تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
شاءت إرادة الله العلى العظيم أن تنطلق روح إبراهيم نافع إلى بارئها فجر عام جديد.
عاش إبراهيم نافع مناضلًا مهنيًا على مستوى العالم العربى ومات بهدوء.
كانت كلمات إبراهيم نافع لها قراؤها وجاء اليوم ليكون هو المقروء.
عاش إبراهيم نافع نظيف القلب، عفيف اللسان لا يعرف لغة الإساءة والسوء.
إبراهيم نافع، شهادة تجسدت فى شخص فهو وريث مجموعة من القيم التى غرست فى نفسه تاريخ السويس مسقط رأسه التى غرست الكفاح، فأخذ من هذه المبادئ ووضع منها مصباحًا يضىء أمامه الطريق، إذن هو اختيار مصري.
إبراهيم نافع الحقوقى الذى تعلم فى مدرسة شقيقه الأكبر الأستاذ أحمد نافع لكنه تمرد رغم هدوئه على النمطية واستطاع هو وأستاذنا الكبير جنتلمان الصحافة سعيد سنبل أن يؤسسا المدرسة الحديثة للصحافة الاقتصادية رغم أن أستاذنا سعيد سنبل خريج كلية العلوم، لكن استطاع هذان الشابان أن يقنعا أساتذة الاقتصاد المؤسسين أنهما جديران بحمل هذه الرسالة التى بدأ وضع حجر الأساس فيها عدد كبير من قدامى الصحفيين وعلى رأسهم المرحوم راغب عبدالملك، الذى كان آخر موقع له هو مدير مكتب أخبار اليوم بالإسكندرية ومات الرجل على مكتبه.
إبراهيم نافع صفحة تفاعلت مع العمالقة الأستاذ محمد حسنين هيكل، وأحمد بهاء الدين وغيرهما من العباقرة. كانت الكفاءة المهنية هى الرائدة حيث أقنع عالمى الاقتصاد الدكتور عبدالجليل المصرى وعبدالمنعم العيسوى أنه يتساوى معهما فى العلم والفكر الاقتصادي.
كانت قضية إبراهيم نافع كنقيب أن التحدى الحقيقى لهذه المأمورية الصعبة والتاريخية أن عليه أن يتأرجح بين عواطف المهنة ومحاولات السيطرة عليها من السلطة.
وهكذا تجاهلت الصحف دوره المهني.
كانت الصور التى نشرت وأذيعت للكاتب الكبير الأستاذ إبراهيم نافع، نقيب الصحفيين التاريخى عقب إجراء العملية الجراحية الدقيقة بالمركز الطبى بدبي، حيث يحظى هناك بالرعاية والعناية التى تستحقها حالته الصحية، فهى إن عكست الشجاعة التى يتسلح بها نقيبنا الأسبق فى عرض تفاصيل مرضه، لكنها إرادة الله ولا راد لقضائه، إلا أنها كانت تعكس اشتياقا حارا لعودته إلى أرض الوطن ليرى مياه النيل وصفاء البحر وعيون الشعب ويتعايش معهم وهذا ما استهدفه النشر فيما أعتقد رغم أن التعليقات المنشورة تلف وتدور حول هذا المعنى وتتحدث عن إبراهيم نافع على استحياء كرئيس مجلس إدارة لواحدة من أكبر المؤسسات الصحفية فى الشرق وأعرقها، وتجاهلت دوره المهنى كنقيب فارس شجاع انتصر لحرية القلم، ورفضه المساس بحرية الصحافة ودخل المعارك المهنية، ولأول مرة تستطيع الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين وهى الأسرة الصحفية أن تشكل «لوبى» متعدد القوى يتمكن من إسقاط القانون ٩٣ لعام ١٩٩٥مـ بالمواجهة الشرسة الواعية، ليست هذه شهادة وفاء مهنى للرجل الذى جمع فى قدراته بين عصارة الحبر والتصدى بصفاء عقل وموازنة دقيقة لإعداد الحرية مرتفعًا عن الصغائر لمنع تسلط الدولة على الصحافة، والذى يراجع الموقف منذ صدور هذا التشريع المباغت الذى يؤثم كل شىء بل يقصف رقاب وأقلام أهل الفكر وهو (قانون فوزية) نسبة إلى الفقيهة الكبيرة الدكتور فوزية عبدالستار، رئيس اللجنة التشريعية لمجلس الشعب فى ذلك الوقت وهى حرم شيخ فقهاء القانون الجنائى ورائد هذا العلم فى الجامعات العربية الدكتور محمود نجيب حسني، رئيس جامعة القاهرة، وهو يمثل جيل القمة الذى تسلم المسئولية من الدكتور السعيد مصطفى السعيد، والدكتور محمود مصطفى، وتزامل مع الفقيه الدكتور أحمد فتحى سرور والدكتور رمسيس بنهام والدكتور جلال ثروت والدكتور عبدالفتاح الصيفى والدكتور جلال العدوى وآخر العنقود فى هذا الجيل الفقيه العلامة الدكتور محمد زكى أبو عامر.
هذه التركيبة لا يمكن أن توافق أو تصيغ قانونًا يكيل ويغتال حرية التعبير ويدخل الكلمة دائرة التجريم، والاعتماد على فلسفة استحداث وتغليظ العقوبات، منها اصطلاح «كل من حبذ» أو قام (بازدراء).
ولا أريد أن أستطرد للتدليل على عدم مشروعية القانون والاستشهاد بحكم المحكمة الدستورية العليا، لكن أحصر حديثى لموقف إبراهيم نافع النقيب الذى اعتذر عن عدم حضور عيد الإعلاميين فى هذا العام وأناب الأستاذ الراحل جلال عيسى، وكيل أول النقابة لإلغاء الكلمة نيابة عنه، وقد كان من قبيل الصدفة أن يتعرض إبراهيم نافع لأزمة صحية عنيفة أعاقته عن الحضور وتم نقله بإحدى الطائرات الطبية من منزله غرب الإسكندرية حيث قام بتشخيصه العالم الكبير الراحل الدكتور جمال عزب، رائد علم جراحة المخ والأعصاب، وسجل رسميًا أنه لايتحمل مسئولية الحركة أو السفر إلى القاهرة بهذه الحالة التى تتدهور بسرعة.
وألقى الأخ العزيز الراحل جلال عيسى الكلمة وطالب فيها الرئيس مبارك بإعادة القانون مرة أخرى إلى مجلس الشعب والامتناع عن التوقيع على القانون، وكان رد الرئيس هو «إحنا مش بنبيع ترمس» بلهجة إستنكارية دفع ثمنها جلال عيسى بعد ذلك ونقل من بيت الصحفى إلى بيت آخر شعر فيه بالغربة وظل لديه هذا الإحساس حتى لبى نداء ربه.
واستطاع إبراهيم نافع أن يجمع حوله شيوخ المهنة وشبابها ومختلف الاتجاهات يمينًا ويسارًا وشعرت الأجيال أنها دفعت تاريخيًا ثمنًا غاليًا للحفاظ على حرية الصحافة ومنهم من دخل السجن ونفذ العقوبة أشهرهم أمير الصحافة ورائدها محمد بك التابعى عام ١٩٢٨مـ والعمالقة عباس محمود العقاد، وأبوالخير نجيب وغيرهم كثير حدث ولا حرج.