بأى ذنب قتلوا المصلين المصريين وفجروا مسجد الروضة بشمال سيناء فى عملية إرهابية تعد هى الأبشع والأضخم والأكثر خسائر فى الأرواح، والتى وصلت إلى أكثر من ٣٠٠ شهيد وأكثر من ٢٠٠ مصاب فى الحادث الأليم، لتستمر الأحزان قبل أن تجف دموع حادث الوحات الإرهابى الغادر، الذى راح ضحيته عدد من ضباط الشرطة، وكأن هذا قدرهم وهم يحمون أرض الوطن من خفافيش الظلال وحلفاء الشيطان والإرهابيين الذين ليس لهم دين ولا ملة!
ولكن أمراَ لافتاَ ثار قبل الحادث على شبكات التواصل الاجتماعى، عندما كتبت فتاة على صفحتها موعد تنفيذ هذه الجريمة الشنعاء بـ٤ أيام فى مسجد الروضة، وقد حدثت الجريمة فعلا، وهذا يؤكد ضرورة ضبط شبكات التواصل الاجتماعى لخطورتها على المجتمع.
فالبيانات الشخصية والدقيقة أصبحت متاحة ومكشوفة على المشاع، بل إن حياة الأشخاص أصبحت موثقة عبر حساباتهم على شبكة التواصل الاجتماعى، وكل ما يفكر به الفرد ويكتبه ويشاركه مع أصدقائه أو الصفحات التى يشترك فيها أصبح محل نقاش جماعى من كل أصدقائه، وأصبحت شركات الشبكات الاجتماعية تمتلك قواعد بيانات كاملة عن أدق تفاصيل حياة مشتركيها.
وبعض تطبيقات الهواتف النقالة الذكية المستخدمة للتواصل الاجتماعى، مثل: واتس آب وفايبر ولين وتشات.. تتطلب إذنًا من المستخدم للولوج إلى جميع البيانات الشخصية الخاصة بالأرقام الموجودة على هاتفه المحمول.
بل تم تطوير تطبيقات فى ظاهرها ألعاب الترفيه والتسلية، وفى حقيقتها برامج للتجسس وجمع المعلومات. وكشف تقرير نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية، عن أن وكالة الأمن القومى الأمريكى «ناسا» تقوم بتطوير تقنيات تسمح لها باستغلال تطبيقات الهواتف الذكية للوصول إلى معلومات خاصة بالمستخدمين، ومن أبرز هذه التطبيقات وأكثرها انتشارًا تطبيق «الطيور الغاضبة»، وهى لعبة ذائعة الصيت على الأجهزة المحمولة واللوحية.
ويرى البعض أن الجيل القادم من شبكات التواصل سيكون لصالح الأفراد أكثر من الدول؛ حيث كشفت تسريبات «سنودن» الدور الذى لعبته الحكومة الأمريكية فى التجسس على عدد كبير من الأفراد حول العالم، وليس داخل أمريكا فقط، بالإضافة إلى البرامج الحكومية المتخصصة فى مراقبة الشبكات الاجتماعية، خاصة بعد الدور الذى لعبته مواقع التواصل الاجتماعى خلال ثورات ما تسمى بـ«الربيع العربى»، وسعيها لمراقبة ما يسمون أنفسهم «الناشطين السياسيين»، فضلا عن قيام بعض الدول بإنشاء كتائب إلكترونية وظيفتها بث رسائل وأفكارًا تخدم نظمها السياسية عبر الشبكات الاجتماعية؛ فالدول لن تتهاون فى أمنها القومى؛ خاصة بعد أن أصبحت الشبكات الاجتماعية مصدر تهديد لها، وهو ما سيضعها فى صدام إلكترونى مع مختلف مستخدمى الشبكات الاجتماعية.
ولعل من أبرز الملامح الرئيسية التى تميز بها الجيل الجديد من الشبكات الاجتماعية، هو تزايد وجود الحركات الإرهابية عليها التى تستخدم كأداة إعلامية وتجنيدية فى التوقيت نفسه، من خلال بث أفكارها وأخبارها عبر الشبكات الاجتماعية، وهو ما اعتمدت عليه مثلا «داعش» فى خلق صورة ذهنية لها لدى الرأى العام العراقى والدولى، مثلا من خلال عرض صور لمجازر إنسانية ارتكبتها، مما سهل عليها دخول بعض المناطق الجغرافية دون مقاومة تذكر بسبب الانطباع الذى تم ترسيخه عنها من خلال الشبكات الاجتماعية!
حيث تستخدم الحركات الإرهابية الشبكات الاجتماعية عادة للتنقيب عن المعلومات، والحصول على التمويل والتبرعات وعملية التجنيد والحشد لأتباعها، وكذلك لتحقيق الترابط التنظيمى بين الجماعات داخلها وتبادل المعلومات والأفكار والمقترحات والمعلومات الميدانية، حول كيفية إصابة الهدف واختراقه وكيفية صنع المتفجرات والتخطيط والتنسيق للعمل الإرهابى!.