في جلسة جمعتنا مع مهندسين ومثقفين ورجال مجتمع تحدث أحد الحاضرين بأن منطقة البحر الأحمر من قناة السويس حتى آخر حدودنا، تتميز بطاقة رياح عالية السرعة لأن البحر الأحمر أصلا شق جيولوجي في القشرة الأرضية، وهذا الشق الجيولوجي يحدث فارق حرارة بيننا وبين جارتنا المملكة السعودية ويتسبب في تيار شديد من الرياح التي قد تنتج طاقة كهربائية نظيفة.
وعلق أحد الحاضرين على كلمة نظيفة وقال: "ياريت، فنحن الآن نبحث في بناء مفاعل ذري في الضبعة، في حين أن اليابان وألمانيا تفككان المفاعلات النووية لتأثيرها الضار على البيئة والإنسان، وخاصة بعد الزلازل وللأخطاء البشرية والأعراض الصينية"، وهنا قال أحد الحاضرين: "لو تتبنى الحكومة الطاقة الشمسية لانحلّت مشكلة مصر في الطاقة، فالشمس في مصر دائمة السطوع"، ورد آخر: "ولكن الطاقة الشمسية مكلفة"، وقال الأول: "تستطيع الحكومة أن تعفي من العوائد كل من استخدم الطاقة الشمسية ووفر في الكهرباء أسوة بما فعله السادات في موضوع إعفاء الأبنية من الضريبة العقارية إذا أنشأ المالك جامعا أو زاوية أسفل المنزل"، وقال الآخر: "لا بد من تصنيع مكونات الطاقة الشمسية في مصر بخامات مصرية وبأيدٍ عاملة مصرية حتى تقل التكاليف"، فرد الآخر - وهو مهندس - "لماذا لا نستعمل الهندسة العكسية ونضع كل مكونات أجهزة الطاقة الشمسية من خلايا تستقبل الطاقة إلى بطاريات التخزين ونجعلها القضية الأولى في مصر؟، فنحن مقبلون على زمن مجاعة الطاقة، وخاصة عند نفاد ما تحويه الأرض من بترول"، ولم انطق بكلمة واحدة في هذا الجمع، فأنا غير متخصص، ولكنني كنت أسعد أبناء هذا الوطن بأن أرى هذا الجمع يتحدث لا عن الحاضر، بل عن المستقبل، وسعادتي تنبع من أن أحفادي سينعمون في بلد كل فرد فيه يحمل مسؤولية فكرية عن كيف ينهض البلد.
الأمر الأشد والذي يثير العجب هو كيف أن التجمعات الثقافية مهمومة ولا تستطيع الفعل، والحكومة ليست مهمومة ولا تريد الفعل، ولكن الأمل في أن كل مصري على أرض هذا الوطن - باستثناء العشيرة - يفكر في المصلحة العامة ويضع الحلول التي لا يملك تنفيذها، وهذه هي الخطوة الأولى التي ستليها خطوات في أن تنتخب الحكومة من التجمعات الثقافية التي لها رؤية مستقبلية وليست تسييرا للأعمال.