تعقد "لجنة مبادرة السلام العربية" اجتماعًا طارئًا لها يوم السبت المقبل، بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية للدول الأعضاء باللجنة برئاسة المملكة الأردنية الهاشمية، وذلك للنظر في التطورات الخاصة بالقدس في ضوء اعتزام الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي .
وتضم لجنة مبادرة السلام العربية كلا من: الأردن (رئيسا) وعضوية مصر والبحرين وتونس والجزائر والسعودية والسودان والعراق وفلسطين وقطر ولبنان والمغرب واليمن وسوريا (المجمدة عضويتها) إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية.
وتشكلت لجنة مبادرة السلام العربية بقرار من القمة العربية الأخيرة في البحر الميت بالمملكة الأردنية الهاشمية التي عقدت في 29 مارس الماضي.
يأتي اجتماع لجنة مبادرة السلام العربية قبيل الاجتماع غير العادي لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب يوم السبت المقبل للنظر في تداعيات الخطوة الأمريكية بشأن القدس.
وقال السفير سعيد أبو علي الأمين العام المساعد رئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة العربية في تصريحات للصحفيين اليوم الأربعاء: إن اجتماعي وزراء الخارجية العرب الطارئ ولجنة مبادرة السلام العربية يأتيان في ضوء الإنشغال العربي بمتابعة المستجدات بشأن اعتزام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإعلان عن القدس عاصمة لدولة الإحتلال الإسرائيلي ونقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس.
وأكد "أبوعلي" أن تلك الاجتماعات تكتسب أهمية في ضوء الأحداث بالغة الخطورة وتداعيتها المختلفة بما تمثله من اعتداء جسيم على حقوق الشعب الفلسطيني وعلى حقوق العرب والمسلمين والمسيحيين باعتبار أن هذا الموقف الأمريكي هو انحياز أعمى إلى "احتكارية صهيونية إسرائيلية يهودية" لإرث إسلامي مسيحي للمقدسات.
وأضاف أبوعلي أن هذا الموقف يمثل اعتداء على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني والأمة العربية وانتهاكا جسيما غير مسبوق للمواثيق الدولية وقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي خاصة وأن من يقوم بهذا الانتهاك هي دولة دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي .
وقال "أبوعلي" إن الولايات المتحدة الأمريكية دولة كبرى من المفترض أن يكون لها دور لتعزيز وحماية السلم والأمن الإقليمي والدولي والاستقرار في العالم وليس الإقدام على خطوات رعناء تسهم بصورة مباشرة وجدية في تقويض أسس السلام والاستقرار في المنطقة بأسرها وما يمثله من انعكاسات على العالم بأسره وذلك نظرا للمكانة الروحية والرمزية الكبيرة للقدس بالنسبة للديانات.
وأكد "أبوعلي" أن تلك الخطوة الأمريكية غير المسبوقة تتناقض مع سياسات الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ عام 1995 ، كما تتناقض وتنتهك أيضا الاتفاقيات التعاقدية بما فيها اتفاقية أوسلو التي نصت على أن تكون القدس أحد موضوعات التفاوض النهائي ومنع التصرف الأحادي في موضوع القدس مثل باقي الموضوعات الأخرى.
وردا على سؤال حول عناصر التحرك العربي التي سيتم تدارسها خلال الاجتماعات الوزارية يوم السبت المقبل في ضوء قرار القمة العربية في عمّان 1980 بقطع العلاقات الدبلوماسية مع أي دولة تقوم بنقل سفارتها إلى القدس؟، قال السفير سعيد أبوعلي إن "هذه الأمور سيتم تدارسها خلال اجتماعات السبت المقبل ولكن العناوين الرئيسية التي سيتم مناقشتها هو ما يخدم الموقف العربي الرافض بشدة للخطوة الأمريكية والذي طالب بعدم الإقدام عليها .
وأضاف"أبوعلي" إن الإدارة الأمريكية تضرب بعرض الحائط بكل هذه التحذيرات العربية والمطالبات والمناشدات والحقوق العربية خاصة وأن القدس بالنسبة للأمة جمعاء هي خط أحمر ولا تهاون بشأنها ، مشيرا في هذا الشأن إلى أن إغلاق إسرائيل للمسجد الأقصى منذ عدة شهور أدى إلى هبّة فلسطينية وعربية كبيرة للتصدي لهذا الإجراء الإسرائيلي.
وتابع أبوعلي":" هذا الإجراء الأمريكي الخطير لا يمكن أن يقاس بالخطوة الإسرائيلية السابقة من حيث الخطورة والتبعات والانعكاسات "، مشيرا إلى أن هذا الأمر سيؤدي إلى مواقف وسياسات وتحركات جوهرها هو مراجعة العلاقات العربية مع الولايات المتحدة الأمريكية وبلورة الصيغ التي تبطل مفاعيل الإجراءات الأمريكية بشأن القدس من كل النواحي السياسية والقانونية من خلال اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي والمنظمات الدولية وحشد الجهود الدولية الواسعة النطاق الرافضة لهذه الخطوة الأمريكية والتي عبرت عن رفضها واعتراضها على الخطوة الأمريكية مع تحذيرها في الوقت نفسه من تداعياتها الخطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وردا على سؤال عما إذا كانت الدول العربية ستعيد النظر في مبادرة السلام العربية التي طرحتها عام 2002 ؟ ، قال "أبوعلي" إن الدول العربية مؤمنة بتحقيق السلام ولكن هذه الخطوة الأمريكية تقوّض أسس السلام وتستبق نتائج المفاوضات وتنتزع حقا جوهريا من حقوق الشعب الفلسطيني "، وتساءل: عن معنى قيام دولة فلسطينية أو حل الدولتين بمصادرة الحق الفلسطيني مسبقا في القدس؟،وأجاب :" إذن لا معنى لقيام دولة فلسطينية بدون القدس ولا إمكانية للحديث عن عملية سلام جادة في ضوء هذه الخطوة الأمريكية التي تقوّض من دور الإدارة الأمريكية في عملية السلام الممكنة سواء كان أساسها هو مبادرة السلام العربية التي مازال العرب مؤمنين بها أو قرارات الشرعية الدولية".
وأكد "أبو علي" أن الإدارة الأمريكية تجاوزت وانتهكت كل ذلك ووضعت نفسها في نفس الخندق الإسرائيلي المعادي .
وشدد على أن الإدارة الأمريكية بهذه الخطوة تقوم بهجوم سياسي ضد حقوق الشعب الفلسطيني والأمة العربية جميعا وتسهم في قلب المشهد السياسي الراهن رأسا على عقب"، مضيفا "إننا أمام وضع جديد ".