الثلاثاء 28 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

إحنا مش أقلية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news



لم أشعر مطلقًا بالضجيج الذى يسيطر على أحاديث البعض بين الحين والآخر، ومفاده أن الأقباط فى مصر أقلية، تلك الأصوات التى يسوقها خيالها المريض إلى ركوب طائرة الأوهام التى تسير نحو مطالبة الخارج بالحماية، وغالبًا ما تزداد حدة هذه الأصوات مع المناسبات الدينية المسيحية، وتزداد أكثر لو اقترنت هذه المناسبات ببعض التفجيرات التى تستهدف الكنائس، إلا أننى دائمًا ما أتغلب على هذه الأصوات بصوت نابع من قلبي، وأسعى شأنى شأن الكثيرين من المسيحيين فى زرع هذه الروح بداخل أولادي.
من الممكن أن نشكو مثلنا مثل كثير من المصريين ضيق الحال أو لعنة الظروف أو بعض الأوضاع الاقتصادية الصعبة، إلا أننا لا نعلق شكوانا على شماعة الاضطهاد أو ننجرف وراء بعض الألسنة الخارجية، التى تجلس على مواقع التواصل الاجتماعى لتبث سمومها فى جسد مصر، أو قلة هاجرت وتركت وطنها لتعيش باقى أيام عمرها فى بلاد المهجر، بحثًا عن وطن بديل لا محل له من الإعراب، ألسنتهم وإن طالت بعض الشىء لبعض الوقت إلا أنها سوف تظل قليلة الحيلة أمام إيمان أقباط مصر بوطنهم.
عشت سنى حياتى وأنا لا أعرف معنى لكلمة التفرقة بينى وبين أهل بلدى من المسلمين، وأذكر أننى طلبت من والدى وأنا فى السادسة من عمرى أن يقوم بإطلاق اسم «حسن» على شقيقى الذى ولد توا، وحينما سألنى عن السبب، قلت له لأن صديقى الوحيد فى المدرسة اسمه «حسن»، فضحك كثيرًا، وحكى لأهل بلدتى عن رغبتي، ووقتها قال لي: الموضوع دا صعب شويه ولما تكبر هتفهم.
كما أذكر أننى ظللت لسنوات طويلة فى عملى كصحفى فن، فى العديد من المؤسسات الصحفية لا أحد يعلم، سواء من أصدقائى وزملائى ورؤسائى من الصحفيين أو مصادرى من الفنانين أننى «مسيحي»، حتى أن فنانة شهيرة اتصلت بى وهى تؤدى فريضة الحج، وقالت لى إنها دعت إلى الله أن يكتب لى أداء هذه الفريضة، ومطرب آخر لا يلقبنى سوى بالحاج عزت، وله معى موقف لا يمكن نسيانه، حيث كنا نسهر فى منزل أحد الملحنين فى ليلة من ليالى يناير، حيث البرد القارس، واقترح علينا المطرب النزول لأقرب مسجد لصلاة الفجر جماعة، وبالفعل نزلنا وركبنا سيارته، وكنت أجلس بجواره، والملحن يجلس بالخلف، وبالرغم من علمه بالحقيقة، إلا أنه لم يتفوه بكلمة حتى وصلنا أمام المسجد، ونزل المطرب والملحن ولم أنزل من السيارة، وحاول معى المطرب، إلا أننى تحججت بالبرد القارس، ووسط ضحكاتى وضحكات الملحن وإصرار المطرب ظهرت الحقيقة وضحك المطرب.
شعورى يشبه شعور كل مسيحى مصرى باستثناء قلة لا تذكر، ومواقفى تشبه مواقف الكثيرين، فقط تختلف التفاصيل، فنحن لسنا أقلية وإنما مثلنا مثل الكثير من أبناء هذه البلد نذوب فيه عشقًا وفى ترابه وأهله وتاريخه، فأنا قبطى تعنى أنا مصري.
ولعل إحساسى بما أؤمن به أصبح راسخًا للغاية بعد اللفتة الطيبة التى يحرص عليها الرئيس عبدالفتاح السيسى من خلال زيارته للكاتدرائية وتقديم التهنئة للأقباط فى احتفالات الكنيسة بأعياد الميلاد، هذا الأمر الذى لم يسبق وأن فعله أى رئيس سابق يجعلنى أثق فى قيادة بلدى وأشعر بمزيد من الفخر تجاه وطني، وأصرخ فى وجه من يحاول تعظيم كلمة «أقلية»: إحنا مش أقلية ولن نكون هكذا، فمصيرنا واحد وهدفنا أيضًا واحد، ولن ننساق مطلقًا لمن يحاول تقسيم هذا المصير وتمزيق ذلك الهدف.
كما يكفى أن بلدى مصر ستكون ملتقى الحجاج المسيحيين على مستوى العالم، بعد أن تم إدراج مسار رحلة العائلة المقدسة لمصر ببرنامج حج الفاتيكان والذى اعتمده بابا الفاتيكان خلال زيارة وزير السياحة المصرى للفاتيكان، وهى رسالة تؤكد أن أرض مصر هى أرض السلام التى قدمت الملاذ والملجأ والحماية للسيد المسيح والعائلة المقدسة، ليأتى اليوم الذى أقف فيه مع أصدقائى المسلمين لنستقبل أفواج الحجاج لبلدى العظيمة مصر.