منذ الساعة الثامنة من صباح الجمعة الماضي كان المتحدث العسكرى العقيد تامر الرفاعي يذيع بيانا فى الإذاعة والتليفزيون، أن القوات المسلحة مع الشرطة بدأت عملية شاملة فى شمال، ووسط سيناء، والظهير الصحراوى غرب وادى النيل، وذلك من أجل القضاء على البؤر والعناصر الإرهابية، حتى الحدود المصرية الليبية.
وفى البيان الثانى الذى أذيع بعد ساعتين من البيان الأول، قال المتحدث العسكرى: إن القوات الجوية المشاركة فى الخطة استهدفت بؤرا وأوكارا إرهابية بشمال سيناء، وإن القوات البحرية وقوات حرس الحدود تشارك أيضا فى تنفيذ الخطة.
وتابع، كما تقوم عناصر من القوات البحرية بتشديد إجراءات التأمين على المسرح البحري، بهدف قطع خطوط الإمداد عن العناصر الإرهابية، وتشدد قوات حرس الحدود والشرطة من إجراءات التأمين على المنافذ الحدودية، وكذا إجراءات التأمين للمجرى الملاحى لقناة السويس.
هذه المواجهة الشاملة من القوات المسلحة والشرطة للقضاء على الإرهاب تأتى بعد أن وصلت مؤامرات الإرهاب، ومن ورائه إلى حال من الخطورة على كامل الدولة، لا يمكن السكوت عليه؛ لأن الهدف الأساسى لأهل الشر نشر الفوضى وهدم الدولة وإحداث الخلل والارتباك، باستغلال فترة الانتخابات الرئاسية.
وما كشفته الأجهزة الرقابية ووأدته خطير من ناحية مخططاته، ومنفذيه وأدوات تنفيذهم المؤامرة، ومشاركة عناصر أجنبية فى تنفيذ هذه المخططات التى تستهدف هدم الدولة، واستدعاء الانفلات والفوضى، ونشر الجماعات المسلحة.
الخطير أن إحدى هذه المؤامرات كانت وراءها دولة كبيرة، وتم تحديد هذه الدولة عن طريق التكنولوجيا المتقدمة التى كانت فى خدمة المجموعة الإرهابية، وتقوم بتوجيههم وتحديد أهدافهم الإرهابية، وهذه الدولة التى تختلف مؤسساتها مع رئيسها لا تكتفى أجهزتها بما يقوم به الإرهاب من قتل وذبح وإحراق، ولا تستحى بما تقوم به من ادعائها أنها تحارب الإرهاب، لكنها تقوم بتمويله وتوجيهه، وعلينا أن نتذكر دائما المقولة التى قالها مستشار الأمن القومى الأمريكى الأسبق هنرى كيسنجر، «إنه ليس من مصلحة أمريكا أن تنهض مصر أو تنهار»، هذا هو الحال الذى تريده أمريكا بأن تظل مصر بلدا معلقة بين الانهيار والتقدم.
فى هذه الأجواء فإن العملية الشاملة للقوات المسلحة بالاشتراك مع قوات الشرطة هى أهم رسالة قوية للدولة المصرية، خلال السنوات الماضية، لكل من يحاول لى ذراعها أو الطمع فى ثرواتها، سواء كان بلطجى تركيا، أو الأجهزة الأمريكية. ولم تكن العملية الشاملة وليدة اللحظة، ولكن سبقها فترة إعداد وجمع معلومات، ولكن توقيتها رد على كل المتربصين بمصر، بأن هناك جيشا قويا ويده تصل لكل من يتطاول أو يتجرأ على مصر وأمنها. لذلك فهى عملية استباقية لأية محاولات لإعاقة الانتخابات الرئاسية أو لإخافة الناس من الذهاب لصناديق الانتخابات، حتى تظهر مصر فاقدة للاستقرار أمام العالم، وتتعطل المشروعات القومية، والاستثمار وخطط التنمية بعد النجاحات المتتالية للمشروعات القومية الكبيرة، وشبكة الطرق، وبدء إنتاج حقل ظهر الضخم.
المفاجأة أن العملية الشاملة سيناء ٢٠١٨ يشترك فيها جميع أسلحة القوات المسلحة فى وقت واحد؛ البحرية قطعت خطوط الإمداد للإرهابيين، والجوية ضربت مخازن السلاح وبؤر وأوكار الإرهابيين، والقوات البرية قامت بعمليات المداهمة للإرهابيين والقضاء عليهم.
والشرطة المدنية فى نفس الوقت قامت بالقبض على عدد من عناصر حركة حسم الإرهابية بعد مداهمة أوكارهم، وأيضا ضبطت أربعة عشر إرهابيا وبحوزتهم مواد متفجرة لتنفيذ عمليات إرهابية أثناء فترة الانتخابات.
هكذا ليس بالشعارات وحدها يموت الإرهاب، ولكن بالتسليح والتخطيط والمعلومات والتدريب.
وهذه العملية فى رأى كل المتابعين والمراقبين كانت متوقعة، ولكن غير معروف موعدها، وهذه هى المفاجأة، وفى هذا التوقيت الذى لم يتوقعه الإرهابيون، باعتبار أن يوم الجمعة إجازة، وهم أنفسهم كانوا يستغلون الجمعة فى تنفيذ عملياتهم الإرهابية، وليس بعيدا عن ذلك ما قاموا به من مذبحة المصلين داخل مسجد الروضة أثناء صلاة الجمعة. العملية الشاملة سيناء ٢٠١٨ هى الآلية، التى ستمكن مصر من القضاء على الإرهاب، فهى أشبه بالكماشة التى أطبقت بفكيها على الإرهابيين من كل جانب وخطوط إمدادهم، أو محاولة هروبهم، أو استدعاء إمدادات إرهابية لهم من ليبيا، أو غيرها، بعد أن قامت قوات الجيش بإغلاق ومراقبة كل الحدود المصرية.
إنها مواجهة شاملة للإرهاب على أرض مصر، وهى حرب واقعية وصريحة، لمنعهم من القيام بأى عمليات انتقام، بتأمين جميع منشآت الدولة وتأمين الحدود.
إن كل المؤشرات تدل على أن تطورات المنطقة تتجه فى مسار تصعيدى وتصاعدي، لا تهدئة فيه، فإذ لم نكن فى كامل قوتنا واستعدادنا واستقرارنا، فهناك من يريد أن يسلب إرادتنا وأن يسرق ثرواتنا.
الرسالة القوية لعملية سيناء ٢٠١٨ قد وصلت بكل ما فيها من إنذار وتحدٍ من الدولة المصرية إلى كل من أمريكا وتركيا وقطر ولكل من يطمح أن يعبث بأمن مصر، ومردودها سيظهر سريعا، وستخرص الألسنة، لكن أهل الشر كما هى عاداتهم سيلجأون إلى الشائعات وقلب الحقائق، ونشر الصور المفبركة.
هكذا ترجع مصر إلى ما أراده الله لها، بيت الصلاة وإن أرادوها وكرا للإرهاب، سيناء ٢٠١٨ تعيد البريق لمصر ودورها القومى والعربي، والأمل فى المستقبل، الذى يريد الإرهاب ومن ورائه سرقته منا.