السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

سَلِيل البَنائِين المِصْريين العِظَام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدأت الحضارةُ المصرية فى حوالى العام ٣١٥٠ قبلَ الميلاد، عندما وحدَ الملكُ مينا جنوبَ مصر وشمالها معًا، وتطورت بعد ذلك على مدى الألفيات الثلاث التالية، وبلغت مصر القديمة ذروة حضارتها فى عصر الدولة الحديثة، وقد استمدت الحضارة المصرية القديمة نجاحها من القدرة على التكيف مع ظروف وادى نهر النيل، حيث توافرت كل مقومات الزراعة من تربة خصبة ومياه ومناخ، وساعد التنبؤ بالفيضانات والسيطرة على أضرارها فى إنتاج محاصيل زراعية وفيرة، أسهمت فى التنمية الاجتماعية والثقافية، وقامت السلطات باستغلال المعادن الموجودة فى منطقة الوادى والمناطق الصحراوية المحيطة به.
وقامت بوضع نظام كتابة مستقل، ونظمت البناء الجماعى والمشروعات الزراعية، بالإضافة للتجارة مع المناطق المحيطة بمصر، وكان تعزيز القوى العسكرية للدفاع العسكرى ضروريًا لمقاومة أعداء الخارج، وتأكيد الهيمنة الفرعونية على البلاد لتحقيق الاستقرار.
وتضمنت إنجازاتُ قدماء المصريين- كما ذكرت الموسوعات- استغلال المحاجر، المسح وتقنيات البناء التى سهلت بناء الأهرامات الضخمة والمعابد والمسلات، بالإضافة لنظام رياضيات عملى وفعال فى مجاليْ الهندسة والطب وأنظمةٍ للرى وتقنيات الإنتاج الزراعي، وأول ما عُرف من السفن و«القيشاني» المصرى وتكنولوجيا الرسم على الزجاج، وأشكالٍ جديدة من الأدب، وأول معاهدة سلام معروفة، وتركت مصر القديمة إرثًا دائمًا للبشرية جمعاء، وأخذ منها اليونانيون القدماء الكثير وتلاهم الرومان.
ونُسخت وقُلدت الحضارة والفن والعمارة المصرية على نطاقٍ واسع فى العالم، ونقلت آثارها إلى بقاع بعيدة من العالم، وألهمت الأطلال والبقايا خيال المسافرين والكتاب لعدة قرون، وأدت اكتشافات فى مطلع العصر الحديث عن آثار وحفريات مصرية إلى أبحاث علمية للحضارة المصرية تجلت فى علم أطلق عليه «علم المصريات»، ومزيد من التقدير لتراثها الثقافى فى مصر والعالم.
ولذلك كله، يمكن أن نطلق على الحضارة المصرية القديمة أو الحضارة الفرعونية «عصر البنائين المصريين العِظَام»، وأزعُم أن مصر لم ترَ عُهودًا مماثلة فى التاريخ الحديث والمعاصر سوى فى ثلاثةِ عهودٍ فقط، إذا تغاضينا عن العصور التى كانت فيها مصر ترزح تحت الاحتلال من قبل الرومان والمماليك والفرنسيين والعثمانيين والإنجليز، ولعل عهد محمد على (باشا) بانى حضارةِ مصرَ الحديثة أولُها يليه عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، أما الحلقة الثالثة فى سلسلةِ سُلالَةِ البَنَائِين المِصريين العِظَام، فنحن نحياها الآن فى ظل قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
لقد عاشت مصر تحت حُكمِ جماعةِ الإخوان عامًا كاملًا دون أن تجنى شيئًا سوى محاولات طمس هُويتها المتفردة فى الوسطية والاعتدال والتسامح الديني، والجهودِ الدؤوبة لأخونةِ مؤسسات الدولة والسيطرة على مفاصلها، ولم تَقُم الجماعة فى عام حُكمها «الأسود» بشقِ طريقٍ أو حفرِ نفقٍ أو تشييدِ كوبرى أو إنشاءِ مصنع أو دعم قواتنا المسلحة بالسلاح والعتاد.
 لقد كان «عامُ الجماعة» هو أكبرُ صفر فى التاريخ تحصل عليه أية قوة سياسية تصل إلى حكم مصر عبرَ تاريخِها الطويل.. صفر فى الاقتصاد.. صفر فى السياسة.. صفر فى الثقافة.. صفر فى الإنشاء والتعمير.. سلةٌ كبيرةٌ من الأصفار التى لا تنتهىِ فى كشفِ حسابِ الجماعةِ الإرهابية فى حُكمِ الدولةِ المِصرية.
