الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

المركز القومي للبحوث.. "فوت علينا بكرة يا سيد"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
- "للأسف يا أفندم احنا مبعتناش العينة للتحليل وبالتالي مفيش نتيجة"!
3 سنوات مرت من أجل الحصول على هذه المعلومة، التي أدلت بها الدكتورة منى عبد الرازق الجمال، رئيس شعبة الوراثة البشرية وأبحاث الجينوم، بالمركز القومي للبحوث، 3 سنوات بدأت يناير 2015، ومعاناة "زياد ونانا" تزداد يومًا بعد يوم، منذ أن بدأ مرض ضمور العضلات في تغيير مسار حياتهما، والتسبب لهما في معاناة لم تنته، وتزداد معها معاناة والديهما.
محاولات عدة اتخذها والد زياد لعلاج نجليه، أهمها إجراء تحليل الجينات الوراثية، بالمركز القومي للبحوث، الذي طلب منه، العودة بعد 6 أشهر لمعرفة النتيجة، التي ستحدد طريقة علاجهما، ولكن مرت 6 أشهر، تلتها 6 أخرى، بدون رد أو نتيجة من الدكتورة غادة الحسيني، المشرفة على الحالة سوى جملة "مفيش نتيجة لسه".
وبعد 3 أعوام دخولاً في العام الرابع، تحمل والدهما مشقة السفر من محافظة قنا أقصى الجنوب، إلى مقر المركز القومي، كانت كل ردود "الحسيني" خلالها، "مفيش نتيجة".. "احنا بعتنا العينة للخارج ومش عارفين النتيجة هتطلع امتي".. كان ينقصها فقط أن تقول "فوت علينا بكرة يا سيد" بصوت الإذاعي الشهير الراحل رأفت فهيم في برنامج "همسة عتاب".
تواصلت مع مكتب مدير المركز الدكتور أشرف شعلان، وحصلت على رقم رئيس الشعبة الدكتورة "منى"، التي صدمني حديثها قائلةً: "إن العينة لم ترسل من الأساس للخارج، لأن القانون يمنع ذلك، ولا يمكن إرسال عينة مفردة، ويجب أن يكون هناك عينات عدة، لأنها تتكلف مبالغ طائلة، ويمكنكم أن تتوجهوا لأي مركز خاص لإجرائها"، - ملحوظة – تكلفة التحليل تقترب من الربع مليون جنيه -، جاء ذلك بعد انتظار 3 سنوات عانى فيها الطفلان الألم، وعانى والديهما مرارة الحسرة، وهما يحاولان علاج نجليهما، وعند التوجه لأي مستشفى، يطلب تحليل الجينات الوراثية، لأن علاج زياد ونانا متوقف على نتيجة التحليل.. جاء ذلك وكأن القانون قد ظهر فجأة للنور وأن المسئولين عن الحصول على العينة لا يعرفون واجباتهم.
لقد تناست الدكتورة الحسيني أن المصارحة جزء أساسي للعلاج، وأن هناك أرواحا حياتها متوقفة على ما تقوم به.. دكتورة غادة: ماذا عن مئات الحالات التي تأتي للمركز يوميا؟ وعلى مدار ثلاث سنوات لم يكن هناك حالات أخرى تحتاج لمثل هذا التحليل؟ وبالنسبة لكتاب "نحو أسلوب مبسط لتشخيص الأمراض الوراثية"، كان من الأفضل أن تقومين بتطبيق هذا الأسلوب في عملك بمركز يتبع الدولة، بدلاً من وضعه عنوانًا لكتابك.
عفوًا للقائمين على المركز القومي للبحوث، كنت أعتقد أن "مركز التميز" وهو الأول من نوعه في الشرق الأوسط، يسعى للحفاظ على حياة طفل، كـ"السير مجدي يعقوب" الذي عاد للجراحة بعد اعتزاله، لإجراء عملية جراحية لطفل، وعفوًا د. غادة، فالعمل بأهم مراكز بحثية في الوطن العربي، يتطلب الحقيقة وليس الإهمال، وفي العمل العام جميعنا مُلزمون بواجب وطني، إما أن نتحمله أو نتنحى جانبًا، ونتفرغ لمسئولياتنا الشخصية، بعيدًا عن أوجاع المواطنين.
أما والدي زياد ونانا، فلا يسعني أن أقول شيئًا، بعدما كانت آمالهما معلقة بجهودكم المضنية، التي لم تبدأ من الأساس حتى تتكلل بالنجاح، ولتكن مشيئة الله هي الباقية يا أبا زياد.