السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

"عم محمد" بائع السمنية.. 40 عامًا في الكار وأولاده يرفضون العيش في جلبابه

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عربة خشبية قديمة بإحدى نواصى شارع الحميدى الشهير بمحافظة بورسعيد، تحت شمسية ذات ألوان متعددة، معلق بها مصباحان، ويقف أمامها عجوز فى منتصف السبعينيات من عمره وسط صوانى وعلب السمن ليبيع أشهر حلوى بالمدينة الساحلية وهى «السمنية».
ما إن تقترب خطواتك حتى تشم رائحة ذكية فتقع عيناك على «أبو ياسر» الذى ينظر إليك بابتسامة مرسومة على وجهه ويقول لك عبارته الشهيرة «ياحنان يا منان يا بديع السموات والأرض»، وعندما تسأله: بكام الحلويات دي؟ يقول لك: «زى ما تحب»، لتقول له «يعنى ممكن بـ٢ جنيه»، ليبتسم ثم يمد يده فى الصوانى ليحضر قطع من حلوى «السمنية» ويقوم بوضعها فى «صينية» مستديرة أمامه أسفلها شعلة نيران، ليقطع «السمنية» قطعًا صغيرًا ويضيف إليها السمن قبل أن يضعها فى «قرطاس».
محمد محمد سالم عبود، الشهير بـ«أبو ياسر» يروى حكايته مع «السمنية» قائلًا: «عندى ٧٥ سنة، وأعمل فى صناعة حلوى (السمنية) منذ حوالى ٤٠ عامًا أى أكثر من نصف عمرى، فنحن المحافظة الوحيدة التى تشتهر بصناعتها منذ وجود الاحتلال، و(السمنية) عبارة عن خليط من الدقيق والسمن والسكر ثم أقوم بفرده داخل صاج كبير، وأضعه فى الفرن، وعند إحمرار سطحه أعلم أنه تمت تسويتها، فأتركها حتى تبرد ثم أقوم بتغطية الصاج وأضعه على دراجتى القديمة وأتوجه إلى السوق، وهناك أقوم بتقطيعها وتسخينها مع السمن وأضعها فى قراطيس ورقية للزبائن».
وعن سعر «السمنية» يقول «أبوياسر»: «منذ ٤٠ عامًا كنت أبيعها بـ٥ قروش، لم أقل لزبون طوال حياتى لا، ولذلك فربنا كان واقفا جنبى وفرجها عليه، اليوم أصبحت أبيعها بداية من جنيهين بسبب ارتفاع سعر المواد الخام من الدقيق والسكر والسمن، حيث إننى استخدم أجود أنواع الدقيق، ولقد وصل سعر جوال الدقيق الفاخر إلى حوالى ٢٧٠ جنيها وأحيانًا أكثر، وفى نفس الوقت لا أكسر بخاطر أحد، أحيانًا يأتى زبائن يعطونى جنيها فلا أرفض وأعطيهم عدة قطع من السمنية، دول أهلى وزباينى منذ سنوات طويلة».
وأضاف، «حاليًا أعمل من الساعة السابعة عصرًا حتى الثانية عشرة مساءً أما فى الماضى كنت أعمل من السادسة صباحًا لأن وقتها كان هناك عدد كبير من العمال والموظفين وطلبة المدارس بيفطروا «سمنية» لكن الوضع تغير كثيرًا والأجيال تختلف، والحمد لله هى مصدر دخلى الوحيد، وتزوجت وأنفقت منها على تربية أولادى حتى أصبحوا رجالًا».
واختتم صانع الحلوى الأشهر فى بورسعيد حديثه قائلًا: «أولادى رفضوا العمل معى على عربة (السمنية)، وكل منهم له حياته، وللأسف المهنة مهددة بالانقراض فلقد كان هناك بائعون ببورسعيد وتوفاهم الله، وهناك شباب يحاول تعلم المهنة وبدأ بالفعل العمل كمهنة إضافية بجانب وظيفتهم الأساسية وأتمنى لهم التوفيق وأن يطوروا منها».