حذر ١٥ ألف عالم ينتمون إلى ١٨٤ دولة، يوم ١٣ نوفمبر ٢٠١٧، من تصاعد التهديدات المحدقة بكوكب الأرض بسبب عدم كفاية الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على البيئة والأنظمة البيئية، ودق ناقوس الخطر الجديد، يأتى بعد ٢٥ عاما على أول تحذير مماثل أطلقه علماء معظمهم من الحائزين على جائزة نوبل، فى بيان حمل عنوان «تحذير من علماء العالم للبشرية».
وكانت منظمة «اتحاد العلماء القلقين» نجحت عام ١٩٩٢ فى جمع ١٧٠٠ توقيع للبيان، الذى أكد أن أثر النشاط البشرى على الطبيعة يمكن أن يسبب «معاناة كبرى للإنسان» و«تشويه الأرض بشكل لا يمكن إصلاحه».
بعد ربع قرن، عاد العلماء لإصدار بيان جديد مماثل أطلقوا علية اسم «التحذير الثانى»، وأشار التحذير إلى أن توفر مياه الشرب وقطع الغابات وانحسار عدد الحيوانات الثديية، وانبعاث الغازات المسببة لمفعول الدفيئة، كلها صارت عند مستوى الخط الأحمر.
وأضاف الموقعون على التحذير المنشور فى مجلة «بيو ساينس» أن «البشرية لا تفعل ما ينبغى فعله بشكل عاجل للحفاظ على المحيط الحيوى المهدد»، وقال الأستاذ فى جامعة ديكين فى أستراليا، وأحد أصحاب هذه المبادرة، «توماس نيوسوم» فى هذا البيان، «درسنا تطور الأوضاع فى العقدين الماضيين، وقيمنا الإجراءات المتخذة من خلال المعطيات الرسمية الموجودة» وأضاف، «عما قريب، سيكون الوقت قد تأخر كثيرا لتصحيح هذا الاتجاه الخطر».
من هنا تأتى أهمية الطرح الذى قدمه كل من «بيتر نويل» أستاذ التنمية الدولية بجامعة شرق أنجليا، وماتثيو باترسون أستاذ العلوم السياسية فى جامعة أوتاوا، فى كتاب «رأسمالية المناخ: ارتفاع حرارة الأرض وتحول الاقتصاد العالمى» والذى نقلة إلى العربية منير الجنزورى، والصادر مؤخرا عن المركز القومى للترجمة.
لقد تزايد إدراك الناس بأن تغير المناخ هو قضية العصر، فهى تتشابك مع كل العناصر التى تبقينا أحياء «الغذاء والطاقة» وكذلك الوسائل التى نجمع بها المال مثل التجارة والصناعة والنقل، وطالما أصبح تغير المناخ قضية مراوغة تتم مناقشتها بغموض فى مجلات علمية، أو بين أناس ينزعجون من التكنولوجيا، فقد أصبحت هذه القضية حديث كل يوم، وطالما تم تفهم هذه العلاقات، فإننا نتفهم الحاجة إلى حشد الجهود ذات العلاقة بقضية تغير المناخ لوضع سياسات فى مجالات الزراعة والنقل والطاقة والتجارة، وقد بدأنا نتفهم تغير المناخ ليس بوصفه مشكلة بيئية متفردة مثل الغابات أو المطر الحمضى، ولكن بوصفه شيئًا يؤثر فى كل ما نفعله، وهذه ليست مجرد مسألة ستغير طبيعة حياتنا فى المستقبل، ولكن الكيفية التى نعيش بها اليوم.
وقد حولت الأدلة المتزايدة تغير المناخ من قضية احتمالية بعيدة المدى ذات تداعيات غير مؤكدة إلى قضية عاجلة تتعلق بإنتاج الغذاء ومواجهة الموجات الحرارية والأعاصير ونقص المياه، وفقد المناظر الطبيعية الأيقونية مثل الجليد، أو فقد أنواع من الكائنات مثل الدببة القطبية.
إن المرة الأخيرة التى كانت درجة حرارة المناخ أعلى بمقدار درجتين مئويتين عن درجة الحرارة الحالية، كانت منذ ١٢٩ ألف عام مضت، وعند هذه النقطة كانت مستويات البحار من ٥ إلى ٦ أمتار، أعلى عما هو الحال الآن، وأعلى ٦٠ سنتيمترا عن الزيادة التى قال بها تقرير عام ٢٠٠٧ لمنتدى بين الحكومات عن المناخ بأنها هى الحد الأقصى، وعلى ذلك إذا ما أدرنا الأمر لتحجيم زيادات الحرارة درجتين مئويتين، فسوف نكون فى قلق شديد، وعند ارتفاع الحرارة بمقدار ٤ درجات مئوية فإنه حتى على حساب التقديرات المتحفظة لمنتدى بين الحكومات عن المناخ بارتفاع مستوى البحر بمقدار ٦٠ سم – وهو الحد الأدنى لتقديراتهم عن ارتفاع الحرارة – فإن مساحات كبيرة من مدن مثل لندن وبوسطون والإسكندرية ومومباى وشنغهاى سوف تغرق.. وللحديث بقية.