الخميس 30 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مباراة شطرنج على ضفاف البحر الأحمر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تشهد المنطقة هذه الأيام تحركات سريعة ومتباينة على كافة الأصعدة فى محاولة من كل الأطراف إثبات سيطرتها على الأمور لفرض سياساتها قدر الإمكان، فمنذ يومين قام آسياسى أفورقى رئيس إريتريا بزيارة للقاهرة قادما من أبو ظبى، ظهرت وكأنها غير مرتب لها، وفى القمة الثنائية التى حضرها رئيس المخابرات المصري، أُعلن أن الرئيس السيسى بحث مع نظيره الإريترى أمن البحر الأحمر.
وبداية، فمن المهم معرفة أهمية إريتريا؛ حيث إنها تمثل بالنسبة لنا مركزا استراتيجيا متقدما لمواجهة التهديدات بمنطقة القرن الأفريقي، كما أنها تمثل نقطة نفوذ وارتكاز مهمة لدولة الإمارات بقاعدة عسكرية فى ميناء عصب الإريترى على بعد ١٠٦ كيلومترات شمال باب المندب، ولتوضيح المشهد بشكل أكبر نوجز بعض الأحداث المتتالية فى نقاط حتى تكتمل الصورة.
* بمجرد وصول أنباء زيارة الرئيس الإريترى للقاهرة قام البشير بإرسال رئيس أركان الجيش السودانى فى زيارة سريعة لإثيوبيا كرد سريع على الزيارة الرئاسية الإريترية لمصر.
* قبلها بيومين كان السودان قد أعلن عن غلق حدوده البرية مع إريتريا مع إعلان حالة الطوارئ فى ولاية كسلا السودانية، والدفع بتعزيزات عسكرية للمنطقة الحدودية، بعد تواتر الأنباء عن وجود تعزيزات عسكرية مصرية فى قاعدة ساوا الإريترية.
* وتزامنا مع زيارة رئيس إريتريا قادما من أبوظبى إلى القاهرة، جاء وزير خارجية تنزانيا «أجوستين ماهيجا» للقاهرة قادما من أبوظبى أيضا، ليعلن من القاهرة أن بلاده ستشرع فى بناء سد لتوليد الطاقة بمشاركة وإشراف مهندسين مصريين. 
* قبل ذلك بأيام تداولت أخبار تفيد بقيام فرقاطة قطرية «فرنسية الصنع» يقودها طاقم من البحرية السودانية تحاول الاقتراب من المياه الإقليمية المصرية قبالة مدينة حلايب، فى محاولة ساذجة للتحرش البحرى بمصر، فجاء الرد المصرى سريعا بإرسال سرب من مقاتلات الرافال لتحوم فوق شواطئ السودان نفسها، بل إنها دخلت للعمق السودانى دون أن تكتشفها الدفاعات الجوية السودانية، فصدرت الأوامر من الخرطوم على الفور بسرعة انسحاب الفرقاطة من أمام الشواطئ المصرية.
* مما سبق ومما نراه نلاحظ أن الجبهة الجنوبية ممهدة للاشتعال وتتسع لما هو أبعد من منطقة القرن الأفريقى أو شرق أفريقيا فقط، وميدانها أصبح لا يقتصر على الأمن المائى فقط؛ حيث يبدو سد النهضة ما هو إلا الجزء المرئى من جبل الجليد، خاصة بعد الإعلان عن التواجد التركى على جزيرة «سواكن» السودانية على بعد ٣٥٠ كيلومترًا من مثلث حلايب وشلاتين المصري، وبعد إنشاء قاعدة عسكرية تركية فى الصومال، كإحدى المحاولات التركية لخلق ممر آمن جنوبى للدواعش لكى يتسللوا منه لتطويق مصر من الاتجاه الاستراتيجى الجنوبى (من الصومال مرورا بالسودان مستهدفا مصر وليبيا، أو من السودان مباشرة باتجاه مصر وليبيا) على غرار الممر الشمالي (عودتهم من الرقة لتركيا ثم التسلل لسيناء ودرنة ومصراتة وسرت).
* فى أقصى الشمال المصرى أعلن خفر السواحل اليونانى عن ضبط سفينة كانت متجهة من تركيا إلى ميناء مصراتة فى ليبيا وهى تحمل ٢٩ حاوية من المَواد المتفجرة، وتبينَ من أوراق الشحن أنّ حمولة السفينة وُضعت عليها فى ميناءى مرسين والإسكندرونة التركيين، وألقت السلطات اليونانية القبضَ على السفينة وطاقمها قربَ جزيرة «كريت» فى البحر المتوسط، فى إحدى المحاولات التركية لإشعال الجبهة المصرية على الاتجاه الاستراتيجى الغربى مع ليبيا.
كل هذه المشاهد التى حدثت فى فترة قصيرة وما سبقها من أمور أخرى كثيرة كانت القيادة المصرية منتبهة دوما لها، بل إنها تسبقها بخطوات واسعة وبدا ذلك واضحا فى إنشاء الأسطول الجنوبى المصرى بالبحر الأحمر، وفى تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع إريتريا، وقبلها فى تقوية روابط الصداقة مع اليونان وقبرص، وإحكام السيطرة على منطقة شرق المتوسط، وهو ما دفع صحيفة «يو إس تو داى» لأن تقول بأن المارشال المصرى السيسى نجح فى عمل طوق أمنى عسكرى بالقرن الأفريقى، وأحكم سيطرته على البحر الأحمر وباب المندب، كما سيطر على مثلث برمودا بشرق المتوسط مع اليونان وقبرص، لاستهداف سفن السلاح التركية المتجهة إلى ليبيا. حدودنا كلها تشهد مباراة شطرنج حامية، وتنتظرها تحركات أكثر عمقا وتأثيرا ولكن كلنا ثقة فى القيادة العسكرية والسياسية المصرية فى قدرتها على قراءة الأمور لحماية تراب مصر الغالى، وهنا تظهر أهمية وجود قائد عسكرى على رأس الدولة.
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها.