تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
ميدان التحرير وسط المدينة الساعات الأولي من الصباح رأيت جميع الوجوه المصرية التي يمكن أن تشاهدها مجتمعة في مكان واحد، نساء ورجال عجائز شباب وفتيات الجامعة الأمريكية حاملي الباك باك ولافتات تحمل مطالبهم، طلاب الجامعة وشباب المحافظات وأبناء المناطق الشعبية البسيطة ومحافظات الصعيد.
في ذلك اليوم كنت أجهز طوال الفجر أنا وشقيقتي داليا محتويات شجرة الشهداء التي قررنا أن نضعها في ميدان التحرير ونزينها بصور شهداء ثورة ٢٥ يناير، أو كما قيل عنهم الورد اللي فتح في جناين مصر وكتبنا عليها عبارة بإمضاء ثنائي.. من أشعار الشاعر الفلسطيني العظيم توفيق زياد: "أناديكم أشد على أياديكم أبوس الأرض تحت نعالكم وأقول أفديكم".. واهتم الإعلام وقتها بشجرة الشهداء وكتبت عنها صحيفة "الأهرام"، وكذلك موقع "اليوم السابع".
نعم فهم شباب طاهر حلم بثورة شعارها عيش حرية عدالة اجتماعية، وهي أحلام بسيطة كادت أن تتحقق على يد ذلك الشباب الواعي المخلص، إلا أن ذلك كان لا يروق لجهات وجماعات أخرى ذلك السرطان الذي تسلل إلى هذه الثورة العظيمة؛ فضربها في كل جوانبها وأصابها حتى سحب البساط من تحت أقدام شبابها فتغير كل شيء، وقتها رآيت شباب وقيادات الإخوان في الميدان الذين أصدروا بيانا يوم ٢٤ يناير أي قبل الثورة بيوم واحد، قالوا فيه إن هذه ثورة خونة ومأجورين وممولين مصرحين بأنهم لم ولن يشاركوا فيها فقد جاءوا عندما شعروا باقتراب النصر لينقضوا على الثورة ويختطفوها ويبيعوا انتصاراتها لأجهزة المخابرات الأجنبية.
نعم، وقتها كنت تستطيع أن ترى جنسيات أجنبية في ميدان ثورتك على أرض مصر مشهد مذهل، ولكن كمواطن بسيط لا يمكنك ملاحظة ذلك وسط الحشود الكثيرة ولكنني كنت محظوظة حقا أنا وشقيقتي داليا؛ فولدنا في بيت سياسي مثقف أستطيع من خلاله أن أعرف ما يدور في الأروقة فهذا جعلنا نقرأ المشهد بسرعة ونعرف إلى أين تتجه الدفة، وقتها فقط انسحبنا من المشهد وظللنا نتابع أحداث الثورة إعلاميا من خلال وسائل الإعلام المختلفة كنت أفهم الإخوان أنا وإخواتي أكثر من كل أصدقائي الذين كانوا ضدي معظم الوقت، مرددين دول ناس بتوع ربنا قرأت كل كتب أبي عن الإخوان المسلمين قرآت رأيهم في الوطن والمرآة والفن والعلم، وكنت أعلم كم الخطر الذي ستواجهه مصر إذا تقلد أحد من قيادات تلك الجماعة الإرهابية حكم مصر البلد التي تحمل ٧٠٠٠ سنة حضارة أفخر بهم أمام جميع أصدقائي من كل بلدان العالم؛ فكنت أعلم أن مصر تستحق أفضل من هذا بكثير وكان قلبي يعتصر علي أصدقائي الذين راحت دماؤهم فداءً لتحقيق أهداف هذه الثورة.
وكنت أريد أي نتيجة تبرد نارهم وتطمئنهم في قبورهم لكنها لم تحدث أتذكر جيدا عندما نزلنا إلى ميدان التحرير مرة أخرى أنا وشقيقتي داليا، وأمسكت بميكرفون متحدثة إلى جموع من الشباب عن المشهد الذي يحدث في تونس ومقارنته بمصر وعن الإخوان وما يريدونه من اختطاف وقتل لتلك الثورة انهالوا علينا بالهتافات المضادة، وكادوا أن يعتدوا بالضرب علينا، ووصفونا وقتها بأننا ننتمي للنظام الأسبق وأننا نقول هذا طمعا في بقائه ولكننا كنَّا نريد كشف الإخوان وتصحيح المشهد ولكن للأسف "إيد لوحدها ماتصقفش".
٧ سنوات مرت علي ثورة عظيمة و٧ سنوات مضت علي ذكري ارواح طاهرة رحمها الله وليحمى الله مصر وشعبها نساء ورجالا وأطفالا.