على مدار 3 سنوات، وجميع الشعوب العربية تعيش في خدعة دولية كبرى تحت مسمى ربيع الثورات العربية، وأحيانا يقال الربيع العربي، بزعم أن ما شهدته دول: تونس وليبيا واليمن ومصر، وما سوف تشهده سوريا، هو ربيع عربي سيجلب الديمقراطية والرخاء والنهضة والبهجة والسرور على شعوب تلك الدول، التي عانت طويلا من الديكتاتورية وغابت عنها شمس الحرية والديمقراطية.
وهذه الخدعة الكبرى انطلت على الكثير من رجال النخب العربية في هذه الدول وغيرها، وسارعت بعض مراكز الأبحاث الدولية والعربية المشاركة في تسويق هذه الخدعة إلى عقد وتنظيم المنتديات والاجتماعات تحت اسم "مستقبل ربيع الثورات العربية وآفاق الربيع العربي".
وصدّع البعض منهم - سواء بسوء نية أو بحسن نية - رؤوسنا عبر شاشات التلفاز وبرامج التوك شو ومقالات الصحف والمواقع الإليكترونية، بأن الربيع العربي هو الأفضل لشعوب تلك الدول، وأن رياح الربيع العربي تحمل الخير لهذه الشعوب كما فعل تنظيم الإخوان الإرهابي في مصر عبر رفع شعار "نحمل الخير لمصر" في حملاته الانتخابية الرئاسية والبرلمانية، واتضح أنهم يحملون الشر والإرهاب والدم والقتل للمصريين.
وقد أدركنا بعد هذه السنوات الثلاث - وقبل فوات الأوان - أنه ليس ربيعاً للشعوب العربية ولكنه ربيع للميليشيات العربية الإرهابية المسلحة، التي اشتدّ عودها في ظل هذا الربيع، وحصلت على الدعم الكثير من الأموال والأسلحة والمتفجرات لفرض سيطرتها ونفوذها على الدول العربية وشعوبها، فربيع الميليشيات العربية هدفه الأول والأخير هو تقويض الدول العربية والعمل على انهيارها وتفكيك مؤسساتها، كما يحدث الآن في ليبيا، وهي النموذج الحي لربيع الميليشيات العربية، وما شهدناه مؤخراً في طرابلس وخروج قطاعات من الشعب الليبي ترفع شعار نعم للدولة ولا للميليشيات، وحادثة خطف رئيس الوزراء الليبي، أبلغ دليل على ذلك.
وجماعة الإخوان الإرهابية وتنظيمها الدولي، ومن خلفهم: الشيطان الأمريكي ومعه تركيا وقطر وآخرون، يسعون لازدهار ربيع الميليشيات العربية ويقدمون لهم كل العون والمساعدة، واجتماعات استانبول والدوحة، وما تقوم به قناة الجزيرة على مدار اليوم، يؤكد أن الهدف هو تمكين الميليشيات الإخوانية وحلفائها من السيطرة على مقدرات الدول العربية.
والميليشيات العربية - وخاصة ميليشيات الاخوان - لا يمكن بأيّة حال من الأحوال أن تلقي السلاح وتندمج في جسد الدولة وكيانها، مثلما حدث من قبل مع الميليشيات الفرنسية في حكومة فيشي، أو الميليشيات الروسية الريفية التي تحولت إلى جزء من جهاز الأمن الداخلي في الاتحاد السوفيتي، وذلك لأن ميليشيات الإخوان فكرها العقائدي قائم على هدم الدولة وليس الاندماج في الدولة.
فالميليشيات دائما - وعبر التاريخ - كانت هي البديل لمقاومة الاحتلال، ولم تكن يوما لمقاومة الدولة الوطنية كما نرى اليوم من ميليشيات جماعة الإخوان الإرهابية، والقاعدة وأنصار بيت المقدس وجماعة "أبو سياف" والتوحيد والجهاد وغيرها من المسميات، حتى وصل الأمر إلى حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس"، لتصبح ميليشيا تابعة للإخوان، وتتحرك ضد الدولة المصرية بدلا من المحتل الإسرائيلي.
فربيع الميليشيات العربية لم يقتصر على ازدهار ونمو الميليشيات المسلحة فقط، بل امتدّ لنرى - في الساحة العربية بتلك الدول - ميليشيات أخرى موازية لها وتعمل على تحقيق نفس الهدف، وهي ميليشيات فكرية وأخرى إليكترونية، تسعى بكل الوسائل غير المشروعة لضرب بنيان الدول العربية التي وقعت في فخّ الربيع العربي أو ربيع الميليشيات العربية.
فالميليشيات - ومن يقفون وراءها - لا يريدون استقراراً سياسيا أو نمواً اقتصاديا أو تماسكا اجتماعيا، بل يريدون خلق حالة من الفوضى والتوتر الدائمين، وما يحدث أحيانا داخل بعض الجامعات المصرية - وخاصة جامعة الأزهر - يؤكد لنا أن من يفعلون ذلك ليسوا طلابا للعلم والدين، ولكنهم عملاء لقادة الميليشيات الإخوانية وتلاميذ في مدرسة تلك الميليشيات.
فيا من كنتم تستخدمون - وما زلتم - مصطلح ربيع الثورات العربية أو الربيع العربي، عليكم أن تسمّوا الأشياء بأسمائها الحقيقية، فهو ليس ربيعاً عربياً على الإطلاق، بل هو خراب ودمار عربي، ويكفي أن تعلموا أن هذا الخراب كلف خزائن مصر وحدها على مدار 3 سنوات خسائر مالية بلغت 300 مليار دولار كان الشعب أحق بها.
وخسائر الشعوب العربية تحولت إلى مكاسب في جيوب وبطون قادة ميليشيات الربيع العربي، وتجار السلاح والدم الذين جنوا أرباحا مضاعفة من وراء ربيع الميليشيات العربية، وتحول شعار "الحياة حق لكل مواطن عربي"، إلى شعار "القتل واجب على كل مواطن عربي"، بأيدي تلك الميليشيات، ونزيف الدم العربي يتواصل يومياً في دول ميليشيات الربيع، وقد جعلوا فصول السنة ثلاثة، وألغوا فصل الربيع لأنه ربيع لميليشيات الإرهاب والقتل والدم فقط.