تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
إيران ليست “,”بعبعًا“,”، والشيعة ليسوا ماردًا، والقلق من الغزو الشيعي مبالغ فيه، ويعدُّ إلهاءً للمجتمع بقضايا غير ذات بال؛ لذا فأنا أتعجب من ذلك التخويف المتكرر لبعض الحناجر الزاعقة من مؤامرة مزعومة لتشييع مصر.
الضعفاء هم من يخافون من الآخر. يتهربون من محاورته، ومن مناقشته، ومن قراءة أفكاره، ويمارسون أقصى درجات التحوّط من أن يدعو إلى ما يريد.
حتى لو كانت هناك خطة للدعوة للفكر الشيعي في مصر، ما هي المشكلة في ذلك؟ إن من حق الناس -طبقًا للدستور- أن يؤمنوا بما يرون، والمجتمع الذي يرفض أن يسمع آخر، ولا يحتمل صوتًا لمن يخالفه، هو مجتمع مشوّه، ضعيف، هش، فاقد للثقة في ذاته ورموزه.
أي دين أو مذهب ذلك الذي يخافون عليه.. من التنصير، من التشيّع، من التغريب، من المؤامرات الكاذبة التي يصدرونها لنا لأهداف سياسية ضيقة؟
لا يجب أن نخاف من الشيعة ولا من غيرهم، خاصة أن الدولة الفاطمية الشيعية ظلت في مصر مائتي عام ولم تتشيّع مصر. وبعد أن سقطت الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين الأيوبي، وعاد المذهب السني مذهبًا رسميًّا للدولة، ظل المصريون على سماحتهم، ووسطيتهم، واعتدالهم، ولم تتبدل مواقفهم من آل بيت النبي، ولم يتغير حبهم واعتزازهم بهم.
لقد علمنا أساتذتنا أن الأفكار لا تجابه إلا بالأفكار. وأن الكلمة ترد الكلمة، وأن المناقشة والحوار يساعدان المجتمع على تبني قيم التسامح والرقي وقبول الآخر. كما ثبت تاريخيًّا أن الأفكار “,”المحاصرة“,” أكثر قدرة على الانتشار، وأن الكلمات الممنوعة هي الأكثر تواجدًا بين الناس. لقد كان نزار قباني يقول: “,”أنا ممنوع في كل مكان، إذن أنا موجود في كل مكان“,”.
ومن يراجع حياة وسيرة سيد قطب وأبي الأعلى المودودي يكتشف أن محاولات مصادرة أفكارهم وكلماتهم دفعت كثيرًا من الأبرياء إلى التفتيش عن كتبهم والإيمان بها والموت في سبيلها.
ماذا يضير الأمن العام في مصر أن يقف شخص ما في ندوة علمية ويقول إن عليَّ بن أبي طالب كان أولى بالخلافة من عثمان بن عفان؟ ويمكن أن يأتي عالم آخر ليرد عليه بالأدلة أن ذلك ليس صحيحًا، وأن جميع الخلفاء الراشدين ساهموا في نشر الإسلام.
ما هي المشكلة أن يذكر باحث ما تشككه في بعض الأحاديث في صحيح البخاري، ويرد عليه علماء السنة ردًّا علميًّا جميلاً ينفي ذلك التشكك، ويرفع القداسة عن أمور غير مقدسة؟
يقول غاندي: “,”أنا على استعداد لفتح نوافذي لكل الثقافات بشرط ألا تقتلعني من جذوري“,”. وأنا أصدقه.. والله أعلم.
[email protected]