سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، على مدى ثلاثة شهور ماضية، وتحديدًا فى (١٢) مقالًا سابقًا لى، كُنت حريصًا خلالها على مساندتك ودعمك وتأييدك لأننى مقتنع بك اقتناعًا تامًا، ومقتنع بثورة ٣٠ يونيو العظيمة، ومقتنع بما فعلته من إنقاذ وبناء لدولة كادت أن تُصبح ذكرى فى التاريخ بعد أن يُقسِمُها الإرهابيون إلى (٤) دول طبقًا لمخطط الشرق الأوسط الكبير.. كنت خلال مقالاتى الـ ١٢ السابقة مُسلطًا الضوء على التهديدات والمخاطر التى يتعرض لها الأمن القومى المصرى، ومُحفزًا للجميع على الاصطفاف الوطنى خلفك، ويعلم الله ما أفعله مع جميع المحيطين بى من أجل التوعية بما قمت به، وأعِدك أننى مُستمر فى دعمك وتأييدك حتى أنفاسي الأخيرة.
سيادة الرئيس السيسى، أعانك الله على مهامِك الثقيلة، ومسئولياتك التى تؤديها بصدق وجد وإخلاص وتفانِ ونُكران للذات وتقديم مصلحة الوطن على أى شيء آخر، فقد ظللنا سنوات طوال نسمع شعارات العدالة الاجتماعية دون تطبيقها، وكنت أنت أول من اهتم بالغلابة وسكّان العشوائيات، ظللنا سنوات طوال نسمع عن مكافحة الفساد فى الوقت الذى كان ينتشر فيه الفساد ويتوغل فى جميع أركان الدولة، وكنت أنت أول من حاكم وزيرًا ومحافظًا وهما ما زالا فى منصبيهما بعد القبض عليهما وتقديمهما للعدالة، وأشياء إيجابية كثيرة جدًا ونجاحات وإنجازات تحتاج لصفحات لاستيعابها.
لكنى يا سيادة الرئيس وجدت نفسي أمام حقيقة أصبحت واضحة أمامى وضوح الشمس، وهى للأسف الشديد تنال من الدولة المصرية وثورتها العظيمة فى ٣٠ يونيو، وتخصم من رصيد ثورتنا وتسيء لنا جميعًا، وأسمح لى أن أقولها لك بِحكُم غيرتى على بلدى ورئيسى وثورتى.. وهى (كيف تترُك دولة بحجم مصر لها وزارة خارجية عريقة الساحة مفتوحة أمام أهل الشر ليبرطعوا فيها هكذا للإساءة لمصر فى الخارج؟)، و(بصريح العِبارة: لماذا لا يصل صوتنا للخارج؟ هل لأننا اعتدنا أن نُحدِّث أنفسنا فى الداخل؟ أم أننا لدينا قُصر نظر فى الإعلام ولا نرى ماذا يحدث حولِنا؟ هل هذا يرضيك يا سيادة الرئيس؟).. أعلم تمام العلم ما قمت بِه من مجهودات فى جولاتك الخارجية فى أوروبا وأمريكا وأفريقيا والخليج، نعم هى جولات ناجحة وآتت ثمارها، لكن هناك من يُهيل عليها التراب من أهل الشر، ونجد أنفسنا عاجزين عن الرد، وفى هذه الحالة يأتى دور وزارة الخارجية وسفرائنا بالخارج والهيئة العامة للاستعلامات بمكاتبها التى تم تقليصها
