الإثنين 18 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

القدس اليوم وغدًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الوحدة حق والانقسام باطل، الوحدة قاعدة والانقسام استثناء، الوحدة طبيعة والانقسام مصطنع وعلى العرب أن يختاروا. إما الحق والقاعدة والطبيعى، وإما الباطل والاستثناء والمصطنع الخياران متاحان، وأكثر من ذلك.
خضعنا للاختيار فرأينا ثمن كل خيار.
فالانقسام كان ثمنه اعتراف ترامب بأن القدس عاصمة لإسرائيل.
الاستثناء كان ثمنه الإرهاب المنتشر.
الانقسام المصطنع جعل التوتر والخلافات قائمة بين الدول العربية.
إذا الوحدة مطلوبة والمصالحة بين الدول العربية، ولكن أى وحدة! 
وحدة الحفاظ على المقدسات وإنقاذ ما يمكن إنقاذه للأمن القومى العربي.
ولا نكون أمة بائسة مهلهلة لم تترك أى حرج لترامب ليدوس على مقدساتها، ولم يحسب لرد فعلها أى حساب، أو حتى للقانون الدولي. 
استقبل بالحفاوة والهدايا الثمينة وحصل على المليارات ولم يقدم مقابلا كل ما استحوذ عليه سوى بعض التصريحات ضد إيران، ولم يستطع أن يتراجع عن الاتفاق النووى الأمريكى ـ الإيراني. 
وعلى عكس ما يعتقد الجميع فإن العلاقات الأمريكية الإيرانية فى أحسن حالاتها.
لا نريد وحدة اللقاءات الشفوية، التى تغمرها المجاملات وينتهى مفعولها عند الإدلاء بالتصريحات.
هل وحدة ردة الفعل على موقف معين!
بالتأكيد لا... فالوحدة المطلوبة على الاستراتيجيات والخطط، واتخاذ قرارات مؤثرة يستعاد بها الحقوق وتهدد المصالح الأمريكية بشكل مباشر. 
وهذه الوحدة يجب أن تضم جميع الدول أو حتى على الأقل الدول التى تقف علي قدميها.. مصر، السعودية، دول الخليج، الجزائر، المغرب، تونس ولبنان، وهى الدول التى تستطيع أن تتخذ موقفًا مؤثرًا ضد أمريكا، خصوصًا أن أوروبا كلها ضد هذا القرار، بل إن فى أمريكا ذاتها من يقف ضد وعد ترامب. المستحيل لا بد أن يتحقق، بأن نحول قرار بلفور الجديد أو وعد ترامب من الاستسلام إلى المجابهة، ومن الهزيمة إلى النصر باستغلال ردود الفعل الغاضبة فى جميع أنحاء العالم الإسلامى والعالم الحر. هناك اختراع يعرفه العالم العربى يسمى «الدبلوماسية النشطة»، التى تملكها كثير من الدول العربية وعلى رأسها السعودية.
والتى بدورها تستطيع تنشيط هذه الدبلوماسية عندما تريد؟
على أساس أن هناك قبولًا إسلاميًا وعالميًا لاتخاذ مواقف إيجابية لصالح القضية الفلسطينية، علي خلفية أن ترامب تحدى القانون الدولى ضاربًا بالاتفاقيات الدولية عرض الحائط (من لا يملك أعطى من لا يستحق).
الوحدة يجب أن تتفق على مسألة الإحجام المالى الذى يتدفق من دول الخليج على أمريكا، أو حتى التلويح به فى أضعف الحالات.
أيها العرب لا تكتفوا بالشجب والإدانة، أمس القدس والاعتراف بها عاصمة للعدو الصهيوني، لا نعرف ماذا سيعطى ترامب لإسرائيل اليوم أو غدًا.
لم تعد المواربة السياسية تنفع ولم يعد الكلام المنمق يجدى ولم يعد بيع الكلام يفيد لشراء التفاؤل.
ترامب نسف عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل بقراره القدس عاصمة لإسرائيل. 
