الأربعاء 27 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تحملون الخطيئة.. وترجمونها بحجر!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عبر تجارب ديمقراطيات التاريخ المعاصر التى تفاخر بها الدول، ارتقت الأحزاب والتيارات المناهضة للحكم بنفسها عن التدنى بمكانة المعارضة إلى مجرد علبة أدوات تجميل تُخفى أمام عدسات الكاميرا قصورها وعجزها، أو تُجمِل غيابها عن المشهد السياسى لتظهر فجأة وهى تتلوا بيانا يقتصر على كيل الاتهامات المجردة، المهمومين بوجود حياة سياسية مكتملة المقومات بالتأكيد يشاركون التيارات المدنية فى ضرورة وضع عينها على التجارب الدولية والدور الحيوى الذى تلعبه المعارضة فى توازن العملية السياسية، بينما هذه القوى تمارس دورها فى مصر على طريقة «لا تقربوا الصلاة» فقط، المعارضة تدرك جيدا الأبعاد العامة التى يتطلبها دور خطير كالذى اختارت التعبير عنه، طرح مشروع سياسى يحمل رؤية لغد أفضل، ثم تسويق نفسها للشارع بهذا التصور أو البرنامج، كأى معارضة فى العالم هى تستمد ضرورة وجودها من الجدية والتأثير والقدرة على الإقناع بالدور الإصلاحى الذى تتبناه.
منذ عام ٢٠١١ عزفت قوى المعارضة «نغمة نشاز» أثارت سخط واستفزاز الشارع نتيجة حجم «المراهقات الثورية» الت» صورت لها أن الشارع منحها توكيلا عاما حتى لو اكتفت بكونها مجرد «ظاهرة صوتية»، بل بلغ بعض عناصرها درجة من الابتعاد عن الواقع إلى الاستخفاف بحقيقة أن مصر تخوض حربا خلافا لما تؤكده التقارير الاستخبارية العالمية، فى أقصى حالات التحدى والضغوط المفروضة على أى دولة، إن دعوات إلغاء المعارضة لا يمكن صدورها عن صوت عاقل خصوصا فى إطار دعم توحيد الجبهة الداخلية، وهى حالة من الوعى السياسى تكررت تاريخيا أثناء لحظات الأزمة التى عاشتها دول العالم.
المناخ العام فى حالة إلى وجود قوى وتيارات مختلفة التوجه، لكن على درجة وعى سياسى أكثر نضجا من تحميل الوطن المزيد من الضغوط أو تغذية حقد «كائنات» تعلن هدفها بصراحة أن تضرب فى مقتل كل خطوة أنجزتها مصر عبر الأربع سنوات الماضية، والانتقام الشخصى من الرئيس عبدالفتاح السيسى، رسالة هدم تعكس بصدق شعار مرشدهم «طز فى مصر»، الحواجز الفاصلة التى وضعتها تيارات «المعارضة المدنية» عن أفراد مليشيات «البنا» لا يكفى إعلانها بالكلمات، والدليل كل مظاهر الاستغلال السافر لبيانات هذه التيارات من «كهنة» اليأس والفشل.
بعيدا عن كل فرضيات وأجواء نظرية المؤامرة، استقلالية الرؤية السياسية لتيارات المعارضة لا تتعارض مع توقفها جديا أمام حقائق توثقها يوميا تصريحات لكبار الساسة، مقاطع فيديو، تقارير وكالات أنباء عالمية، عن تحركات إقليمية ودولية جديرة باستدعاء القلق دون التمادى بين نقيضى الاستهانة أو المبالغة، على مدى السنوات الماضية نشطت تحركات ومواقف صارخة لأطراف لا يسعدها أى مكاسب أمنية حققتها مصر، على رأسها التقدم السريع فى التسليح وتنوع مصادره، مناورات عسكرية مع مختلف جيوش العالم، ثم لقطات انسحاب تنظيم داعش -بكامل أسلحته الثقيلة- من سوريا والعراق نحو الحدود التركية فى مواكبة تصريح الرئيس التركى أردوغان عن توجه هذه القوافل إلى سيناء، محاولات اختراق لا تنقطع من التنظيمات الإرهابية على طول الحدود الغربية بهدف إنهاك مصر أمنيا، واستفزاز قواتها المسلحة، كلها حقائق لا تدرج فى خانة «أوهام المؤامرة»، حتى خطط اغتيال كبار القادة والرموز -حادث استهداف وزيرى الدفاع والداخلية فى مطار العريش- لا يُعقل مرورها كحادث إرهابى عابر نفذه مجموعة «دراويش» غيبت عقولها، هو بكل تفاصيله مخطط على أعلى درجة من الحرفية.
تيارات المعارضة المدنية للأسف لم تطرح أى رؤية تقتحم بعمق الملف الاقتصادى بكل تداعياته ليس فقط بعد عام ٢٠١١، بل عبر العقود الماضية، تحرير سعر الدولار وارتفاع الأسعار ما أثار التذمر الشعبى لا ينبغى تحليله للرأى العام على طريقة المثل الساذج (احييني اليوم..و موتنى بكره)، وليذهب مستقبل الاقتصاد المصرى إلى الجحيم!! كان على المعارضة المطلوب منها المشاركة السياسية -حتى لو اضطرت إلى اقتحام المشهد بكل آليات العمل السياسى- الرجوع إلى شهادات خبراء اقتصاد دوليين عرضت رؤية محايدة تدعم الشق الإيجابى لإجراء الإصلاح الاقتصادى الذى بدأته مصر، رغم مرارة هذه الخطوات، وأن تضع أمام الناخب تفنيدا لهذه الآراء من خبراء اقتصاد قد يحملون رؤية مغايرة.
الحكومة ليست فى حاجة إلى دفاع أو محاولات غزل، طالما هى فى حالة عمل دائم، ننتظر منها الصواب والخطأ، المكسب الحقيقى لمستقبل الحياة السياسية استيعاب وعى وعقل المعارضة، إنها بينما تضع عينا على حقوقها ومطالبها، أن توجه العين الأخرى نحو واقع الحال المصرى بكل تحدياته، واعتماد برنامج سياسى يحتضن الشارع حتى تستعيد اهتمامه وقناعته بها.