الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رحيل زوربا الثاني

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وداعا تيودراكس، ستظل موسيقاك فى القلب والأذن تدفعنا لمزيد من مواجهة القهر والظلم والنضال من أجل حرية شعوبنا.
ناضل ضد الديكتاتورية فى بلده اليونان، وساند المقاومة والثوار فى أنحاء العالم كافة.
رحل تيودراكس، شهد انتصارات وهزائم، لم تغره الانتصارات ولم تكسره الهزائم. ظل كسنديانة حمراء يظللنا بموسيقاه العذبة.
هكذا كتب الدكتور إيمان يحيى عن رحيل ميكس تيودراكس.
عرفت مصر موسيقى تيودراكس من خلال باليه «زوربا» وهو فى الإطار المحلى يمثل اليونان، لكنه غزا العالم ووصل مصر لأول مرة عام ٢٠٠٠ حينما زارتنا فرقة باليه أوبرا اليونان القومي، أما أداء فرقتنا المصرية له فكان عام ٢٠٠٤ عندما انتجته دار الأوبرا المصرية.
باليه «زوربا» من مؤلفات اليونانى ميكس تيودراكس الذى يعد من القلائل الذين لهم دور بارز فى نهضة الموسيقى فى بلاده وانتشارها فى كل أنحاء العالم وطبق عليه صفة العالمية بكل ما تمثل به هذه الكلمة من معنى، وهو غزير الإنتاج له أكثر من ١٠٠٠ أغنية وله أكثر من ٣٠ عملًا سيمفونيًا و٥ أوبرات وعدد كبير من الموسيقى التصويرية للمسرحيات والأفلام. ومن أشهر أعماله الشبابية موسيقى فيلم «زوربا اليوناني» الذى تم إنتاجه عام ١٩٦٤ عن قصة نشرت فى نفس هذا العام وبنفس العنوان للمؤلف اليونانى «نيكوس كازانتاكيس» وموسيقى هذا الفيلم تضمنت رقصة «السيرناكي» التى تعزفها آلة البزق اليونانية الشعبية، وقد انتشرت وأصبح الشباب يرقصونها فى كل أنحاء العالم.. فى عام ١٩٨٨ تم تقديم العمل كباليه على نفس القصة فى مسرح أوبرا «فيرونا» بإيطاليا بعد أن اختار تيودراكس مقتطفات من أعماله من بينها موسيقى فيلم «زوربا»، وقام بالتوزيع الأوركسترالى لها وكان التصميم للمصمم «لوركاماسين» وقاد تيودراكس العمل بنفسه، وحقق نجاحًا كبيرًا وطاف به معظم بلاد العالم من بينها مصر.
باليه «زوربا» من فصلين، وتدور أحداثه فى إحدى القرى اليونانية عن قصة جون السائح الأمريكى الذى وصل إلى القرية، ولكن أهل القرية يرفضون الاختلاط به، خاصة بعد أن قامت علاقة حب بينه وبين الأرملة «مارينا» التى يحبها الشاب «يورجوس» ثم يظهر زوربا وهو شخص غريب عن القرية ملئ بالحيوية لا يؤمن بشيء سوى الحرية ويصبح صديقًا لجون ويعلمه المعنى الحقيقى للحياة، وهو أن نحياها ونستمتع بها على الجانب الآخر تظهر شخصية مدام أورتانس، وهى فنانة عجوز تحب زوربا وتحلم بأنها تتزوجه، ومن ناحية أخرى الشاب يورجوس يحرض أهل القرية على السائح جون وتحدث مشاجرة كبيرة تموت فيها حبيبته مارينا، وكادوا يفتكون به لولا إنقاذ زوربا له - أما مدام أورتانس فتمرض وتموت بعد أن تكتشف أن زوربا لن يتزوجها، ويحزن زوربا ويشعر باليأس، ولكن جون يسعى لأن يخرجه من حزنه بالتعاليم التى سبق أن علمها له، ويختتم الباليه برقصة «السيرناكي» اليونانية الشهيرة وينضم إليها أهل القرية، العمل يبدأ بغناء من مجموعة الكورال الرجالى، وعلى رقصة فردية ثم تبدأ رقصة جماعية بأسلوب واقعى يعتمد على دق كعوب الأحذية، ويشتد النغم رويدًا رويدًا حين يشترك الكورال النسائى الذى يقف على شمال القائد، ثم يأتى مشهد دخول «زوربا» الذى يعد من أجمل المشاهد لما به من حركات مبتكرة على المستويين الفردى والجماعى، وكل منها تستند إلى رقصات شعبية خاصة باليونان، «زوربا اليونانى» للروائى العالمى «نيكوس كازنتزاكى» رواية من أعظم الروايات العالمية التى كتبت، وتدور أحداثها عن قصة رجل مثقف، اسمه باسيل، غارق فى الكتب يلتقى مصادفة برجل أميّ مدرسته الوحيدة هى الحياة وتجاربه فيها. سرعان ما تنشأ صداقة بين الرجلين ويتعلم فيها المثقف باسيل ـ الذى ورث مالًا من أبيه ـ الكثير من زوربا عن الحياة وعن حبها وفن عيشها. أنتجت هوليوود فيلمًا شهيرًا مقتسبًا من الرواية يحمل نفس العنوان وقام ببطولته الممثل العملاق «أنتونى كوين وحقق الفيلم شهرة كبيرة.
زوربا، شخصية مجنونة بحق! يبتسم بسخرية حين يريد أن يخفى انفعاله ! ويسخرُ باسمًا من صديقه المثقف ويصفهُ بـ (قارض الكتب)
وينتظرُ دون أمل أن يترك عادة مضغ الورق والتلوث بالحبر !! شجاع لايخيفه شيء سوى الشيخوخة ! لايهمه الفرح ولا الحزن، كل ما يهمه هل هو حيٌ أم ميت ؟ المقدونى الكسى زوربا هو إنسان مدهش، مغامر، سندباد بري، لم يكن متعلمًا، إنما كان حكيمًا، تلك الحكمة التى تنساب كالنهر الرقراق فى ليلة قمرية دافئة، وكان شخصًا مفعمًا بحيوية وقوة وحس متدفق.
«زوربا» شخصية حقيقية قابلها كازنتزاكس فى إحدى أسفاره، وقد أعجب به إعجابًا شديدًا، فكتب رواية باسمه. اللافت فى رواية زوربا، هو قدرة نيكوس على وصف شخصية زوربا بشكل مطوّل ومفصّل وعميق، حتى أنك تشعر لوهلة أن زوربا هو الشخص الأعظم فى هذا الكون. المميز فى زوربا هو انه يحب الحياة بكل أشكالها، لا يذكر الحزن، بل يذكر الفرح دائمًا فى لحظات حزنه الشديد، أو سعادته الشديدة، يرقص رقصته المشهورة، (رقصة زوربا). 
فى تلك الرقصة، يقفز إلى الأعلى لأمتار ونقفز معه مع موسيقى المبدع الراحل ميكس تيودراكس.