قال التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الخميس، إنه وشركاءه المحليين في سوريا استهدفوا قوات مؤيدة للحكومة السورية بضربات جوية وقصف مدفعي ليل الأربعاء للتصدي لهجوم "غير مبرر" قرب نهر الفرات.
وتسلط الواقعة الضوء على احتمال زيادة حدة الصراع في شرق سوريا الغني بالنفط، حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف من فصائل كردية وعربية، على مساحات كبيرة من الأرض بعد هجومها على تنظيم الدولة الإسلامية.
وسبق أن قال الرئيس السوري بشار الأسد، المدعوم من روسيا وفصائل شيعية تدعمها إيران، إنه يريد استعادة كل شبر من سوريا.
وقال مسئول أمريكي طلب عدم نشر اسمه إن القوات المؤيدة للحكومة "كانت تسعى على الأرجح للسيطرة على حقول نفط في خشام" شرقي نهر الفرات في محافظة دير الزور.
وذكر أن عدد المشاركين في الهجوم بلغ نحو 500 مقاتل مدعومين بالمدفعية والدبابات وقاذفات الصواريخ المتعددة الفوهات وقذائف المورتر لكن التحالف وحلفاءه المحليين قتلوا أكثر من مئة منهم.
وقالت وسائل إعلام سورية إن التحالف أوقع "عشرات الشهداء والجرحى" بقصفه قوات مؤيدة للحكومة.
لكن قياديا في التحالف العسكري الذي يدعم الأسد شكك في عدد القتلى وقال إن سبعة فقط من القوات المؤيدة للحكومة قتلوا وأصيب 27.
وفي رسالة للأمم المتحدة نشرتها الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) وصفت وزارة الخارجية السورية الهجوم بأنه "جريمة حرب" ودعت إلى "حل هذا التحالف".
وقالت الوزارة "نطالب المجتمع الدولي بإدانة هذه المجزرة وتحميل التحالف الدولي المسؤولية عنها".
أمريكا لسوريا: لا نسعى لصراع
وتأسس التحالف عام 2014 لمحاربة مقاتلي الدولة الإسلامية في سوريا والعراق والذين تعرضوا لهزيمة شبه تامة العام الماضي.
ولا يزال هناك نحو ألفي جندي من القوات الخاصة الأمريكية على الأرض في سوريا لدعم قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد وتدير مساحات واسعة خارج سيطرة الحكومة.
وأودت الحرب الأهلية السورية التي اقتربت من عامها الثامن بحياة مئات الآلاف من الأشخاص وشردت أكثر من 11 مليونا، في حين استدرجت دولا إقليمية وقوى عالمية تدعم فصائل حليفة لها على الأرض.
وتفادت قوات سوريا الديمقراطية، التي تساندها الولايات المتحدة، إلى حد بعيد الدخول في مواجهة مباشرة مع القوات الحكومية المدعومة من إيران في الوقت الذي كان فيه الجانبان يقاتلان عدوا مشتركا هو الدولة الإسلامية.
وشددت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) دانا وايت على أن ضربات التحالف دفاعية محضة.
وقالت في تفسير لرد التحالف القوي خلال إفادة صحفية "لا نسعى لصراع مع النظام السوري".
لكن الواقعة سلطت الضوء على تنامي التوتر في سوريا في ظل تقارير عن استخدام أسلحة كيماوية سورية في أنحاء أخرى من البلاد.
ونددت وزارة الخارجية الأمريكية بمزاعم استخدام الأسلحة الكيماوية وأيدت دعوة الأمم المتحدة لوقف العنف في سوريا لمدة شهر للسماح بتوصيل المساعدات وتسهيل إجلاء المدنيين.
وقالت روسيا إن هذا المقترح غير قابل للتطبيق.
وأوضح السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا عن مقترح وقف العنف لمدة شهر "هذا غير واقعي، ونود أن نرى وقفًا لإطلاق النار ونهاية للحرب في سوريا لكني لست متأكدا أن الإرهابيين سيوافقون على ذلك".
مناوشات
أكد التحالف إن الهجوم وقع على مسافة نحو ثمانية كيلومترات "شرقي نهر الفرات الخط الفاصل لمنع الاشتباك في خشام" وهي بلدة واقعة في جنوب شرق محافظة دير الزور.
وقال المسئول الأمريكي إن التحالف نبه المسؤولين الروس بشأن وجود قوات سوريا الديمقراطية في المنطقة قبل فترة طويلة من الهجوم الذي جرى إحباطه.
وأضاف: "مسئولو التحالف كانوا على اتصال بانتظام مع نظرائهم الروس قبل وأثناء وبعد إحباط الهجوم".
وتتواصل الولايات المتحدة وروسيا بشكل مستمر في شرق سوريا لمنع حدوث مواجهة غير متوقعة بين القوات التي تدعمانها هناك.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن الفصائل المؤيدة للحكومة التي تعرضت للهجوم كانت تنفذ مهام استطلاع ولم تتفق مع روسيا مسبقا بشأن أنشطتها.
وذكر مسئولون أنه لم يقتل أو يصب في الواقعة أي من الجنود الأمريكيين.
لكن بعض القوات الأمريكية كانت لا تزال متمركزة وقت حدوث الواقعة مع قوات سوريا الديمقراطية التي كان الهجوم يستهدف مقر قيادتها في محافظة دير الزور.
وقال المسؤول إن واحدا من أفراد قوات سوريا الديمقراطية أصيب.
ووصف نوري محمود، وهو متحدث باسم وحدات حماية الشعب الكردية السورية، الاشتباكات بأنها ”مناوشات“ وقال إن الجانبين عادا إلى مواقعهما السابقة.
ولم يورد المسؤولون الأمريكيون أو التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة تفاصيل عن القوات المهاجمة.
وذكر التحالف في رسالة بالبريد الإلكتروني أن القوات المؤيدة للحكومة كانت البادئة بالأعمال العدائية، إذ أطلقت نيران المدفعية وقذائف المورتر وقامت بمناورات بالدبابات بعد حشد القوات بشكل مطرد على مدى الأسبوع المنصرم.
وقال مراسل لقناة الإخبارية التلفزيونية "عشرات الشهداء والجرحى جراء قيام قوات التحالف الدولي بقصف مجموعات من أبناء المنطقة كانت تقاتل داعش وقسد (قوات سوريا الديمقراطية) بين قريتي خشام والطابية بالريف الشرقي لدير الزور".
ونسبت وكالة إنترفاكس للأنباء إلى وزارة الدفاع الروسية القول إن الواقعة تظهر أن هدف الولايات المتحدة في سوريا ليس محاربة الدولة الإسلامية وإنما الاستيلاء على أصول اقتصادية.
وأضافت أن قادة روسا أجروا محادثات مع مندوبين من التحالف بعد الواقعة.