جلس تمثال الشمع ممسوخ الوجه فاقد الإحساس ليوقع وثيقته بأن القدس عاصمة إسرائيل.. بكى منا من بكى، وسب ولعن آخرون، وخرج البعض إلى الساحات والميادين لحرق علم الصهاينة وأربابهم الأمريكان، وكأن العرب تفاجأوا بهذا التوقيع!!.. وكأننا لم نر المستوطنات التى تبنى كل يوم، والحصار المفروض على القدس وأهله!!.. لماذا المفاجأة؟ّ!.. ونحن جميعا نعلم أن أرض فلسطين مغتصبة، ومحتلة من العصابات الصهيونية الممولة من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والعديد من دول العالم الكارهة للعرب.. ربما صدّق هؤلاء أننا نعيش سلاما حقيقيا مع الصهاينة، وتغافلوا أن كل نكبات الأمة وكوارثها صناعة صهيونية بجدارة، وأن الغفلة والجهل يأكلان فى جسد الأمة العربية بلا هوادة.. خرجت المظاهرات المنددة، سيدات ورجال يصرخون وينادون بحقنا فى القدس، ويرفعون الرايات بشعارات مؤثرة، وصور ترامب ونتنياهو وعلى رأسهم الأحذية، ردا لكرامتنا المهدرة، والصفعات المتوالية على وجوهنا منذ مائة سنة، مع كل مستوطنة تبنى أو مصنع أو مدرسة أو معبد داخل الكيان الصهيونى على أرض فلسطين المغتصبة.. لقد تعودنا الصفعات حتى باتت أمرا طبيعيا!!.. ويخرج بعضنا مع كل أزمة نمر بها ليقول على أى من كارهينا عبارة.. وكأن ما نحن فيه ليس من صنع أيديهم، وبفعل مخططاتهم التى وضعوها منذ عشرات السنين، حتى وصلنا لهذا التناحر والتفكك والتغييب، الذى جعل العرب يقتلون أنفسهم بأنفسهم!!.. علينا أن نعترف بهزيمتنا أمام هذا الكيان المغتصب حتى نستطيع استعادة ما سلب منا.. علينا أن نعلم أن هذه الأمة الممزقة بفعل الجهل، أعطاها الله جميع الخيرات، بداية من الموقع والمساحة، والثروات الزراعية والحيوانية والمعدنية، والبترول والغاز وحتى الرمال.. ولم نصن نعم الله ونتعاون ولو من باب المصلحة الذاتية، وخاصة أننا خلقنا مهيأون للوحدة، بأرض ولغة وتاريخ، ومستقبل لا يستقيم إلا بوحدتنا وقوتنا مجتمعة.. فى حين أن العصابات الصهيونية جمّعت شتاتها من بقاع الأرض كلها، ولكنهم توحدوا وراء حلمهم وهدفهم الأوحد، فاستطاعوا بالعمل والدأب وحسن التخطيط والإدارة فرض وجودهم على العالم أجمع، وهو ما أسماه بوش الابن «شرعية الأمر الواقع».. ولكن فى الواقع شرعيتهم باطلة، وكما يقول الإمام على بن أبى طالب: «حين سكت أهل الحق عن الباطل.. توهم أهل الباطل أنهم على حق».. فالحق دوما أبقى، ولكن إذا استيقظنا من غفلتنا، وسارعنا فى إنهاء ما يحيطنا من حروب ومشكلات، لاستعادة البناء واستغلال عناصر القوة التى تكف أيدى الأعداء عنا.. علينا أن نبدأ بالعلم والمعرفة، بدراسة التاريخ بدهاليزه وخباياه، بكل خيره وشره لنعرف ونتعلم.. ويجب ألا ننتظر محو الأمية وإصلاح منظومة التعليم والمناهج، والعديد من المشكلات التى تقف كحائط صد أمام تقدمنا.. وأعاود تكرار أن المعرفة لها سبل عدة بخلاف دور وزارة التربية والتعليم، وأهم السبل الثقافة السمعية والبصرية، التى تستطيع تغيير السلوك العام وتنمية المعرفة وتوسيع الإدراك فى فترة وجيزة.. ولنا فيما فعله الإعلامى/توفيق عكاشة- شفاه الله- أسوة حسنة، فقد قام بدور كبير فى التوعية بما يحيطنا من مؤامرات بصورة مبسطة تصل للجميع، لتصويب فكر العديد ممن فتنتهم ثورات «الفوضى الخلاقة»، والتى استهدفت خلق واقع جديد بإعادة رسم خريطة المنطقة العربية بما يخدم الصهيونية العالمية.. نحن نعيش فترة من أقسى الفترات التى مرت على هذه الأمة الغافلة، التى استكانت واستهانت بالعدو الذى لا تغفل عيناه ولا تنام عن الدراسة والبحث فى عظائم الأمور وتوافهها.. هم يدرسون تاريخنا ويستفيدون منه، ونحن منشغلون بالتآمر وقتل بعضنا بعضا.. أزمة القدس ليست جديدة وتوقيع ترامب كما يقول المثل الشعبى «يبله ويشرب ميته».. ونرد عليه بأنكم والصهاينة مغتصبون ومعتدون ومحتلون، ومهما طال أمد الاحتلال فهو إلى زوال.. علينا كشعوب أن نعلن العداء لهم، ونترك اتفاقيات السلام والحلول السياسية والدبلوماسية لقادة الدول والحكومات فهم لها.. وقد أصاب رئيس كوريا الشمالية فى تعقيبه عن نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس وإعلانها عاصمة لإسرائيل، حيث قال: «لا توجد دولة اسمها إسرائيل لتكون القدس عاصمة لها».. ونحن نردد معه العبارة نفسها «لا توجد دولة اسمها إسرائيل، بل عصابات صهيونية مغتصبة لأرض فلسطين.. والقدس أسير ينتظر التحرير».. وكما يقول شاعر العرب العراقى/محمد مهدى الجواهرى فى قصيدته «على فلسطين الدامية»: «يا أمةً لخصوم ضدها احتكمت.. كيف ارتضيتِ خصيمًا ظالمًا حكما».. ويقول أيضا: «سلى الحوادثَ والتاريخَ هل عرفا.. حقا ورأيًا بغير القوةِ احتُرما.. لا تطلُبى من يد الجبار مرحمةً.. ضعى على هامةٍ جبارةٍ قدما».
آراء حرة
اغتصاب علني بشرعية مخبول
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق