فى الوقت الذي تحاول فيه قوى الشر الاعتماد بشكل مباشر على زحزحة استقرار وطن عظيم بحجم مصر عن طريق اللعب على وتيرة الوحدة الوطنية للمصريين، تظل المواجهة المصرية لهذه المسألة نابعة دائمًا من خفة الدم التي يتوارثها المصريون جيلًا بعد جيل، وغالبًا ما تتحطم خطط هذه القوى على صخرة الوطن الصلبة، وبالرغم من ذلك يبقى ملف الاضطهاد الديني للأقباط في مصر سلاحًا تستخدمه هذه القوى بين الحين والحين الآخر.
في فترة من الفترات انطلقت شائعة مفادها أن الفنان الكبير محمد صبحي «مسيحي» وأن والدته قامت بإطلاق اسمه «محمد» بسبب وفاة كل طفل تلده من قبله، وانساق الكثيرون وراء تلك الشائعة، إلى أن خرج صبحي بنفسه وحكي في حلقة من برنامجه «مفيش مشكلة خالص» التي خصصها لمخاطر الشائعات على الأمم، عن موقف تعرض له أثناء أداء العمرة، وقال: «انتهيت من الصلاة، وسلمت على الشخص الموجود على يميني والآخر على يساري، فقال لي: أستاذ محمد، ما الذي أتى بك إلى هنا، ألست مسيحيا؟»، فقلت له يا راجل بصلي بجانبك في الكعبة ولسه بتسألني إذا كنت مسيحيا أم مسلما.
هذا الموقف جعلني أتذكر ما حدث لي وأنا على الطائرة المتجهة إلى الجونة لحضور الدورة الأولى لمهرجان الجونة السينمائي، حينما أشاع صديقي الناقد الفني محمد قناوي، أننى حرصت على الحضور لهذا المهرجان بالتحديد بسبب صلة القرابة التي تربطني بالمهندس نجيب ساويرس مؤسس المهرجان، وأذكر أنه بعد إطلاق هذه الشائعة وأثناء هبوطنا على سلم الطائرة قالت لي ناقدة شهيرة لا تعرف حقيقتي: أنت إزاي قريبه نجيب ساويرس وأنت اسمك عزت البنا؟ فضحكت وقلت لها: أنا قريب بس من الفرع المسلم.
وظلت هذه الشائعة متداولة طوال فعاليات المهرجان حتى التقيت بالمهندس نجيب ساويرس، عقب عرض أحد الأفلام ووقتها داعبته قائلًا: بيقولوا عليا أنى قريبك رغم أن اسمى عزت البنا، تحب أنفى الشائعة دى ولا تنفيها أنت؟ فضحك قائلًا: أنا عن نفسى مش هأنفى لأننا فعلًا قرايب.
كما أذكر أن إحدى الفنانات حينما علمت أن الله رزقنى بتوأم وأطلقت عليهما «أندرو وساندرا» ولم تكن تعرف وقتها أننى مسيحى، قالت لي مندهشة: حلو اسم ساندرا، لكن اسم أندرو دا أجنبي أوي، فقلت لها: على فكرة اسمه حسن بس بندلعه ونقول له «أندرو» يعنى «هلال وأربعة ريشة» في نفس الوقت، ولم تعلق ولكن بعد فترة فوجئت بها تتصل بى ضاحكة: لسه عارفة السبب اللي خلاك تسمى ابنك «أندرو».
مجتمع بهذا الشكل وبلد يتعامل فيه أهله بطريقة يغلب عليها طابع الكوميديا طوال الوقت، أظن أنه من المستحيل أن يأتي عليه يوم ويقع فريسة سهلة لوهم اسمه «الفتنة الطائفية».
