية.. عقارب الساعة على الجدران قد وقفت.. فقد كل شىء فى ذهنى معناه.. أصارع الظل فيصرعنى.. أنا لست أنا، هكذا أقول لنفسى.. أم أن الناس لم يعودوا هم؟! «ترد علىَّ»، أشك أن هذا الوضع سيتغير، وأن نفخ السور لن يأت الآن.. قلبى كقالب ثلج لونه أبيض، لكنه لا يقوى على حرارة الشمس يذوب دون أن أرتوى منه برشفة واحدة.. كل شىء فى هذا العالم حلمت به لم أجده.. لا الحب.. ولا الصداقة.. والعمل.. لذا أضع لنفسى عنوانا بأننى وقت مفقود بين وقتين.. حتى تلك الكلمات ربما لا يفهمها أحد غيرى.. لا أدرى أكان ما أنا فيه لعنة أو دعاء من طفل يتيم عبست فى وجهه أو امرأة عجوز مررت عليها ولم أساعدها.. أم حبيبة قطفت من وجنتيها بلحا أحمر ولم أستسغه.. لا أعرف.. لذا قررت أن أستريح ولو قليلا.. أغلق دفاترى ولو لسويعات.. لأيام.. فأنا فى حاجة لأن أجالس نفسى على انفراد.. فى حاجة لأن أعيد ترتيب ذاتى.. فى حاجة لأن أقنع نفسى بنصائح «تشيخوف»، وهى أن أغادر المكان الذى لا أحبه والأشخاص الذين يؤذوننى.. أنا فى حاجة لأن لا أصبح فى الحياة متفرجا.. أنا فى حاجة لأن أستعيد تعريف العالم.. فإما أن أعود إليه وإما ألا أعود..