«جمعة»: «كان نفسى أتعلم والناس تقولى يا بشمهندس»
لم يشتك ضيق الحال وكرب الدنيا، أو ينتظر تكوين رأس المال ليفتتح مشروعًا عملاقًا، فى أحد الشوارع الرئيسية بمنطقة بين السرايات قرر «جمعة» الشاب الثلاثينى العمر أن يفتتح ورشته الصغيرة على أحد أرصفة الشارع بجانب مركز الشباب الرياضي، حيث تقف السيارات فى طابور طويل أمام ورشته، «جمعة» معروف للجميع من خلال ورشته الصغيرة بأنه صاحب حرفة وخبرة كبيرة فى إصلاح إطارات وكهرباء ونظم التهوية وعلاج تلفيات وإصابات عجلات الكاوتش الخاصة بالسيارات.
يتحدث «جمعة» «للبوابة» عن عمله وكفاحه فى سنواته الأولى وتعلمه لتلك المهنة الشاقة التى بدأت منذ كان فى العاشرة من عمره حيث كان يذهب للمدرسة صباحًا كل يوم وكان مجتهدًا محبًا للتعليم، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، ففى أحد الأيام وأثناء عمل والده فى مهنة «السباكة» انزلقت قدمه وسقط من الدور السابع جثة هامدة وتوفى على الفور، وترك زوجته وابنتيه لابنه جمعة الذى أصبح منذ تلك اللحظة رجل «البيت» الذى يتولى أمرهم ويرعى كافّة شئونهم، وقرر «جمعة» على الفور ترك المدرسة والذهاب لتعلم صنعة يدوية لتدر له دخلًا يكفى لمعيشة أسرته، وقد عانى فى الفترة الأولى وتعرض لكثير من الصعاب ولكن المسئولية جعلت منه رجلًا وهو فى سن صغيرة، وبعد سنين من عمله فى ورش الكاوتش وإصلاح السيارات قرر أن يفتتح ورشته الخاصة حتى يتخلص من جشع أصحاب الورش فى تلقيه أجرًا زهيدًا لا يتناسب مع مجهوده.
يقول: «ربنا كرمنى وفتحت الورشة الصغيرة دى لأن مكنش معايا فلوس كتير علشان أقدر أشترى ورشة كبيرة، وأى نعم يا بيه الورشة متر فى متر لكن الحمد لله الرزق واسع ومش ملاحق على الزباين وده بفضل دعاء أمى وأخواتى البنات» وتابع: «تعبى وأنا صغير مرحش هدر كنت بعيط كل يوم بليل وأقول ياربى أنا كنت نفسى أتعلم واطلع مهندس لكن اختارت لى حاجه تانية بس الحمد لله على كل شيء وبرضو كل الناس بتنادى عليا وأنا شغال فى الورشة وتقولى يا باش مهندس».
