كانت آخر أمنيات الصحفى الراحل إبراهيم نافع فى الحياة أن يعود إلى أرض الوطن مصر لكى يعيش فيها الساعات المتبقية من عمره عندما شعر هو وأهله بدنو موعد ملك الموت ولقاء ربه من مكان إقامته بدولة الإمارات الشقيقة والتى غادر إليها بعد ثورة ٢٥ يناير لتلقى العلاج، ولكن القدر لم يمهله تحقيق هذه الأمنية الغالية وكان المرض اللعين له بالمرصاد وكان آخر كلماته لأهله «كده كفاية غربة وأتمنى أن أعيش أيامى الأخيرة فى بلدى». بالرغم من أنه أعطى الكثير للمهنة من وقته وجهد وتفكيره وللعمل النقابى الذى أصبح الآن فى خبر كان ومعاركه الصحفية المتعددة مع السلطة التى يشهد له الجميع القاصى والدانى ودفاعه الذى ليس له حدود مع أى صحفى عضو بالنقابة والوقوف بجانبه حتى يأخذ حقه، ولكن الموت أبى عليه تحقيق هذه الأمنية بعد صراعه الشرس مع مرض السرطان وتوفى هناك، ثم تم نقل جسده إلى القاهرة ثم مؤسسة الأهرام العريقة التى يعتبر إبراهيم نافع واحدا من أهم أعمدتها وصاحب الإنجازات والإصدارات والمشروعات الاقتصادية الكبيرة فيها مثل جامعة الأهرام الكندية التى تنفق على المؤسسة منذ بدايتها حتى الآن بالإضافة إلى أن الصحافة المصرية فقدت رمزا بارزا قدم خدمات جليلة للصحافة المصرية والعربية عامة، والأهرام خاصة والتى حولها لمؤسسة كبرى بما أسسه من إصدارات جديدة، والمبنى الحديث الذى أضيف للمبنى الذى أسسه محمد حسنين هيكل من قبل، علاوة على تركه أصولا تقارب المليارات بالأهرام، ناهيك عن محبيه وتلاميذه ليس فى مصر وحدها بل فى مختلف البلاد العربية والذين حضروا إلى القاهرة لتوديعه إلى مثواه الأخير.
ويعد إبراهيم نافع أحد أبرز رواد الصحافة المصرية والذى شغل منصب نقيب الصحفيين، ورئيس مجلس إدارة الأهرام، وترأس إبراهيم نافع الاتحاد العام للصحفيين العرب منذ عام ١٩٩٦ وحتى ٢٠١٢، وتولى رئاسة المنظمة العربية لمناهضة التمييز، علاوة على تقديمه الكثير من الأمور التى حفظت للمهنة كرامتها وأعادت للصحفى كرامته بعد أن أهدرت فى خضم كفاح الصحفيين المرير مع لقمة العيش والمهنة التى يعول عليها كل من يعمل فى بلاطها وهو من ساعد على إقرار بدل شهرى للصحفيين تحت مسمى بدل التكنولوجيا والذى لولاها لحدثت مشكلات ومظاهرات صحفيين واعتصامات نتيجة توقف عدد كبير من الصحف الحزبية والخاصة عن الإصدار واعتماد صحفيي هذه الصحف على البدل الشهرى لمواجهة تكاليف المعيشة والغلاء الفاحش بالرغم من كونه بدلا ضئيلا إلا أنها نوايا تسند والسلام!.
وكان هو فقط ربما من نجح فى حشد جمعيات عمومية تاريخية تحت الخيام فى شارع عبدالخالق ثروت يحضرها الصحفيون من كافة التيارات من أجل مواجهة خطر يحدق بالمهنة من جميع الاتجاهات وربما ينال من حريتهم ومستقبل مهنتهم! من أبرز مواقفه للدفاع عن الصحافة والنقابة تجميعه للصحفيين على اختلاف توجهاتهم وقيادته للجمعية العمومية فى اجتماعها المستمر على مدى (١٣ شهرا) وإقناعه الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك بإلغاء القانون رقم (٩٣) لسنة ١٩٩٥ والمعروف بقانون اغتيال الصحافة فى واقعة لن ينساها تاريخ نقابة الصحفيين.
ربما قدم نافع رحمه الله النقيب الكاريزما التى تقف أمام جبروت السلطة التى تسعى لتكميم الأفواه ومصادرة حرية الرأى والتعبير خلال عهد الرئيس الأسبق مبارك وهو تلك الشخصية القوية المساندة لكل الصحفيين والذى أقر تعيين أبناء العاملين بمؤسسة الأهرام وأصبح عرفا بالمؤسسة علاوة على أنه هو الذى أسس مبنى نقابة الصحفيين الحالى فى شارع عبدالخالق ثروت وهو من أفخم المبانى الصحفية فى منطقة الشرق الأوسط وربما فى العالم المتقدم، وكان وجهة نظره أن مكان الصحفيين فى منطقة الأزبكية غير لائق بالجماعة الصحفية وللمهنة، وإن كان ما يحزننى أن يقوم مجلس النقابة الحالى بتغيير اسم قاعة إبراهيم نافع بالنقابة إلى اسم آخر وهو جلال عارف وهذا أمر غير مقبول بأى حال من الأحوال وأدى إلى استياء الصحفيين من هذا التصرف غير المبرر على الإطلاق!
وربما تراجعت هيبة الصحفى وأشياء كثيرة بعد ترك إبراهيم نافع للنقابة والعمل النقابى التى كانت هى فقط كل حياة المرحوم إبراهيم نافع..!