جاءت ردود الأفعال التى تلقيتها عقب مقالى السابق «إحنا مش أقلية» إيجابية أكثر مما توقعت، حيث تلقيت العديد من المكالمات، حول ما كتبت من مواقف جمعتنى ببعض النجوم الذين تعاملت معهم خلال عملى كصحفى فن، وكيف كانت ردود أفعالهم حينما علموا أننى مسيحى عن طريق الصدفة، وطالبنى الجميع بكتابة سلسلة مقالات أرصد فيها رحلتى فى الوسط الفنى وسط النجوم، فقررت أن أكتب تلك المواقف تحت عنوان «أربعة ريشة وهلال».
فى مصر الكثير من يشبهنى فى الواقع، مسيحى يظنه البعض أنه مسلم، والعكس صحيح، وربما ساهمت الأسماء والشبه الكبير بيننا فى ترسيخ هذه المسألة، أضف إلى ذلك أنه من النادر أن تجد أحدًا يسألك عن ديانتك، وقد يعارضنى البعض ويصفنى بأننى أعيش وهمًا كبيرًا لا أساس له على أرض الواقع فى مصر، ولكن هذا ما عشته على مدار سنين حياتى لم أصادف من يسألنى عن ديانتى، حتى حينما اختلط الأمر على أصدقائى، جاءت أسئلتهم فى هذا السياق وردود أفعالهم كوميدية وبعيدة كل البعد عن السؤال بطريقة جارحة.
الأمر بالنسبة لى دائمًا لم يصل إلى مرحلة الهتاف طوال الوقت بأننا نسيج واحد ولا توجد تفرقة بين مسلم ومسيحى وعنصرى الأمة أو غيرها من تلك الشعارات الرنانة، فقط أرى طوال الوقت أننا لو تركنا أنفسنا فريسة لهذه الشعارات فسوف نقوم بتأصيل الفتنة، علينا أن نحيى على وفاق مع الآخر، علينا أيضًا أن نقلل مساحة الاختلاف فى أذهان أطفالنا حتى ينطلق جيلًا واعيًا يصعب اقتناصه من قبل هواة الصيد فى وضح النهار، ليعيش الطفل «الأربعة ريشة» جنبًا إلى جنب شقيقه «الهلال».
أذكر أثناء تواجدى فى إحدى محطات البنزين بالدقى، قابلنى شاب وعرض على أسطوانات تضم سورًا للقرآن الكريم بصوت عبدالباسط عبدالصمد، وأردف ذلك الشاب يصف لى مميزات ما يبيع، وأنها فرصة نادرة وبسعر بسيط، ولعل ما ساعده على الإطناب فى الشرح بجانب اجتهاده الشخصى وحبه لمهنته، هو أنه لمح وجود دعاء الركوب معلقًا بالمرآة، وظللت أستمع له مبتسمًا حتى انتهى، وظننت أننى سألقى عليه بمفاجأة مدوية حينما أقول له إننى مسيحى بعد أن قلت له ضاحكًا: «بس أنا أربعة ريشة»، لأجده يلقى على بمفاجأة أكبر مصحوبة بضحكات هيسترية، حينما قال لى وهو يشير على الصليب الذى فى يده: «بصرة».