وعندما تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى الحُكم فى مستهل فترته الرئاسية الأولى أعلن برنامجًا طموحًا تضمن مشروعات قومية كُبرى.. قناة السويس الجديدة.. مليون ونصف مليون فدان جديدة.. مشروعات الاستزراع السمكى الضخمة.. تطوير العشوائيات.. أنفاق ومحور قناة السويس.. تحديث الجيش المصرى بشكل لم يسبق له مثيل منذ إنشاء القوات المسلحة الحديثة فى عهد محمد علي.. تحديث الاقتصاد المصرى وربطه بالاقتصادات العالمية.. إنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء.. إنشاء مدن جديدة ومنشآت سياحية.. مد خطوط جديدة لمترو أنفاق القاهرة.. ربط القاهرة بالعاصمة الإدارية الجديدة ومدينة السادس من أكتوبر بقطارات كهربية سريعة.. إنشاء عاصمة إدارية للبلاد للتخفيف عن القاهرة لجعلها مدينة قابلة للحياة والعيْش فيها.
وعندما كان يُعلن الرئيس عن البدء فى تنفيذِ أحدِ هذه المشروعات القومية كان الإخوانُ وقبيلُهم من الجماعات المتطرفة والميليشيات الإلكترونية على شبكات التواصل الاجتماعى والوسائل الإعلامية القطرية والتركية واللندنية والأمريكية تُشكك فى هذه المشروعات، وفى عدم قدرة الاقتصاد المصرى على النهوض، وتُشكك فى إمكانية تحمل الشعب المصرى للإجراءات الاقتصادية الصارمة التى تستعيد قدرة هذا الاقتصاد على المنافسة، وأن الثورةَ ضد الرئيس مقبلةٌ لا محالة. 
ولكن خيبَ اللهُ آمالَهم وكَرِهَ انبعاثَهم وبثَ الفتنةِ من خلالِ أعوانِهم، لأن الرئيسَ آمنَ بالشعب المصرى ووقوفه إلى جانبه وانحيازه لمصالح الوطن، فآمَنَ به الشعبُ وتحملَ اليومَ من أجل الغدِ الأفضل للأبناء والأحفاد على أرض هذه الدولة الباقية منذ آلاف السنين. 
ولعل إيمانُ القائدِ والشعبِ بنصرِ الله، هو الذى جعلَ نصرَ اللهِ قريبًا، وليُدركَ المشككون فى نصرِ الله بأن اللهَ معنا، لأننا نُخلصَ النيةَ لله فى كل ما نقومُ به من أجل الوطن، وعندما ذهبَ الرئيس السيسى إلى منطقة القناة ليفتتحَ الأنفاقَ الجديدة، ويُدَشِنَ السفينة «أحمد فاضل» للخدمات البترولية، ويتفقدَ نواةَ مشروعاتِ الاستزراع السمكى فى منطقة القناة، ويُشيرَ بكلتا يديه إلى ٥٢ ألف وحدة سكنية على الضفة الشرقية للقناة ويُعلنَ عن مشروع قومى جديد فى شرق القناة يتكلف ثلاثة مليارات جنيه اغرورقت عيناهُ بالدموع.. دموعِ الفرحِ والإنجاز.. دموعِ القائدِ المؤمنِ بنصرِ الله لعبده العابد العامل ليلَ نَهار متحملًا للمسئولياتِ الجِسَام المُلقاة على عاتقِه.
إن دموعَ الرئيسِ لم تكن حالةً خاصةً به، بل إننى أكاد أرى ملايين المصريين– وأنا منهم- وهم يذرفون دموعَ الفرح بهذا النصر المؤزر الذى شككَ فيه الإخوانُ وأعوانُهم منذ اللحظة الأولى لتولى الرئيس الحكمَ باصطفافٍ غير مسبوق للناخبين المصريين، وكانوا ينتظرون أن تدورَ علينا الدوائر نظرًا لما اقترفه الشعب المصرى ضدَهم حينما ثارَ عليهم ثورةً غير مسبوقة فى العصر الحديث فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
إن اللهَ أرادَ بمِصْرَ خيرًا عندما وَلَى عليها الرئيسَ عبدالفتاح السيسى سَلِيلَ البَنَائِين المِصْرِيين العِظَام الذى شيد وبنى لمصر من المشروعات فى سنواتٍ معدودات ما كان يمكن أن يستغرقَ إنجازُه عشراتِ السنوات. 
وسيظلُ الشعبُ المصرى يدًا بيد وكتفًا بكتف مع قائده فى معاركه جميعا.. سواء التى يخوضُها ضد الإرهاب، أو تلك التى يخوضها من أجل البناء.