عملية السلام أصبحت فى الحضيض، ومن يدعى العكس يثبت ذلك. القدس مدينة لجميع الأديان، تغير صفاتها والاعتراف بأنها عاصمة إسرائيل انتهاك لقرارات الأمم المتحدة وعملية السلام، وأى تحرك عربى لمجابهة قرار ترامب لا بد أن تكون وراءه قوة كبيرة، واتخاذ العرب مواقف لا تخطر على بال أحد.
ويلاحظ حتى نتعظ أن تشابك العلاقات بين أمريكا والسعودية لم يحد من سياسات أمريكا العدوانية، أو حتى يؤجل قرار أن القدس عاصمة إسرائيل، كما فعل رؤساء أمريكا السابقون.
يوم الأربعاء الماضى، يوم حزين، للقانون الدولى والحقوق الإنسانية وللتاريخ والعرب والمسلمين، لأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يمثل صفعة لسبعة عقود من السياسة الأمريكية.
قضية القدس من القضايا المهمة للتوصل لحل المشاكل القائمة بين العرب وإسرائيل، ولطالما كانت هذه القضية تؤجل مناقشة وضعها خلال أى مفاوضات بسبب الحساسية البالغة التى تدور حول وضعها النهائي.
القدس تعتبر فى صميم الهوية الفلسطينية المسلمة والمسيحية.
قرار ترامب يضفى الشرعية بأثر رجعى على الاحتلال الإسرائيلى للقدس الشرقية التى تم احتلالها إبان حرب ٦٧. لذلك فإن القدس الشرقية معترف بها دوليًا بأنها تحت الاحتلال الإسرائيلي.
الميزة الوحيدة لقرار ترامب أنه وحد العالم كله ضده، ومن بينهم حلفاؤه المقربون.
إضافة إلى ذلك أن أمريكا بعد هذا القرار أصبحت غير مؤهلة للقيام بأى دور فى عملية السلام بين العرب وإسرائيل.
كل هذه التصرفات الأمريكية المنحازة جعلت المنطقة بيئة خصبة للإرهاب (والبركة فى ترامب وقراره). 
وربما يكون هذا القرار مقصودًا لنشر الإرهاب، وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار. ويرجح أن يكون هذا القرار تعطيلًا لبعض سياسات السعودية التى كانت وسيطا بين الفلسطينيين وجاريد كوشنر صهر ترامب وكبير مستشاريه.
إن وضع القدس لطالما كان ينظر إليه على أنه قنبلة موقوتة إلا أن الخوف الآن بأن ترامب قد أزاح الفتيل عنها واستبق اتفاقيات أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين التى تنص على أن يتم تحديد مصير القدس فى إطار مفاوضات الحل النهائي. 
فى هذه الأجواء التى نعيشها كل شيء وارد من ترامب، مقابل أن يثبت أقدامه فى البيت الأبيض، على حساب العرب والقضية الفلسطينية. 
وكما هى عادة الجماعة الإرهابية فإنها أرادت أن تستغل غضب الشارع المصرى ببث الشائعات والأكاذيب وخلط الأوراق واستغلال الشاشات فى عرض أفلام التحريض على الدولة المصرية، غير مبالين بخطورة ما يجري، ولكن همهم الأكبر هو عدم الاستقرار وتقويض الدولة المصرية.
وفى هذا الإطار قاموا بإلقاء كرات أسمنتية مثبت بها مسامير حادة أمام السيارات بهدف تفجير إطارات السيارات لتعطيل المرور، وتحريضهم على قوات الشرطة. 
كل ذلك جرى عقب صلاة الجمعة الماضية، وهو ما تنبه إليه الناس وكذلك قوات الشرطة التى قامت بإلقاء القبض على بعض المحرضين الذين ينتمون للجماعة الإرهابية. والرأى العام والعربى أن مصر قادرة على استدعاء الجميع، وحثهم على الوحدة بعيدًا عن الحسابات الضيقة والمصالح الخاصة.
وحدة المواقف العربية مطلوبة أكثر من أى وقت مضى، لأنها لم تعد خيارًا بل باتت ضرورة حتمية وأى تأخير فى تحقيقها هو ضياع للحاضر وربما للمستقبل.