الفرحة العارمة التى شهدتها إسرائيل أمس حكومة وشعبا بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل لم تكن مباغتة، ولكنها أتت بعد عمل طويل على مدار عامين من ضغط اللوبي الصهيوني فى أمريكا على ترامب منذ مساندته فى الفوز بالحزب الجمهوري للوصول إلى سباق الرئاسة الأمريكية، ومن ثم الفوز بها، وقد أعلن منذ الوهلة الأولى نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس، وبعد تنصيبه انتظرت الحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو أن يفي بوعده فبادرت بدعوته لزيارة إسرائيل فى احتفالات ما سُمي بـ"إقامة الدولة" فى شهر مايو ليعلن خلالها هذا الاعتراف.
ورغم أن ترامب زار المنطقة فى 22 مايو إلا أنه فضّل التأجيل حتى يتكسب سياسيا واقتصاديا من المنطقة العربية المشتعلة، ووعد نتنياهو بأنه لن يمر العام الأول من توليه الإدارة الأمريكية إلا ويعلن نقل السفارة إلى القدس والاعتراف بإسرائيل وهو ما تم بالفعل.
ورغم أن ترامب زار المنطقة فى 22 مايو إلا أنه فضّل التأجيل حتى يتكسب سياسيا واقتصاديا من المنطقة العربية المشتعلة، ووعد نتنياهو بأنه لن يمر العام الأول من توليه الإدارة الأمريكية إلا ويعلن نقل السفارة إلى القدس والاعتراف بإسرائيل وهو ما تم بالفعل.
ولكن المضحك أن حاخامات إسرائيل بادورا بالقول أن ترامب حقق تنبؤات الأنبياء بأن القدس عاصمة لإسرائيل، وفعل ما لن تنساه الأجيال له، وكذلك صرح نتنياهو عقب الإعلان بأن ترامب صنع تاريخا مماثلا لبلفور وهو يعلم جيدا أنه تاريخ مزيف، ولكن كما تم البناء على الوعد المزيف لبلفور ودفع العرب ثمن هذا الوعد غاليا من الدماء والتضحيات، فإن هذا الاعتراف المشئوم سيمثل حلقة مهمة فى صنع تاريخ جديد مزيف للقدس، وذلك بحث الدول الأوروبية من خلال سياسة العصا والجزرة بأن تحذو حذو المارد الأكبر أمريكا فى نقل سفارتها إلى القدس حتى تشرعن هذا الاحتلال للمدينة وتمحو قررات مجلس الأمن بخصوصها، معتمدة فى ذلك على اللوبي القوي لها فى أمريكا وروسيا وعلاقاتها الاقتصادية مع الصين، وبمرور السنين يظل الحديث عن مسجد وقبة صخرة للمسلمين فقط، ورغم الدراسات الأمريكية والإسرائيلية لقياس ردود الفعل العربية التى يعلمونها جيدا، إلا أنهم تناسوا أن القدس لا تخص العرب فقط، فهناك الملايين من المسلمين ومسيحي الشرق فى كل دولة تهمهم القدس لما بها من مقدسات لا يمكن أن يتناسوها أو يفرطوا فيها مهما بلغ الأمر، فكما غامرت إسرائيل من أجل الباطل، فعليها إدراك أن تضحيات العرب من أجل الحق لتحرير الأرض المقدسة ستكون أكثر بكثير.
وعلى الفلسطينيين أولا أن يجعلوا القدس نُصب أعينهم وهدف توحيد صفوفهم، ومن ثم الأمة العربية والإسلامية، ويستغلوا بجانب الأوراق الدبلوماسية وغيرها سلاح العلم والبحث فى فهم العقلية الإسرائيلية، ويتخذوا مع الحركات اليهودية والشخصيات الإسرائيلية الرافضة لمثل هذه الخطوة الطريق لوقف المخطط الذى بدأه ترامب.