بصراحة يا سيادة الرئيس: رِجالك فاشلون فى الوصول إلى عقول أوروبا وصحفها ووسائل إعلامها وبرلماناتها وصورتنا بالخارج بيحاولوا يشوهوها ونحن عاجزين عن إزالة هذا التشوية، مثلًا: فى فرنسا، قمت سيادتك بأدوار مهمة مع المسئولين الفرنسيين، ونجحت فى مُهمتك ولكن هناك فى فرنسا مُنظمات إخوانية ضالة يصل عددها إلى (٢٥٠ مُنظمة)، تحاول تشويه مصر من خلالها ونحن لا نرُد عليها، وهذه المنظمات تُقيم وتُدير وتُمول العشرات من المراكز البحثية، والتى يصل حجم رأسمالها إلى (٣) مليارات يورو، والتى بطبيعة الحال لها امتدادات فى كل شيء فى فرنسا وتقاريرها تنشر على الدوام فى وسائل الإعلام الفرنسية المسموعة والمقروءة والمرئية، تقارير ضد مصر وتُسيء للجيش المصرى، وللأسف لا يوجد لنا دور ولا نتصدى لهذا الغول الإخوانى بالخارج وتركنا لهم الساحة.. فقد وصل عدد المنظمات الإخوانية على مستوى أوروبا جمعاء إلى (٥٠٠) منظمة، ووصل رأسمالها إلى ما يقرب من (١٠) مليارات دولار، أنا لا أهول ولكنى أقول معلومات مؤكدة، لعل وعسى أن نتحرك للتصدى لها بشرط أن يكون تحركًا سريعًا.
سيادة الرئيس، هل شاهدت الأسبوع الماضى. قناة (فرنسا ٢٤) وهى تطعن مصر طوال اليوم وفى كل برامجها وما زالت.. من يرد علي هذه القناة؟ وهل نحن فاشلين أم عاجزين عن الرد على تهكُماتها على مصر ورئيسها وجيشها وشرطتها وقضائها والهيئة الوطنية للانتخابات؟ أين رجالك وأنصارك يا سيادة الرئيس؟ لماذا لا يظهرون للرد؟ لماذا لا تعطيهم تعليمات عليا منك شخصيًا للرد وعدم ترك كل صغيرة وكبيرة إلا وتفنيدها وتوضيحها لأننا على الحق المبين، يا سيادة الرئيس رجالك وأنصارك فى مناصبهم لا يهتمون بالرد ولا يبالون ولا يزعجهم ذلك ولا يقلق منامهم ذلك، رغم أننى أعلم أن ذلك يزعجك كثيرًا؛ لأنهم يتقاضون رواتبهم ويختفون وينامون وينتظرون المكافآت والحوافز والبدلات، وضميرهم غائب ووطنيتهم زائفة ومهنيتهم مشكوك فيها، وانتماؤهم لنظامك مجرد سبوبة، وسيحاسبون أمام الله على عدم قيامهم بمسئولياتهم.
سيادة الرئيس، فى كل بلدان العالم توجد (المراكز البحثية) التى تدعم الدولة وتُصدر تقاريرها وأبحاثها ويتم الاستعانة بها للوصول إلى الرأى الصائب، فى أمريكا مراكز بحثية كثيرة كلها- وهذا ليس سرًا- تابعة للمخابرات والخارجية والبيت الأبيض، وفى بريطانيا وفرنسا كذلك، حتى دويلة قطر لديها مراكز بحثية يقوم بالإشراف عليها الملعون عزمى بشارة، أما فى مصر فللأسف الشديد، فالمراكز البحثية تعمل بـ (دراعها)، ولا يوجد أى مركز بحثى مؤثر متخصص إلا (مركز الدراسات الذى يديره عضو مجلس النواب عبدالرحيم على، وهو الكاتب الصحفى المُتعمق فى دراسة التنظيمات المتطرفة كافة).
سيادة الرئيس، الأسبوع الماضى فوجئت مثل غيرى من المصريين بهجوم (قناة فرنسا ٢٤) على كل شيء فى مصر، وحزنت، وتألمت، لكنى تألمت أكثر من عدم ردنا، ووجدتهم يستندون فى برامجهم إلى تقارير صادرة عن مراكز بحثية إخوانية فى فرنسا.
