كأنها أسطوانة مشروخة تتجدد مع كل ليلة رأس سنة، المصريون عايزين يفرحوا بالعام الجديد، رغم علمهم أنه قد يكون أشد سوادًا من اللى قبله، والسلفيون فى حالة حزن على الدين اللى راح باعتبارهم أوصياء عليه وحراس الشريعة، ومع كل رأس سنة تنطلق فتاوى أهل السلف بتحريم فرحة المصريين وتكفير من يشارك فيها.
الجديد هذا العام أن الشيخ برهامى نائب رئيس الدعوة السلفي، اللى عنده ماكينة فتاوى، لم يظهر هذا العام وكأن القطة أكلت لسانه، بعد أن كان لسنوات طويلة أحد أبطال نجوم فتوى تحريم احتفالات رأس السنة وتكفير أصحابها حتى وصل به الأمر مع أصحابه إلى تكفير من يشترى شجرة عيد الميلاد أو يشترى طراطير بابا نويل.
الحكاية بقت بايخة وماسخة وأهل السلف مصرين على غبائهم فى الغتاتة والعكننة على مناسبة فرح حتى فى كرة القدم.
أما الداعية السلفى الدكتور سامح عبدالحميد قال فى فتواه: «يجوز تهنئة النصارى بمناسباتهم الدنيوية وليس الدينية، والكريسماس من جملة شعائرهم الدينية، والمشاركة فيه هى مشاركة لهم فى شعائر دينهم، ولا ريب أن ذلك حرام ومنكر عظيم».
ولم يحدد لنا الداعية المحترم أيه حكاية المناسبات الدنيوية ديه يعنى الزواج والولادة، ثم إيه حكاية أن رأس السنة من الأعياد الدينية، رغم معرفتنا أن الكاثوليك يحتفلون ٢٥ دسيمبر، والأرثوذكس والإنجليين ٧ يناير.
الداعية السلفى على طريقة برهامى، يُحرم فى فتواه الاشتراك فى الكريسماس بأى شكل، مضيفًا أنه لا يجوز تقديم الهدايا وتبادل التهانى أو شراء دُمية بابا نويل (سانتا كلوز)، أو شجرة عيد الميلاد وإظهار الفرح والسرور من خلال الألعاب النارية أو الخروج للمنتزهات فى ذلك اليوم، أو تزيين المنازل وإنارتها بالألوان، أو شراء الحلوى للأطفال، أو اصطحابهم لمحال الألعاب إلى غير ذلك من الصور.
فى حين دشن عدد من السلفيين هاشتاج منذ فترة على مواقع التواصل الاجتماعى بعنوان: «أنا مسلم لا أحتفل بالكريسماس»، يصدرون فيه فتاوى تحرم الاحتفال برأس السنة الميلادية.
وتتطور المأساة عبر صفحات الدعوة السلفية الرسمية قالت فيها، إن «معنى كلمة بابا نويل تفصيلًا: ها هى العذراء تحبل وتلد ابنًا ويدعى اسمه عمانويل الذى تفسيره الله معنا، فـ«عما نويل» كلمة عبرانية تفسيرها بالعربى «إلهنا معنا»، ومعناه عند النصارى «الله معنا»، وتابعت: «فهذا الشيخ الكبير ذو اللباس الأحمر واللحية البيضاء الذى يسمونه «بابا نويل» هو الإله الأب الذى ولد له مولود من مريم وهو عيسى الابن، فيقوم الأب الإله بتوزيع الهدايا فى يوم ولادة ابنه عيسى عليه السلام».
ده بقا كلام يستحق كل من نشره، عنبر فى أى مستشفى للأمراض العقلية والنفسية.
وعلى نفس الطريق يقول الداعية محمد العريفى أستاذ العقيدة: إن صناعة شجرة الميلاد وتداولها، حرام بين.
أما صاحب الحظوة لدى السلفيين المصريين الشيخ محمد ابن عثيمين، أحد كبار مشايخهم، يجيب من الآخر «إن تهنئة الكفار بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، ولا يجوز أن نقول لهم «عيد مبارك عليك»، لافتًا إلى أن تهنئتهم من الكفر والمحرمات، وأشد مقتًا من شرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه».
والكلام قديم فقد ذكر ابن القيم فى كتابه «أهل الذمة» حرم تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم فقال: «وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم»..
ويأتى إمامهم ابن تيمية ليقول: «فلا فرق بين مشاركتهم فى العيد وبين مشاركتهم فى سائر المناهج؛ فإن الموافقة فى جميع العيد موافقة فى الكفر»، وقال أيضًا: ثم إن عيدهم من الدين الملعون هو وأهله، فموافقتهم فيه موافقة فيما يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه....
هذا ما تيسر ذكره من الأدلة. ومن أراد الاستزادة فليراجع اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم لابن تيمية، وأحكام أهل الذمة لابن القيم، والولاء والبراء فى الإسلام لمحمد سعيد القحطاني.
فإن قال قائل: «إن أهل الكتاب يهنئوننا بأعيادنا فكيف لا نهنئهم بأعيادهم معاملة بالمثل وردًا للتحية وإظهارًا لسماحة الإسلام..... إلخ؟
فالجواب: أن يقال: إن هنئونا بأعيادنا فلا يجوز أن نهنئهم بأعيادهم لوجود الفارق، فأعيادنا حق من ديننا الحق، بخلاف أعيادهم الباطلة التى هى من دينهم الباطل؛ فإن هنئونا على الحق فلن نهنئهم على الباطل.
ثم إن أعيادهم لا تنفك عن المعصية والمنكر وأعظم ذلك تعظيمهم للصليب وإشراكهم بالله تعالى، وهل هناك شرك أعظم من دعوتهم لعيسى عليه السلام، بأنه إله أو ابن إله، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا، إضافة إلى ما يقع فى احتفالاتهم بأعيادهم من هتك للأعراض واقتراف للفواحش وشرب للمسكرات ولهو ومجون، مما هو موجب لسخط الله ومقته، فهل يليق بالمسلم الموحد بالله رب العالمين أن يشارك أو يهنئ هؤلاء الضالين الكافرين بهذه المناسبة!!!
وبالمناسبة أيضا الكلام المذكور أعلاه موجود ويدرس وناس واخدة دكتوراه على أساسه فى الكليات والمعاهد الدينية المصرية.
كل سنة وأنتم دايما طيبين كل المصريين، وفرحتكم وضحكتكم قوية رغم الحزن القادم.