قضية مكررة نسردها مع كل حدث سياسى أين الأحزاب مما يحدث؟ وكالعادة لا تجد لها مردودا فى الشارع نهائيا فعددها تخطى حاجز الـ٨٦ حزبا ولكن المحصلة النهائية صفر، فمع قرب غلق باب الترشيح لانتخابات الرئاسة لا نجد أى مشاركة حزبية تذكر حتى مع المحاولة اليتيمة من الوفد حدثت انتفاضة كبرى داخل الحزب للعدول على قرار ترشح الدكتور سيد البدوى وهو ما تم فى قرار الهيئة العليا للحزب، ولكن دعونا نفكر قليلا ماذا لو قامت هذة الانتفاضة الوفدية وراء مرشحهم فى حالة إذا لم يتأخر فى قرار الإعلان عن المشاركة؟
الإجابة بالطبع ستكون مختلفة، ولكن هى عادتنا فنحن نقوم بالأشياء متأخرا وبالطبع كل هذا العدد فرض علينا تساؤلات عديدة، فهل أصبحت الأحزاب مجرد مقرات فقط خالية من أى اتجاه ناحية المشاركة فى الحياة السياسية أم أن فشلها فى توصيل رسالتها للشارع ساعد على ذلك؟ وما هذا الكم الهائل من الأحزاب؟ فغالبية الدول المتقدمة لن تجد فيها هذا العدد الكبير من الأحزاب، فهى تعد على أصابع اليد ولكنها ذات جدوى وممثلة فى البرلمان، ولكن عندنا فى مصر ارتبطت فقط بالوجاهة بل تحولت وقت نظام مبارك إلى مجرد انتظار الدعم الذى يأتى من الدولة، وكان يتحكم فيه صفوت الشريف باعتباره فى ذلك الوقت رئيس مجلس الشورى الذى تم إلغاؤه، وكان فى نفس الوقت رئيس لجنة شئون الأحزاب، وتحولت العملية لمجرد ديكور مع الهدوء الذى كانت فيه الأحزاب الكبرى، ويبدو أن الهدوء ما زال يسيطر عليها فلا هى تشارك وإن أخذت القرار يكون متأخرا والرئيس الراحل أنور السادات عندما شرع فى وجود الأحزاب لم يبدأها فى يوم وليلة بل بدأها بوجودها كتنظيمات وسماها منابر، ومنها ما تأسس وقتها وأحزاب أخرى تأسست بعد قرار المنابر بعامين وكان منها الوفد الجديد وهنا المفاجأة حيث دخل فى مواجهة، وهو ما جعله لا يستمر طويلا لدرجة أنه تم إيقاف نشاطه بعد ٤ شهور فقط ولكن عاد للحياة السياسية فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، هذا هو الوفد الذى تأسس على المبادئ وكان حزب الأغلبية بلا منازع فى فترة ما قبل ثورة يوليو ١٩٥٢ ولكن ماذا حدث؟ هل هى تغييرات الزمن أم تغير الأشخاص؟ لماذا لا يقومون بإحياء هذا الحزب من جديد ليعود مثلما كان مؤثرا فى الحياة السياسية هو وغيره من الأحزاب؟ فلا يعقل أنه لا يوجد مرشح للرئاسة فى الانتخابات الرئاسية، فذلك لا يعقل إذا كنا نتحدث عن عملية ديمقراطية تتم فى إطار سياسى وهذا يتطلب بالطبع أن تنزل قيادات هذه الأحزاب للشارع بدلا من الأبراج العاجية التى يقبعون بها حتى يلتمس الناس وجودهم وتأثيرهم بدلا من بكائنا على اللبن المسكوب، كما أن هذا العدد الكبير يمكن دمجه فى الأحزاب ذات الاتجاه الواحد بدلا من الكثرة التى لا طائل منها سوى أنها أرقام فقط على الورق وليست أرقاما فى المعادلة السياسية، لأن نجاح الأحزاب يقاس بذلك فى الدول الديمقراطية.