ربما لم تشهد المملكة العربية السعودية تغيرات جذرية فى مختلف أركانها والانفتاح عن العالم قبل صعود محمد بن سلمان ولى العهد الذى يقود المملكة حاليًا بخطوات سريعة نحو مزيد من التغيرات الإصلاحية على المستوى المجتمعى لم تشهدها بلاده من قبل على مدار العقود الماضية، وهى خطوات تمضى نحو كسر مزيد من القيود والموروثات التى قامت عليها المملكة، التى كان يعتبرها الشعب السعودى مسلمات ومقدسات لا تمس ولا تناقش من الأساس من منطلق ممنوع الاقتراب أو التصوير! وربما مثّل هذا التطور فرصة لتحسين صورة الأوضاع الاجتماعية والحقوقية فى المملكة أمام العالم المتربص بالمملكة.. ولكن إرادة الأمير الشاب الصاعد محمد بن سلمان كانت أقوى من الجميع، واتخذ خطوات جريئة فتحت آفاقًا ناجحة أمام المملكة التى تعانى ربما انخفاض سعر النفط عالميًا؛ فأعلن عن خطة «رؤية ٢٠٣٠» لإحداث ثورة فى الاقتصاد السعودى بإنهاء اعتماده على النفط، وخفض الإنفاق العام بنسبة ٤٠ ٪، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، علاوة على إنشاء مدينة إعلامية سعودية ربما على غرار مدينة الإنتاج الإعلامى فى مصر وتطوير السياحة فى المملكة من خلال إطلاق مشروع سياحى ضخم على البحر الأحمر الذى يتضمن تطوير ٥٠ جزيرة لتقديم وجهة سياحية متكاملة من الآثار إلى الشواطئ البكر، وإنشاء مجمعات تتيح للنساء مزاولة النشاطات الرياضية والسماح لهن بقيادة السيارة، وخصخصة خدمات البريد، ودعم وسائل الترفيه، وانطلاق مهرجانات صيف السعودية مع سياسة الانفتاح والتغيير الثقافى قبل التغيير السياسى التى يتبناها الأمير محمد، والسعى إلى الإكثار من وسائل التسلية والترفيه، والسماح للمواطنين بالاستمتاع بوقتهم، والإعلان عن أضخم مشروع سعودى «مدينة نيوم» باستثمارات تصل إلى ٥٠٠ مليار دولار، وذلك بهدف جنى المزيد من الأرباح عبر النشاطات الترفيهية والمهرجانات الثقافية. والبدء فى تشييد قاعات سينما بعدما رفعت المملكة حظرًا ساريًا منذ أكثر من ٣٥ عامًا على دور السينما؛ حيث أعلنت الحكومة السعودية أن أول دور عرض سينمائية قد تبدأ عرض الأفلام مطلع مارس ٢٠١٨، ولأول مرة تبدو السعودية وكأنها بدأت تخرج فعليا من عباءة النفط، سواء كحكومة أو قطاع خاص، فمجتمع الأعمال الدولى بات يرى ويُعجب بمعالم الوجه الجديد للمملكة التى بدأت تتشكل وبوضوح، وهذا بالطبع سيؤدى إلى ثورة اقتصادية وثقافية فى المملكة ومزيد من الانفتاح على العالم المتقدم.
هذا وقد قام الأمير الشاب الصاعد بإجراءات مفاجئة من أجل تدشين المملكة السعودية أو مملكة الغد الجديدة، ربما تغير خريطة الخليج فيما بعد وخريطة المنطقة والتحالفات من ناحية أخرى، عندما قام بالتحفظ على أموال عشرات الأمراء والبنوك من العائلة المالكة.
وتم تغيير منظومة الحكم فى المملكة والمعروفة سابقا فى آل سعود، والتى كانت تنص على تنصيب الأخ الأكبر من أبناء الملك عبدالعزيز ومبايعة الأسرة السعودية له، وتم انحسار الملك القادم فى آل سلمان فقط، وربما من نسل محمد بن سلمان، وربما ستكون أعمار مساعديهم ووزرائهم فى سن الشباب، علاوة على بداية انهيار التحالف بين آل سعود وآل محمد عبدالوهاب، وانفضاض الشراكة التى قامت بينهما على آل سعود الحكم ولآل عبدالوهاب وأتباعهم الأمور الدينية!! لا سيما بعد ضعف وربما انهيار المذهب الوهابى عمليًا نتيجة ضعفه فكريا، وعدم قدرته على التعددية والتنوع، وكذلك تشديده على العوام وتيسيره على النخبة، وربما قد تشهد التغييرات مزيدًا من التراجع لنفوذ رجال الدين عامة فى حكم المملكة السعودية، وانحسار الصلاحيات التى كانت متاحة لهم أيام الملك فيصل وخالد بن عبدالعزيز، وربما قد تشهد التغيرات زيادة النفور بين السعودية وحلفائها وإيران وحلفائها، وميل كل طرف من الطرفين إلى إدخال الطرف الآخر فى الحروب بالوكالة، وربما محاولة كل من الطرفين كسب مصر وتركيا إلى جوارهما.. العلاقات المصرية السعودية ستظل قوية، وهى علاقات متميزة تتسم بالقوة والاستمرارية نظرًا للمكانة والقدرات الكبيرة التى يتمتع بها البلدان على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية، فالبلدان هما قطبا العلاقات والتفاعلات فى النظام الإقليمى العربى، ولا ننسى أن الملك الراحل عبدالله دعا إلى عقد مؤتمر لأشقاء وأصدقاء مصر للمانحين لمساعدتها فى تجاوز أزمتها الاقتصادية عقب ثورة يونيو.