الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

العروبة وتعدد التأويلات الإسلامية 1-2

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن رؤية العديد من شيوخنا الأفاضل في مصر ورموز التيار الإسلامي لجوهر الإسلام الحق ولمبادئ الشريعة الإسلامية لا تتعارض مطلقًا مع المواطنة والديمقراطية، ولكن تلك الرؤية تختلف اختلافًا بينًا عن رؤية العديد من الإسلاميين القدامى والمحدثين، والتي لا يستطيع أحد إنكار انبثاقها من التراث الإسلامي وتأثيرها في الفكر الإسلامي المعاصر، والتي ترى أن لا جنسية للمسلمين إلا في دينهم، وأنه لا ينبغي للمسلمين الالتزام برابطة الشعوب، وأنه ليس بمجتمع مسلم ذلك الذي تتساوى فيه العصبية الوطنية مع الأخوة الإسلامية، وأن الاستعمار كان وراء إذكاء النعرة الوطنية والحث على الموت في سبيل الوطن، وأنه قد تم نسخ آيات الصفح، والتسامح، والمسالمة، والمجادلة بالتي هي أحسن، وعدم الإكراه في الدين، وحق الاختيار، والتولي والإعراض عن الآخرين الذين يسمون كفارًا أو أهل كتاب مشركين؛ ومن ثم لا يصبح أمام المسلم الحق سوى قتال غير المسلمين.
من هنا، ينبع القلق، وهو قلق مبرر تمامًا، على الجانبين: ما الذي يضمن ألا يأتي في المستقبل من يتبنى تلك الرؤية الإقصائية لمبادئ الشريعة الإسلامية؟ وعلى الجانب الآخر، ما الذي يضمن ألا يأتي في المستقبل من يتبنى رؤية للمواطنة تعني فصل الدين تمامًا عن الحياة اليومية للبشر؟.
بل من الذي يضمن ألا يأتي في المستقبل من يفرض مذهبًا إسلاميًا محددًا يُلزم المسلمين جميعًا باتباعه والنظر إلى أنفسهم وإلى العالم وفقًا له؟ لقد كانت لي خبرة شخصية فيما يتعلق بالمذهبية، أوردتها في مقال لي بعنوان "نحن والمذهبية"، أشرت فيه إلى أنني حين استمعت لتعبير "الروافض" يتردد للمرة الأولى في خطاب للدكتور محمد مرسي، رئيس جمهورية مصر العربية السابق، تساءلت آنذاك: تُرى كم منا نحن المصريين يعرف دلالة تعبيرات مثل "الروافض" و"النواصب"؟ واستعدت مناقشاتي مع مجموعات من طلاب الدراسات العليا خلال تناول موضوع الوعي بالهوية، حين كنت أتطرق إلى سؤالهم: "إلى أي مذهب ديني تنتمون؟"، لم تكن ثمة مشكلة لدى أبنائي المسيحيين، أما بالنسبة إلى أبنائي من المسلمين فقد كانوا يكتفون في البداية بتعريف أنفسهم باعتبارهم مسلمين، فإذا مضيت في الاستفسار، أجابوا بعد تردد أنهم سنة، فإذا ما مضيت في إلحاحي مذكرًا إياهم بالمذاهب السنية الأربعة، تبينت عدم اهتمامهم بالموضوع أصلًا، وربما تمتم بعضهم "إننا غالبًا نتبع المذهب الحنفي الذي نسمع المأذون يشير إليه خلال عقد القران". 
وتوالت الذكريات: تذكرت حين كنت في أواخر السبعينيات مستشارًا لمنظمة دولية في واحدة من الدول العربية يتمايز فيها أبناء السنة عن أبناء الشيعة تمايزًا واضحًا، ولبيت دعوة عدد من الأصدقاء المثقفين أبناء ذلك البلد لقضاء أمسية معهم؛ وقام واحد منهم مرحبًا بي باعتباري قادمًا من بلد "أبو خالد"؛ يعني جمال عبدالناصر، وأردف قائلًا: "يكفي أبو خالد فخرًا أنه كسب قلبي أنا الشيعي رغم أنه سُني"، وبدا علىّ الاندهاش، فقد كانت المرة الأولى التي أسمع فيها اسم الزعيم ناصر معرفًا بأنه "سُني"، فقد كانت صفة السُّني تطلق في بلادنا على مَن يطلق لحيته.
Kadrymh@yahoo.com