وقلت لنفسي: لماذا لا توجد لمصر مراكز بحثية ترد على هذا الهراء؟.. وفجأة، وجدت المُذيع الإخوانى التونسي يعلن عن وجود الكاتب الصحفى عبدالرحيم على بصفته مديرًا لمركز الدراسات بباريس، تحول الألم إلى سعادة، وانتظرت ماذا سيُسفر عنه اللقاء، بالفعل كان اللقاء مثل (حلبة مصارعة) فقد استطاع «عبدالرحيم على» تحقيق ضربات ولكمات ليس فى وجه المُذيع التونسي فقط ولا للقناة فقط، ولكنها كانت ضربات ولكمات مؤثرة وموجهة لوجه وعين وقلب وعقل جماعة الإخوان المتوغلين فى فرنسا وإعلامها ومراكزها البحثية، أنار «عبدالرحيم على» الظلام الذى كانت تعيش فيه قناة (فرنسا ٢٤)، وكشف لهم زيف وادعاءات وأكاذيب الإخوان وتشهيرهم بانتخابات الرئاسة، وأعاد الحق لثورة ٣٠ يونيو ولرئيس مصر، وقالها عالية خفاقة فى «ستوديو قناة فرنسا ٢٤»، وعلى الهواء مباشرة (ظل حزب التجمع طوال تاريخه يرفض ترشيح مبارك والآن التجمع يصدر بيانًا رسميًا لتأييد السيسي، والوفد أصدر بيانًا رسميًا لتأييد السيسي، والمصريين الأحرار ومستقبل وطن والبرلمان تؤيد السيسي، ورغم ذلك من لديه توكيلات فليتقدم للترشح، وبلدنا لا تمنع أحدًا من الترشح، الفريق سامى عنان صديقى وموقفه غير قانونى، والفريق أحمد شفيق صديقى وأعلن عدم ترشحه، والدولة المصرية يحكمها القانون، وقضاؤنا عادل، ودولتنا قوية).. بعدها شاهدت فيديو لـ«عبدالرحيم على» فى داخل مجلس الشيوخ الفرنسى ويتحاور مع نوابه بصفته برلمانى وصحفى وباحث يصُد ويرُد على مُغالطات وأكاذيب ضد مصر، ليس هذا فقط، بل إنه ذهب لـ (جنيف) ورد على أكاذيب الإخوان وضلال منظماتهم وإفك مراكزهم البحثية.
سيادة الرئيس، نحن فى حاجة ماسة لمراكز بحثية، لا بد من إنشاء مراكز بحثية فى الداخل والخارج على غرار المركز البحثي المصرى الوحيد الذى يديره النائب البرلمانى والكاتب الصحفى عبدالرحيم على، فهو بمُفرده لن يستطع الرد فى ظل ضعف تأثير سفرائنا بالخارج وعدم انتشار الهيئة العامة للاستعلامات خارجيًا.. أقولها تانى وثالث ورابع وعاشر وللمرة المليون: يا سيادة الرئيس (نريد مخاطبة الخارج عن طريق إنشاء مراكز بحثية مصرية بالخارج).
سيادة الرئيس السيسي، إذا قرأت المقال أرجو الرد، وإذا قرأه معاونوك فأرجوهم إبلاغك؟ وإذا لم تقرأه أنت ومعاونوك، فسأستمر فى الكتابة فى هذا الموضوع حتى تَرُد، لأنى أعلم تمام العِلِم أننى لا (أُأذِن فى مالطة) فأنا (أُأذِن فى مصر)، ورئيسها يستمع لأبنائه الخائفين على بلدهم والحالمين بمستقبل أفضل والمهمومين بضرورة توصيل الحقائق للخارج عن مصر والحريصين على إيضاح الصورة الحقيقية الكاملة عن مصر والغيورين على سمعة بلدهم فى الخارج.. هذه الرسالة أتمنى أن تصل لك يا سيادة الرئيس السيسي فى خير وسلام.