تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
نظم الدستور عملية انتخابات الرئاسة وفق ضوابط ومعايير معروفة، وبالرغم من وضوح تلك الشروط لكن ما شهدته مصر خلال الأسبوعين الماضيين يكشف عن مأزق تعيشه المعارضة المصرية وعن ترهل الحالة الحزبية بشكل عام، ربما هناك أسباب ترتبط بالسنوات القليلة الماضية والتى عشنا فيها زهوة النصر على تنظيم الإخوان المتأسلمين، فترهلت التنظيمات، وربما أن الأحزاب لديها مشاكل بنيوية أدت إلى ظاهرة التحلل التى نراها بوضوح سواء فى الأحزاب القديمة أو فى الأحزاب التى نشأت بعد يناير ٢٠١١.
حالة العجز التى وقفت حائلًا ضد تعدد المرشحين على مقعد الرئاسة لا يمكن تبريرها تحت العنوان الفضفاض الذى استكان له البعض وهو غلق المجال العام، فالعمل الحزبى والسياسى هو عمل تراكمى ودؤوب وعمل يعتمد على الرؤية المستقبلية، فكيف لعاقل أن يقتنع بأن جدول الهيئة الوطنية للانتخابات وهو ينظم العملية الانتخابية التى تجرى الآن جاء جدولًا متعجلًا، حتى أن البعض فى نكتة سخيفة قال إنه تمت مفاجأتهم بهذا الجدول، هذا الطرح هو مجافٍ للحقيقة، فالدستور قد نظم الاشتراطات منذ سنوات وكل المهتمين بالعمل السياسى يحفظونه عن ظهر قلب، ولكنه التراخى وعدم الجدية وإلقاء الأسباب على الغير، ليقف الكل عاجزًا الآن عن إثراء العملية الديمقراطية وممارسة الحق الانتخابى بالترشح.
ربما نخرج من هذا المأزق بدروس جديدة مستفادة، ولعل أولها تدخل تشريعى ودستورى جديد ليضع تعريفًا محددًا للأحزاب ويفتح مساحة الزمن فى جمع التوكيلات اللازمة لسنوات أربع وليس لأيام محدودات، ونفس الحال الذى نتكلم فيه عن مقعد الرئيس نتكلم فيه أيضًا عن المقعد النيابي، ولقد طرح البعض أفكارًا فى مسألة المقعد النيابى بأن تكون من شروط الترشح له، أن يحصل المرشح على توكيل واحد من ناخب عن كل صندوق انتخابي، وقتها ستتوقف ظواهر الابتزاز فى العملية الانتخابية، وسيذهب بلا رجعة مرشحو الشو والدعاية الكاذبة.
ستنتهى انتخابات الرئاسة على أى حال، ويصبح من الواجب على مراكز البحوث فى المؤسسات الكبرى وفى الجامعات أن تعقد ورش العمل والندوات لدراسة التجربة والخروج بتوصيات تعمل على ازدهار الواقع السياسى الذى يتم تتويجه مع كل عملية انتخابية ابتداء من المجالس المحلية وصولًا إلى انتخابات الرئاسة، وذلك بهدف التخلص من اللطميات التى رأيناها على مدار اسبوعين فشل فيهما الجميع، ولكى نؤسس لحياة حزبية جديدة تقوم فى صلبها على شروط جادة فليس من المنطقى أن نرى فى دولة تحاول النهوض من بين ركام حروب الاستنزاف أكثر من مائة اسم لأحزاب لا نعرف كيف تأسست، وهنا يصير من اللازم وبكل جدية حظر الأحزاب التى تستند فى مرجعيتها إلى مراجع دينية أو جهوية أو فئوية.
نعم نتقدم للأمام بالمشروعات الكبرى التى تحميها حالة سياسية ناضجة وكبرى أيضًا، الضرورى هو النظر بكامل العين إلى كامل الخارطة ومنها نتخذ الخطوة اللازمة التى تلى ما نحن عليه، فالتعدد والتنوع فى إطار القانون أمر صحى ومطلوب فى المرحلة القادمة، أهمس فى أذن مُتخذ القرار قائلًا إن المواطن المصرى البطل الذى تحمل الألم ومازال دافعًا لفاتورة البناء يراوده أمل فى اتساع خارطة العمل العام والسياسى فى القلب منه، ولكن للأسف يحد من هذا الأمل تكرار الوجوه على الشاشات الفضائية، وثبات البعض على بعض المقاعد التنفيذية.
لذلك الرهان كبير فى الولاية الثانية للرئيس عبدالفتاح السيسي، سيقول البعض.. ها أنت قد استبقت الحدث وأعلنت نتيجة انتخابات الرئاسة وسأقول باختصار من لا يرى ذلك فليراجع عدسته السياسية، أكرر الرهان كبير فى السنوات القادمة لبناء حياة حزبية قوية متعافية من أمراض الماضي، حياة تبنى الأوطان وتنتصر للإنسان وتدعو للتفاؤل.