رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نريد إعلامًا يعي "حق الجماهير"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وسط صخب الحياة وضجيجها الذى نعيشه، ما بين الأحداث اليومية والشكوى من غلاء الأسعار، والفساد الذى نكتوى بنيرانه فى الكثير من المؤسسات، والأحداث المتلاحقة التى تدمى القلب نتيجة حربنا على الإرهاب، نجد أنفسنا أحيانا لا نقوى على مشاهدة ما تقدمه قنواتنا المختلفة، ما بين برامج تافهة لا تحترم عقل المشاهد أو وقته، وبرامج توك شو توجع الرءوس وتسبب الاضطراب بسبب المناقشات الحادة والمقاطعات الكلامية من الضيوف والعراك بينهم، وأخرى لا تقدم جديدا، وإنما تقدم كل يوم نفس الكلام المكرر والرتيب الذى نسمعه فى كل البرامج، وكأننا نستمع لشريط مسجل يعاد على كل القنوات ولكن بمقدم مختلف، أو البرامج التى يشعرنا مقدموها بأنهم يحتكرون الحقيقة وحدهم ويأخذون موقع المدرس الذى يملى المعلومات على تلاميذه، وعليهم ألا يناقشوا أو يختلفوا!!.. لذلك حين نحتار ونحن لا نجد على قنواتنا الكثيرة ما يرضينا، يجد الكثير منا الملاذ فى العودة للماضى، من خلال قناة «ماسبيرو زمان» والتى تعرض التراث السينمائى والدرامى والمسرحى المصرى، والأهم من ذلك ما تقدمه من برامج حوارية وبرامج منوعات وسهرات ممتعة، نستمع ونستمتع من خلالها بمشاهدة عمالقة الفن والفكر والعلم والأدب.. كنوز لا يملكها سوى ماسبيرو، تعيد إلينا عبق الزمن الجميل الذى تميز برقى اللغة وتنوع الأفكار وإتقان العمل، والإعلام الرصين الذى يقدم كافة الأشكال الإعلامية بحرفية واحترام ودون ابتذال !!.. مما يجعل الكثيرين من الجماهير العربية تهرب من قنواتنا الحالية، بما فيها من صورة متطورة وألوان زاهية وهندسة صوتية تعتمد على أحدث التقنيات، لنذهب إلى الأبيض والأسود والصورة والصوت الأقل جودة، والبرامج التى تم إنتاجها بأقل الإمكانيات والتكاليف، ولكنها تعيد إلينا أمجاد الماضى وذكرى الريادة، والفن الحقيقى الذى ما زلنا نعيش عليه حتى يومنا هذا.. وأثناء جولتى بالريموت كنترول ومحاولة الهرب من الملل الذى يقدم على شاشاتنا، شاهدت مصادفة على ماسبيرو زمان برنامجا يعد حديثا إلى حد ما بالنسبة للبرامج التى تقدم فى القناة، حيث تم إنتاجه فى التسعينيات، ويعد من نوعية برامج التوك شو، التى تعتمد على وجود أحد النجوم فى الاستوديو، إلى جانب مجموعة منتقاة من الضيوف ما بين (فنانين ونقاد وصحفيين وخبراء فى مجالات مختلفة) يكون دورهم نقديا لتقييم الضيف ومشواره الفنى ومناقشته، إلى جانب الجمهور الموجود فى الاستوديو، والذى لا يكتفى بالاستماع وإنما يحاور الضيف أيضا ويوجه إليه ما شاء من أسئلة بشكل منظم.. تحت إدارة مقدمة البرنامج الراقية والواعية والمحترفة الأستاذة/ فريال صالح (رحمها الله).. لنجد البرنامج بالفعل معبرا عن اسمه «حق الجماهير».. فرغم أنه يعد برنامجا ترفيهيا إلا أنه يحترم عقل المشاهد ويرتقى بالذوق وينمى العقل النقدي، فيعتمد على مناقشات جادة بين ضيوف البرنامج ومقدمته التى تديره بشكل بسيط ورصين فى نفس الوقت.. ورغم أنه لا يعتمد على ميزانية ضخمة كما نرى فى الكثير من البرامج الترفيهية الآن، والتى يظهر فيها البذخ الشديد فى الإنتاج دون قيمة حقيقية تذكر!! إلا أنه لا يقارن بتلك البرامج من حيث القيمة والمتعة، لأنه يعتمد فى المقام الأول على حرفية وكفاءة القائمين عليه.. يعتمد على الأفكار وليس الأموال.. فرغم الميزانيات الهائلة التى تخصص للإعلام فى عصرنا الحالى، إلا أنه ما زال يسجل كل يوم مزيدا من الفشل، لأنها أموال تدار بلا عقل، وتعتمد على غير المتخصصين، فالإمكانيات وحدها لا يمكن أن تصنع إعلاما واعيا.. فقد كنا من قبل نرى الإعلاميين هم من يسيطرون على المشهد الإعلامى، وبدأنا نرى قلة من غير الإعلاميين تظهر شيئا فشيئا، حتى أصبحنا نرى اليوم قنوات تعتمد بشكل كامل على غير الإعلاميين!! فهل يمكن أن ننتظر منهم إعلاما أو مهنية!!.. وهل سنظل جميعا حكاما ومحكومين ننتقد الإعلام دون أن نرى إصلاحا حقيقيا؟! فإذا أردنا إعلاما يبنى ولا يهدم فيجب الحرص على أن يكون إعلاما مهنيا يعتمد على المتخصصين فى الإعلام، ويدار بعلم وخبرة، دون أن يستنزف الأموال كما نرى الآن دون تحقيق أى مكاسب مادية أو معنوية، بل خسائر فادحة ومتتالية كل يوم فى ظل الأزمات الاقتصادية التى نعيشها.. فمتى سنحترم العلم وأهله ونؤمن بالتخصص و«نعطى العيش لخبازه»؟! ومتى سيرضون عن «ماسبيرو» ويعيدون إليه مكانته بدلا من إنشاء الكيانات البديلة؟!