الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

هل تبخر حلم المصريين بعودة أموالهم المنهوبة؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
استقبل المصريون إعلان الحكومة السويسرية رسميًا،  أمس الأربعاء، فك تجميد الأموال المصرية المهربة إليها، كالفاجعة، رغم أن الأمر كان متوقعًا؛ نظرًا للمماطلة التي شهدها الملف على مدار 7 أعوام تلت ثورة 25 يناير 2011، وأيضا رغم أن الجانب السويسري تعاون في بداية الأمر مع الحكومة المصرية لإعادة تلك الأموال بقرار عاجل بتجميدها لحين انتهاء محاكمات الرئيس الأسبق حسني مبارك ورجال نظامه. 
مصر، من جانبها، ردت على بيان سويسرا الرسمي ببيان آخر تتساءل فيه عن حقيقة تنصل سويسرا من تطبيق نص قانونى جديد أقرته، على نحو كان من شأنه أن يتيح لها استرداد أموالها المهربة، وتؤكد فيه أنها قدمت كل ما لديها لإثبات أن الأسماء المالكة للأموال المهربة في سويسرا حصلت عليها بطرق غير مشروعة، ضاربة المثل بأن سويسرا تعاونت مع حكومة تونس لإعادة الأموال التي هربها زين العابدين بن علي، الرئيس التونسي الأسبق الذي أسقطته الثورة الشعبية في 2011. 
أما في المرحلة الثانية، فأعلنت سويسرا رسميا، الأربعاء الماضي، بإلغاء تجميد أموال مبارك ورجال نظامه بعد 7 سنوات، وإتاحة التصرف فيها لأصحاب الحسابات الأصليين. 
بعد الثورة، كان أغلب الشعب المصري يحسب نصيبه من الأموال المصرية المهربة في 7 دول، أبرزها سويسرا وبريطانيا وهونج كونج، وبالأخص سويسرا، التي تحتفظ بنوكها بالنصيب الأكبر من هذه الأموال (وصل إلى 430 فرانكا سويسريا).
كان المواطنون يقسمون في خيالهم المبلغ على عدد أفراد الشعب، ممنين أنفسهم بعودتها ثم توزيعها عليهم، لكن أحدا لم يضع في حسبانه ضياع الحلم بعودة الأموال أيا كان مصيرها بعد ذلك: توزيعها على المواطنين، أو إدخالها إلى خزينة الدولة لإنعاش الاقتصاد وحل الأزمة المالية التي تواجه البلاد. 
ويمكن القول إنه حتى الحكومة لم تكن تعلم أن الفشل سيكون مصير 11 لجنة شكلتها، وبرئاسة النائب العام، لإعادة تلك الأموال، الفشل طال كل مراحل عمل اللجان، رغم ملايين الجنيهات التي أنفقتها على اجتماعاتها ومكافآت العاملين وبدل سفرياتهم إلى سويسرا لإجراء المفاوضات اللازمة لإعادة الأموال. 
نقول: إن الحكومة المصرية ربما لم تكن تعلم هذا المصير، لأن نظيرتها السويسرية لم تتأخر في تجميد الأموال بمجرد أن طلبت مصر ذلك، وظلت سويسرا تجدد قرار التجميد سنة بعد سنة، مانحة الحكومة المصرية فرصة لإثبات أحقيتها في الحصول على تلك الأموال.
غير أن سويسرا، على الجانب الآخر، وضعت شروطا بالغة التعقيد لتسليم المصريين أموالهم، أهمها إصدار أحكام نهائية وباتة بأن مبارك ورجاله حصلوا على هذه الأموال بطريقة غير مشروعة، فضلا عن بيان موعد وكيفية تحويلها إلى البنوك، وهو ما لم يحدث، بل إن أحكام البراءات ظلت تترى على مبارك ونجليه علاء وجمال وعدد من رموز النظام. 
السبب الثاني لضياع أموال المصريين، هو اتجاه الحكومة المصرية إلى التصالح مع المتهمين بالكسب غير المشروع والفساد المالي، بحيث يعيدوا ما حصلوا عليه من أموال بطرق غير مشروعة مقابل انقضاء الدعوى الجنائية عنهم، وهذا ما أبلغت به سويسرا الجهات المسئولة عن الملف في مصر، وبالأخص النيابة العامة. 
وهكذا، بعد 7 سنوات من محاولات إحياء الأمل، أعلنت الحكومة السويسرية، على مرحلتين، وقف التعاون القضائي مع مصر، متعللة في المرحلة الأولى بعدم وجود ما يفيد تورط الأشخاص المطلوبة إعادة أموالهم وهم محل تحقيقات جنائية مصرية، وعدم تحديد الرابط بين الجرائم محل التحقيق في مصر بسويسرا، وبأن وزارة العدل السويسرية أرسلت طلبات المساعدة القضائية المصرية الأخرى الخاصة بكل من سوزان ثابت، وعلاء مبارك، وهايدى راسخ، وجمال مبارك، وأحمد عز، وخديجة أحمد كامل ياسين، وعلاء محمد فوزى على سلامة، وشاهيناز عبد العزيز عبد الوهاب النجار، وأحمد أحمد عز، وزهير محمد وحيد جرانه، إلى النيابة العامة السويسرية لتنفيذها، غير أن العناصر اللازمة لتنفيذ تلك الطلبات، لم تتحقق خاصة بعد صدور أحكام نهائية بالبراءة ولتقادم بعض الدعاوى. 
والآن، لم نعد نملك إلا أن ننتظر، خلال الأيام المقبلة، موقف مصر من تعنت سويسرا، والإجراءات القانونية الدولية التي ستتخذها الحكومة دفاعا عن حق الدولة وشعبها في الأموال المنهوبة، وما يمكن فعله لإعادة إحياء الحلم بالحصول عليها، خاصة أن الدولة في حاجة شديدة لإنعاش اقتصادها، أما أنا فأرى أن المفاوضات الودية هي أول الحلول، وآخرها اللجوء للتصعيد من خلال مجلس الأمن أو محكمة العدل الدولية، وهو ما يعتقده فقهاء القانون كبدائل مطروحة أمام الحكومة في هذه الحالة.