الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

أبو فراس الحمداني "19"

الكاتب مصطفى بيومي
الكاتب مصطفى بيومي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
« أقول وقد ناحت بقربي حمامة: أيا جارتا.. هل تشعرين بحالي؟»
السجن تجربة استثنائية مريرة، لا يقوى على التعبير عنها وترجمة أبعادها إلا من يكابد ويعاين ويكتوي بفداحة العذاب.
لا شك أن مشاعر أسير الحرب أكثر قسوة مقارنة بالسجين العادي، الذي ينتظر موعدًا تنتهي فيه فترة عقوبته، فينطلق لمعانقة الحرية والحياة المألوفة، أما الأسير السجين فلا شيء ينتظره، والتحرر من محبسه رهين بعوامل وتفاعلات معقدة شتى، لا تتيح له ترف أن يتطلع إلى موعد بعينه.
أتنوح الحمامة أم تصدح بالغناء؟
التداخل الضبابي قائم بين البكاء والضحك، ذلك أن الشاعر الأسير المأزوم هو من يرصد ويسقط على المشهد ما يراه، أو ما يريد رؤيته. 
لا تفسير للنواح الذي يتوهمه إلا تعاطفها مع محنته ورغبتها في المشاركة الوجدانية.. ظلمة السجن، على الصعيدين المعنوي والمادي، تجعل من الحرية قيمة أسمى لا قيمة تشبهها أو تنافسها، فكيف لمن يتمتع بالحرية أن يعانى وينوح؟
ربما يعي العقل أن النجاة من الأسر لا تعني السعادة بالضرورة، فما أكثر مطلقي السراح المعذبين بالمنغصات والعكارات التي تحفل بها الحياة، لكن العاطفة تهيمن منفردة في بيت أبي فراس، والبطولة المطلقة لما يفتقده ويحن إليه. 
في هذا السياق، يبدو منطقيًا أن يتوحد مع الحمامة، ويراها في مقام الجارة والصديقة، ويُباح لها بالمكنون الموجع.