الأربعاء 04 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الانتقام من جثة امرأة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أربع سيدات من وحدة حماية المرأة الكردية فى شمال عفرين، يتقدمن الصفوف فى الجبهة الأمامية، اشتباك مسلح بين أصحاب الأرض والغزاة، التركى العثمانلى يعيش فى أوهام خلافته المكذوبة، أربع سيدات يرفضن التراجع، وبسلاح محدود الأثر يدور اشتباك حتى الطلقة الأخيرة، تذهب السيدات إلى السماء ولا نعرف أسماءهن، حتى برز اسم «بارين كوباني» ليقول للعالم كله: لن يمر الغزاة البرابرة ما دام هناك أحرار قادرون على المواجهة، وإذا نجح الغزاة فى المرور فلتكن أجسادنا هى الحصن الأخير للمواجهة.
مقطع الفيديو الذى انتشر قبل أيام لجثة «بارين كوباني» بينما يتحلق حولها عدد من اللحى للتمثيل بجثتها هو عنوان المرحلة التى يريدها المجتمع الدولي، ذلك المجتمع الذى اختار اسم «المعارضة المسلحة» ليصف به إرهابيون هم فى الأصل أعداء للحياة والتقدم، ليس الأردوغانى العثمانلى وحده المجرم والمتهم، العار يلاحق كل من خطط ورتب وقدم الدعم والتمويل، العار يلاحق كل عاصمة اختارت أن تكون ملاذًا آمنًا للقتلة الإرهابيين الذين طلعوا علينا قبل سنوات ليحرقوا الزرع والضرع.
«بارين كوباني» حسب ما قالت عنها وكالة فرانس برس «لم تقبل الاستسلام وحاربت حتى الطلقة الأخيرة»، كوبانى ابنة الثلاثة وعشرين عامًا وصفتها «أمد كندال» القيادية فى وحدات حماية المرأة فى عفرين أنها «شجاعة» وأضافت: «إن التمثيل بجثة بارين سوف يزيدنا إصرارًا على المقاومة والانتصار ولن نستسلم».
هذا العمل الإجرامى يتحمل مسئوليته بشكل مباشر الأردوغانى العثمانلى وسلالته شاربو الدم وقتلة الحضارة، كما يتحمل مسئوليته ما نسميه بالمجتمع الدولى من واشنطن إلى موسكو إلى باريس إلى لندن، كلهم مجرمون، أما عواصمنا العربية فلا وزن لها حتى نعتب عليها أو نوجه اللوم لها، نصف عواصمنا العربية صارت جثثًا تنتظر الدفن فى مقابر الصدقة، النساء الأربع اللائى تصدين فى خط متقدم شمال عفرين لغصن زيتون تركيا وحلفائها المتأسلمين هن أربع إضاءات على طريق الانتصار، والهزيمة الشاملة للمشروع التركى الانتهازى المتحالف مع أحط الكائنات على وجه الأرض.
سيذهب القتلة إلى طريق العار بينما تتجه «بارين كوبانى» إلى طريق المجد، أيقونة نضالية اختارت المواجهة ورفضت الاستسلام ودفعت الثمن باستشهادها، ليمثل الأوغاد بجثمانها على مرأى ومسمع وصمت الجميع، كوبانى التى كشفت همجية اللحظة ودعشنة المجتمع الدولى أكدت باستشهادها على رسالة مهمة وهى أن وهم انتهاء الحرب الأهلية فى سوريا بات واضحًا أنه أكذوبة، وأنه كلما اقتربت الحلول للاكتمال تعمد البعض تفجير الحل والبدء من جديد فى دائرة جهنمية تستهدف تركيع الحجر والبشر.
وسيبقى على الجانب الآخر من يسمون أنفسهم بالمعارضة السورية المتمركزة فى تركيا كفضيحة تمشى على قدمين، البلاد التى خربتها استخبارات العالم يخرج من بين ركامها تجار الموت كمعارضين كاذبين، يتكلمون عن الديمقراطية وهم ستائر دخان يتستر خلفها من قتلوا ومن سحلوا ومن حرقوا، حتى هذه اللحظة لم يتمكن عقلى من استيعاب جلسات الحوار وأوراق العمل فى جنيف وغيرها، وكيف هانت دمشق على من أعجبتهم كاميرات الفضائيات وسكنى الفنادق وارتداء أفخم الملابس، كيف لذلك المعارض وهو يتعطر فى الصباح لا تزكم أنفه رائحة البارود، وكيف لا تُعمى عيناه عندما يطالع صورة بارين كوبانى وقد التف حولها ما يقترب من عشرة مجرمين يدهسون جثتها بأقدامهم.
هذه هى مرحلة الانحطاط والمزايدة والكذب، هذه هى مرحلة الخونة وتمجيد القتلة وقتل المقتول أكثر من مرة، دمشق التى احترفت الغناء والموسيقى لا يمكن أبدًا أن تموت ستنهض يومًا ما لنحتفل بالنصر ونرقص الدبكة