خلال زيارة الدكتور طارق قبيل وزير التجارة والصناعة الأخيرة لمدينة الروبيكى للجلود، قال: إن توجيهات الرئيس بتحمل الحكومة مصاريف انتقال المصانع والمدابغ التى وافقت على النقل من منطقة سور مجرى العيون إلى المدينة الجديدة، سهل كثيرا على أصحاب المدابغ وكان عاملا هاما فى سرعة نقل المصانع وتشغيلها، وفي تصريح آخر لوزير الطيران المدني المهندس شريف فتحى خلال حوار تليفزيونى معه أكد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى طلب بوجود أفضل أجهزة أمنية فى العالم، لتأمين المطارات، وهو ما حدث بالفعل.
السؤال المهم الذي يجب أن نتوقف عنده، لماذا كل الأمور الهامة تتم بتوجيهات وتعليمات من الرئيس مباشرة، لماذا دائما الرئيس هو صاحب القرار والمرجعية فى كل الأمور حتى التقنى والفنى منها.
وحتى لا يسيء البعض فهمي، فأنا هنا لا أقلل من مجهود هؤلاء الوزراء أو غيرهم من المسئولين فى الحكومة، وأفكر دائما لماذا لا يتخذ الوزراء مثل هذه الأمور بشكل مستقل وخاصة الأمور الفنية منها والتى يختص الوزير بخبرته فيها.
أصبح لدى انطباع أن توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي دائما تأتي في إطار أن تنفذ الحكومة أعمالها على أفضل وأكمل وجه ممكن وأن تكون على مستوى عالٍ وأن تستعين بوسائل تكنولوجية حديثة ليس فقط لضمان مستوى الخدمة التى تقدمها الحكومة، ولكن تكون هذه البنية الأساسية قادرة على استيعاب الزيادات المتوقعة على الخدمات مع النمو السكاني، وأن تكون قادرة على إدارتها بشكل أفضل مما هى عليه.
لذلك أعود إلى سؤالي مرة أخرى إذا كان لدى أى وزير أو رئيس فى أى مصلحة الخبرات الكافية والمهارات والإمكانيات التى تساعده على الارتقاء بمستوى العمل الذي يقوم به والخدمات التي يقدمها للجمهور، فلماذا إذن ينتظر كل منهم أن يراجع الرئيس وأن يقرر الرئيس بنفسه ثم يبدأ التنفيذ.
أليس الوزراء مسئولين أمام الرئيس بتنفيذ تكليفات الحكومة، والحكومة بالكامل مسئولة أمام الشعب من خلال برنامجها المقدم للبرلمان وحضورهم لجلسات مجلس النواب ويتم استجوابهم، ويقدم لهم طلبات الإحاطة والرد على هذه الطلبات.
ما أخشاه من هذه النوعية من التصريحات أن لها تفسير آخر مغاير تماما، وهو أن المسئول الذى لم يكلفه الرئيس ويوجه بأن ينفذ عمله على أكمل وجه، قد لا ينفذه على الطريقة المثلى وأن يتراخى فى التنفيذ أو يبحث عن حلول وقتية ومسكنات وقتية لحظية، ما دام لم يأت التكليف من الرئيس مباشرة.
أرجو من السادة الوزراء ومن كل مسئول فى منصبه أن لا ينتظر توجيهات الرئيس بشكل شخصي فى إدارة ملفه الذى هو مسئوليته وصدر له قرار تكليفه ليكون هو المسئول الأول عنه أمام الرئيس وأمام البرلمان وأنه سيحاسب عليه سيحاسب عليه من الشعب ويحاسب عليه من الجهات الرقابية.
المؤكد أن المسئوليات والمهام الوطنية لبناء الدولة المصرية الحديثة يجب أن تكون لجميع أبناء الوطن وأن نزرع هذا الشعور ونعززه ونقويه لدى العوام من خلال إعطاء المثل والقدوة في المبادرة والرؤية المستقبلية والقيام بالمسئوليات والمهام بما يتناسب مع المستقبل.
مرة أخرى لا أقصد توجيه نقد بعينه لهؤلاء الوزراء تحديدا، ولكننا هنا نشير إلى أن هذه الطريقة فى التعامل مع الملفات الهامة ليست بالطريقة الأمثل خشية أن نفوت على وطننا فرصا للارتقاء بالأداء الحكومي فى وقت نحتاج فيه لإدارة رشيدة حريصة على مستقبل هذا الوطن.