الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الفضح العلني للفساد هو الرادع الحقيقي له

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الفساد كما هو معروف ليس له وطن، ولكنه فى كل وطن وفى كل زمان، وكثير من أصحاب المناصب يقعون تحت إغراء استغلال مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية عن طريق الصفقات والرشاوي. ربما كان الكشف العلنى عن حالات الفساد هو الرادع الحقيقى له، بينما التغطية على الفساد هو بمثابة تشجيع على التمادى فيه دون خوف أو تردد وهو ما حدث مؤخرا فى العديد من قضايا الفساد المتهم فيها شخصيات رفيعة، مثل محافظ المنوفية ومن قبله نائب محافظ الإسكندرية ووزير الزراعة ونائب وزير الصحة وغيرهم من القيادات المسئولة وغيرهم من الشخصيات العامة، كما أن الإعلان عن الفساد من ناحية أخرى عبر وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعى يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن النظام بريء من هذا الفساد ورافضا له وغير متهاون معه، وهذا يزيد ثقة الناس فى الدولة!
ففى أمريكا هناك قانون لمكافأة الموظف الذى يبلغ عن مخالفة فى العقود الحكومية أو فى قضايا الفساد عامة، بل ويكفل النظام حماية الموظفين الشرفاء الذين أبلغوا عن زملائهم من البطش الذى يمكن أن يتعرضوا له..
فبعد نجاح ثورتى يناير ويونيو انفجرت ملفات الفساد تباعا، وكأنها كانت تنتظر هذا الحدث الشعبى الجلل لتفضح كبار مسئولى الدولة من الحزب الوطنى السابق وجماعة الإخوان الإرهابية، الذين احتموا خلف مناصبهم المرموقة واستغلوا وظائفهم فى التربح بدلا من خدمة المصريين، ورغم أن ١٠٠ مليون مصرى كانوا ينتظرون محاصرة الفساد فى مصر بعد الثورة، إلا أن منظمة الشفافية الدولية أكدت أن ثورات الربيع العربى لم تسفر عن عمل جاد لمكافحة الفساد.
وحسب المؤشر السنوى للفساد فإن مصر تراجعت ستة مراكز إلى المركز رقم ١١٨ من بين ١٧٦ دولة فيما يتعلق بمستويات الرشى وإساءة استغلال السلطة والتعاملات السرية، التى ما زالت مستوياتها مرتفعة فى مصر.
وليس غريبا أن المواطنين أنفسهم وأصحاب المصالح يتعاملون مع هؤلاء وكأن الرشوة والعمولة حق مشروع لهم، والمواطنون ربما لهم العذر لأنهم فى مركز ضعف، فالمواطن الذى يريد الحصول على رخصة أو شهادة أو تصريح أو عقد أو صفقة كبيرة أو صغيرة ليس أمامه إلا الخضوع والاستسلام لفساد من بيده الأمر، وربما لم تستطع الدولة عبر سنوات وربما عقود حل هذه الأزمة المتجذرة فى المجتمع المصرى والمجتمعات الأخرى المتقدمة والمتخلفة على السواء..!
وأخطر ما يصيب مجتمعنا هو فساد الصفوة واختلال القيم عندهم واهتزاز ميزان العدل فى أيديهم، وهذا ما حذرنا منه الله عز وجل فى آياته: «وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها» صدق الله العظيم.. والدور النشط والعظيم للرقابة الإدارية فى مصر يدل بما لا يدع مجالا للشك أن الدولة حريصة على القضاء على الفساد من الدولة حتى تقوم مصر من كبوتها وتأخرها لسنوات طويلة، ربما فى ممارسات مثل إرساء العقود الكبيرة لجهات بعينها وبيع الشركات والمصانع بأبخس الأثمان لرجال أعمال وتوزيع حصص الاستيراد وتنظيم احتكارات الموارد الطبيعية وتخصيص أو بيع أراضى الدولة وإعطائها بالأمر المباشر لرجال اعمال مقابل رشاوى لمن بيدهم الأمر، فعندما يصبح الفساد متوطنا فى مجتمع فإن الموظفين يخلقون إجراءات روتينية وأعباء إضافية وأسباب متجددة للتأخير والتعطيل من أجل الحصول على الرشوة!
وبعض رجال الأعمال بما حصدوه من ثروات بهذا المنطق يملكون التأثير وتشكيل الحقيقة وفق أهوائهم بسيطرتهم على الإعلام بأموالهم وإعلاناتهم وبتحويل رجال الإعلام إلى رجال بيزنس وانتقالهم من أصحاب رسالة إلى أصحاب مصلحة! وهذا ما نراه فى حياتنا اليومية طوال الوقت. ورجال الأعمال الذين ينتمون إلى صفوة المجتمع والموجودين بالمحافظة يتقربون بشكل أو بآخر للمحافظ للحصول على أراض أو تراخيص أو مناقصات أو مزادات أو امتيازات لنشاطهم أو امتيازات شخصية بتصويرهم مع المحافظ من أجل أن يزدادوا قوة ونفوذا عن ذويهم وأصحاب المصالح الآخرين، وهذا يجعل مطالبة الحكومة بحملة لإعادة بناء الجهاز الإدارى للدولة ووضع نظام جديد لاختيار الموظفين وترقياتهم ونظام جديد لإعداد الكوادر السياسية والإدارية مطلب جماهيرى فى السنوات المقبلة. ولكن على أى حال يبقى الضمير هو خط الدفاع الأخير، وعلينا أن نترحم عليه الآن!