السبت 22 فبراير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الربيع والتطبيع "4"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تفتيت بعض الدول العربية وإضعاف جيوشها وزرع الفتنة فى المنطقة وابتزاز ثرواتها.. لم تكن فقط الثمار التي جنتها إسرائيل من فوضى سمّتها «الربيع العربي»، لكن توغلها فى تطبيع طالما حلمت به.. كان أبرز ما جنته، بعض ضعاف النفوس الذين تحطمت نخوتهم وماتت عروبتهم أصبحوا ينظرون إلى تل أبيب على أنها واحة الأمان، وأنها الأقوى ولا بد من إعادة صياغة التعاطي مع هذه القوة، فى السودان وجدنا هرولة غير مسبوقة على التطبيع، وكذلك فى البحرين ودول أخرى، وسقنا أمثلة على ذلك فى الأسابيع الماضية، ولا أعرف سببًا لهذا السلوك الفردي من الكاتب الكويتي عبدالله الهدلق الذي أطل من إحدى الشاشات ليدعو إلى التطبيع نافيًا أن تكون إسرائيل دولة احتلال، ومؤكدًا أنها دولة مستقلة ومشروعة وعضو فى الأمم المتحدة ويعترف بها كل البلدان الديمقراطية، ثم أشاد الكاتب الكويتي بما تمتلكه إسرائيل من مراكز أبحاث وجامعات لا توجد فى الدول العربية.
أما المدعو أفيخاي أدرعي المتحدث، باسم الجيش الإسرائيلي، فيؤكد يومًا بعد الآخر أنه أحد أذرع التطبيع؛ حيث دأب على محاولة استقطاب الشباب العربي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، معتمدًا على استخدامه الهزيل للغة العربية، أفيخاي طالما رسم صورة وردية لإسرائيل، وطالما عزف على أوجاع شباب عربي يبحث عن حياة كريمة بعد أن دفن أحلامه بين ضلوعه، وطالما تحمل أيضًا أفيخاي هجوم الكثير من الشباب العربي الحر وكأنه مدرب على امتصاص غضب وحماسة الشباب العربي. منذ أيام.. طرح أدرعي فيديو له يعطي من خلاله درسًا عن التاء المربوطة فى اللغة العربية، وكتب على السبورة (إسرائيل هي منارة المنطقة التي تقف فى وجه الإرهاب وتصده) الغريب أن تفاعل بعض الشباب العربي معه كان إيجابيًا، ونال من الغالبية نقدًا وصل إلى حد السباب، لكنه اعتاد ألا ييأس ربما ينجح فى ضم محبطين جددًا من الشباب العربي الساعي لتحقيق حلمه حتى لو كان فى إسرائيل.
أفيخاي تخرج فى مدرسة «الجزيرة» القطرية التي كانت- ولا تزال- المنبر العربي الوحيد الذي قدمه وصنع نجوميته، وعلى الرغم من أن قطر اعتادت مؤخرًا تخصيص مساحة للهجوم على المطبعين مع إسرائيل سواء دولًا أو أفرادًا.. إلا أنها كانت سباقة فى الهرولة إلى الارتماء فى أحضان تل أبيب، وهذا ما وعدنا فى الأسبوع الماضي بالتوقف أمامه، ففي أكثر من منتجع إسرائيلي اشترى أمير قطر السابق حمد بن خليفة وأسرته قصورًا بملايين الدولارات، وعمليات الشراء بدأت منذ سنوات عندما بدأت (موزة) زوجة حمد ووالدة تميم فى إجراء جراحات تجميل فى مراكز طبية إسرائيلية بناء على نصيحة تسيبني ليفني وزيرة خارجية إسرائيل سابقًا.
ولم تكن علاقة حمد بن خليفة وأسرته بتسيبني ليفني هي باكورة التطبيع القطري الإسرائيلي.. فالعلاقات بدأت عام ١٩٩٤ من خلال صداقة جمعت بين حمد بن جاسم وزير خارجية قطر السابق، وشيمون بيريز رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، وكان الفاعل فى هذه الصداقة تسيبني ليفني، بعدها بعامين كان بيريز يفتتح المكتب التجاري لإسرائيل فى الدوحة، ثم كانت الزيارة الأبرز لحمد بن جاسم إلى تل أبيب عام ٢٠٠٤، وكان فى استقباله فى مطار «بن جوريون» آرئيل شارون رئيس الوزراء، وشيمون بيريز وزير الخارجية، وجاءت الزيارة فى أعقاب سخط عربي على شارون بعد اقتحامه المسجد الأقصى، وفى عام ٢٠٠٣ التقى بن جاسم سليفان شالوم وزير خارجية إسرائيل، وعرض عليه تطبيعًا كاملًا مع تل أبيب إذا كان ذلك يخدم المصالح الإسرائيلية، وفى ٢٠٠٨ أيضًا زار بن جاسم تل أبيب لتجديد عقود الشراكة مع إسرائيل فى أكثر من مجال أهمها الغاز. وفى ٢٠٠٩ كانت زيارة الحمدين (بن خليفة وبن جاسم) لتل أبيب؛ حيث التقيا إيهود أولمرت رئيس الوزراء فى ذلك الوقت، وكان بعد شهور قليلة من عملية الغاز المصبوب التي شنها جيش الاحتلال على قطاع غزة، وهي الزيارة التي صورتها القناة «الثانية» الإسرائيلية، وأبدى حمد بن خليفة اعتراضه على التصوير، ثم جاء ربيع إسرائيل مع فوضى الخريف العربي ليزداد التقارب القطري الإسرائيلي علنًا بعد أن كان سرًا، ومؤخرًا جاءت المقاطعة العربية لقطر عقابًا لها على إرهاب تأكد ضلوعها فيه.. وكانت النتيجة فرارها الفج إلى إيران كنوع من المكايدة ثم الارتماء فى أحضان إسرائيل ظنًا منها أن ذلك يحصنها من العقاب العربي.