بالرغم من كل الذى حدث ويحدث، يستقبل المصريون عامهم الجديد بالفرح وغير آسفين على رحيل العام المنصرم رغم ما حمله إليهم من خسائر ومواجع، ولن تتمكن المخاوف والمحاذير ولا الأزمات وارتفاع الأسعار ولا الإرهاب ولا الأوضاع الاقتصادية الصعبة من التمكن من القضاء على احتفالات المصريين بأعياد الميلاد أو ليلة رأس السنة.
ولن تتمكن حتى من إصابتها ولو برذاذ من الخوف، سيسهر المصريون فى المطاعم والمقاهى والفنادق والمنازل رغم كل ما يحدث من حولنا من زلازل وبراكين فإن مصر بخير، والاحتفالات بالأعياد صفة لا تغيب عن المصريين بل إنها طقس من طقوسهم التى لا تغيب، وإن الفرح لونهم الموحد مهما اختلفت الانتماءات وإن السنة الجديدة إن شاء الله ستغتال القديمة بأسلحة الفرح والبسمة وحب الحياة، إن السنة الجديدة ستنشر الخير والفرح وستحمل إلى مصر تحقيقا قصيرا من أمنيات الناس، وإن الفرح سيظل لونًا ملازمًا بكل مصرى مهما عانى ومهما بلغت أوجاعه لأن الفرح وحده ينتصر على الألم وبالأمل وحده ننتصر على اليأس وسيكتب لهذا العام ٢٠١٧ الذى لم يتبق منه إلا أيام قليلة إن نهايته هى بداية الصحوة فقد انتهى بصحوة كبيرة بالقضية الفلسطينية وانتصار كبير على الانتهاكات الأمريكية الشرعية الدولية بالقرار الأخير الذى أصدرته الأمم المتحدة الأسبوع الماضى بعدم الاعتراف بوعد ترامب بأن القدس عاصمة لإسرائيل، وإن الأكثرية الدولية التى صوتت لصالح القرار المصرى هى أكبر تحدٍ للإدارة الأمريكية التى هددت وتوعدت الدول التى صوتت لصالح قرار الدبلوماسية المصرية بعدم الاعتراف بوعد ترامب. ربما يؤدى اعتراف ترامب بأن القدس عاصمة لإسرائيل لتحجيم سلطته بعد تعديه وانتهاكه الشرعية الدولية وأفقد الدولة الأمريكية مصداقيتها أمام العالم كله وحتى حلفائه المقربين، ولم ينجح ترامب حتى الآن فى الاستفادة من اعترافه بأن القدس عاصمة إسرائيل لأنه مهما كانت قوة اللوبى الصهيوني فإنه لا يستطيع أن يقف أمام مقاومات الدولة الأمريكية بعد سقوط مصداقيته ووقوفها أمام الشرعية الدولية المستندة للقانون الدولى الذى هو مقوم أساسى للحضارة الغربية.
واللافت لكل العالم أن التخاطب السياسى لترامب يتطور ولكن من الأسوأ إلى الأخطر، وأنه يتعامل مع الدول العربية على وجه التحديد كـرجل الأعمال وليس كـرئيس دولة عظمى!
والجديد أنه يتزايد داخل المؤسسات الأمريكية المطالبة بنزع الثقة وتحجيم سلطات ترامب، يبرز فى هذا الإطار أن أكبر رمزين شيخ الأزهر وبابا الإسكندرية قد رفضا استقبال نائب الرئيس الأمريكى الذى كان ينتظر أن يصل إلى القاهرة نهاية هذا الشهر، على خلفية رفض استقبال نائب الرئيس الأمريكى فى القاهرة، تم إلغاء الزيارة وهو ما يعكس أهمية القدس بالنسبة للمسلمين والمسيحيين واليهود، وليس ببعيد عن موقف الرمزين الدينيين دور الدبلوماسية المصرية مع سفراء العالم بضرورة الاعتراف بأن القدس الشرقية عاصمة لفلسطين ردًا على وعد ترامب. وكأنه يقول بهدوء إن «قراراتك يا ترامب لن تضيع القدس» ما دامت فى العروق دماء والأجساد حياة ومن تصور أن حياد أمريكا هو ساذج أو أن أمريكا هى الراعى الرسمى لعملية السلام.
الكل يعلم أن أمريكا هى شريك متضامن مع إسرائيل فى كل الجرائم التى ارتكبت فى حقنا كـعرب تأكيدًا لذلك ما قالته «مندوبة أمريكا» فى الأمم المتحدة
السيدة «نايكي» بأن ترامب يعتبر التصويت فى الأمم المتحدة على قضية القدس مسألة شخصية بل الأخطر من ذلك التهديد بوقف المساعدات الأمريكية عن الدول التى تدين قرار ترامب.
المحللون يسألون:
- هل صحيح أن ٢٠١٨ كتاب يقرأ من عنوانه بعد أن وصفوه بأنه عام الصحوة للقضية الفلسطينية ونحن نقول إنه عام الصحوة فى كل المجالات وشيء واحد لا يغيب عنا هو أن (المتغطى بأمريكا هو عريان) هذه ليست مفاجأة لكنها عبرة نستمدها من كل ما جرى خلال السنوات الماضية.
وهذه العبرة (المتغطى بأمريكا هو عريان) تم استهلاكها هذا العام ولم يتبق للعام الجديد مفاجآت تكاد تكون أيام السنة القادمة مرئية بيومياتها ومواعيدها ،الموعد الأقرب إنهاء كثير من المشروعات القومية والاكتفاء الذاتى للغاز. كذلك انتخابات الرئاسة والاصطفاف حول انتخابات الرئيس «السيسي» للعبور بالوطن من حال الاستقرار والأمان إلى حال قطف ثمار المشروعات القومية وتخفيف الأعباء عن الناس والقضاء على بقايا الإرهاب.
ربما كان ذلك هو ما أزعج أمريكا وإسرائيل بدليل عملية الإرهاب الأخيرة بمدينة «العريش» التى لا يمكن أن تتم إلا بتآمر دولى يستخدم الأقمار الصناعية.
٢٠١٨ سيعضد نهج الاعتدال الذى أثبت جدواه وأهميته فى صدور قرار الأمم المتحدة بعدم الاعتراف بقرار ترامب وهو ما يمثل لطمة قوية للإدارة الأمريكية، نهج الاعتدال هو خارطة طريق للتعبير عن الخط السياسى للرئيس «السيسي» الذى يحظى بتأييد الجميع. وشاءت الأقدار أن تكون آخر أيام ٢٠١٧ هو الصحوة من أجل القدس وسيكون أول عام ٢٠١٨ هو عام المكافأة للشعب المصرى الصامد على أرضه المحافظ على أمنه واستقراره لذلك لا نريد اختتام عام ٢٠١٧ بالاحتقار للتوكيلات الخاصة بالسيارات العالمية أو كما يريد البعض خلق المشاكل والجدل لشق وحدة نقابة الصحفيين بدعوة توحيدها مع نقابة الإعلاميين ليكون لها نقيب واحد.
يريد عام ٢٠١٨ عام الاصطفاف وراء الرئيس «السيسى» لأن الوحدة حق والانقسام باطل والوحدة طبيعية والانقسام مصطنع، الوحدة مطلوبة اليوم أكثر من أى يوم مضى لأنها لم تعد خيارًا بل ضرورة حكمية.